مسلسل لوست Lost هو مسلسل أمريكي إبداع جاي جاي أبامز وعرض لأول مرة في 2004م، وفي زمن قياسي حقق هذا المسلسل شعبية طاغية في أرجاء العالم، وصارت المواد المتعلقة به هي الأكثر مشاهدة على الإنترنت، بجانب إنه يعد المنافس الأقوى وربما الوحيد لمسلسل بريزون بريك Prison Break، فما الذي تميز به هذا المسلسل فكفل له كل هذا النجاح؟، ودفع البعض لاعتباره أسطورة درامية والأول من نوعه؟
سر تميز مسلسل لوست الأمريكي :
أجمع النقاد إن مسلسل لوست من الأعمال جيدة الصنع، وهو في ذلك يتشابه مع العديد من المسلسلات الناجحة، أما ما جعل منه أسطورة فهو بنية القصة وطبيعة الشخصيات وأسلوب السرد، وذلك على النحو التالي:
جامع الثيمات المختلفة :
أول العوامل التي كفلت لـ مسلسل لوست النجاح والتفوق، هو إن صناع قد تمكنوا وببراعة فائقة من إرضاء مختلف الأذواق، فإن الأعمال الفنية التي تقدم للتفلزيون ، فإنها تصنف تبعاً لأحد أنواع أو ثيمات العمل الدرامي، فإما هو كوميدي مسلسل فريندز أو أكشن مثل مسلسل السهم أو رعب أو خيال علمي… إلخ، أما مسلسل لوست فقد تمكن من إحداث توازن بديع بين هذه الأنواع جميعها، فرغم إن الطابع الفنتازي الخيالي يغلب على أحداث المسلسل، إلا إنه كان مرضياً تماماً بالنسبة لعشاق الدراما والرومانسية وكذلك محبي الإثارة والتشويق، وهذا كله بجانب قدر لا بأس به من الكوميديا الخفيفة، التي لعبت دور كبير في كسر حِدة التوتر الناتج عن تسارع الأحداث وتصارع الشخصيات.
تعدد القصص :
جرت العادة على أن يتضمن السياق الدرامي لأي عمل في السينما أو التلفزيون قصة واحدة، تتصاعد وتيرة أحداثها مع تقدم الأحداث، وهو ما قد يؤدي في بعض الأحيان إلى إحداث حالة من الملل، خاصة بالنسبة للمسلسلات التلفزيونية التي تمتد لخمسة مواسم أو أكثر، مما يعني إن القصة تقدم في فترة زمنية تقدر بحوالي 60 ساعة تقريباً.. أما صُناع مسلسل لوست فقد أحسنوا استغلال أسلوب العودة للوراء Flash back، فبخلاف القصة الرئيسية للمسلسل والتي تستعرض حياة مجموعة من الناجين من تحطم طائرة على جزيرة منعزلة، فقد استعرض المؤلفين حياة الشخصيات جميعاً بأسلوب “فلاش باك”، الأمر الذي نتج عنه تعدد وتنوع القصص داخل المسلسل، وتم ذلك بأسلوب شيق جذب المشاهد ولم يؤثر على الحدث الرئيسي بالمسلسل، ويعتبر هذا الأسلوب في السرد من أهم مميزات هذا المسلسل الفريد.
عمق الشخصيات :
انطلاقاً من النقطة السابقة والمتعلقة برصد ماضي كل شخصية، وتعريف المشاهد بطبيعتها وشكل حياتها قبل العيش على الجزيرة، جعل شخصيات مسلسل لوست -دون استثناء- سواء الشخصيات الرئيسية أو الثانوية، تتسم بالعمق والتفاصيل الدقيقة، فصارت بذلك أكثر واقعية وأكثر قرباً من المشاهد، إذ سهل عليه تصديقها ومن ثم تعاطف معها وانفعل مع الأحداث التي تمر بها.
لا أشرار ولا ملائكة :
من مميزات مسلسل لوست أيضاً إن الأشرار أو الخصوم بأحداثه، لم يظهروا بالشكل التقليدي الذي اعتادنا عليه في السينما أو المسلسلات الدرامية، فالشخصيات في مسلسل لوست ليست شريرة بالفطرة، بل إن الشر يتجسد فقط في بعض الأفعال أو الممارسات التي تقدم عليها كل شخصية، والتي كانت متوافقة تماماً مع طبيعة الشخصية وماضيها الذي خلق لديها دافع لارتكاب هذه الأفعال، والمثال الأشهر على ذلك شخصية جايمس سوير الذي كرهه الجميع في الحلقات الأولى للمسلسل، ولكن مع الوقت ومع اكتشاف سر إقدامه على هذه الأفعال، انقلب الكره إلى تعاطف، الأمر نفسه ينطبق على سعيد جراح والذي تعاطف معه المشاهد في حاضره، رغم إنه في الماضي كان مُعذباً في معتقلات صدام حسين، حتى بين لاينوس والدخان الأسود وتشارلز ويدمور وهم ألد خصوم أعداء المسلسل، كان أعمالهم التي بدت في بعض الأحيان شيطانية كان لها ما يبررها..
على الجانب الآخر لم يكن هناك شخصية ملائكية، فحتى شخصيات مثل جاك شيبارد وكيت أوستن و رغم خصالهم النبيلة ارتكبوا العديد من الأخطاء، والخلاصة إن مسلسل لست قدم لنا نماذج بشرية خالصة، جميعها تخطئ وتصيب ولا تمضي الحياة بهم على وتيرة واحدة.