طبعًا لا خلاف على كون الرئيس محمد أنور السادات أحد أشهر الشخصيات التي مرت بتاريخ مصر الحديث وربما تاريخ مصر بشكل عام على امتداده، والحقيقة أن فكرة كونه رئيس لا تضمن أبدًا تواجده بهذه المكانة وتحقيق ذلك الشرف الكبير، لكن كانت هناك العديد من الأمور التي ساعدت في تحقيق المُعادلة وكسب الثقة والحب، وهذا لا يعني أنه وحده من حقق إنجازات مختلفة خلال فترة حكمه للبلاد أو أنه كان جيدًا ومتميزًا طوال الخط، فبالتأكيد ثمة الكثير من السقطات، بيد أن الطريقة الصحيحة للحكم أن نخرج بأهم محطات حياته ونستعرضها في صورة أسباب لحصول الرجل على كل هذا النصيب من الاحترام والحب بعد رحيله بعقود، فلماذا يا تُرى؟
تحقيق محمد أنور السادات أكبر انتصار بالعصر الحديث
فيما يتعلق بالتاريخ المصري الحديث فإن محمد أنور السادات لا يزال حتى الآن ممتلكًا لأكبر انتصار به، وهو الأهم على الإطلاق بكل تأكيد، والحديث هنا عن انتصار أكتوبر 1973 ، فقد حارب السادات باحثًا عن كرامة مصر بعد هزيمة مُزلة سبقت الحرب بحوالي ست سنوات وعُرفت باسم النكسة، إذ أنه بعد هذه الحرب بدأ المصريون في فقدان الثقة بأنفسهم وشعروا بأن كرامتهم لم تعد كما كانت في السابق، لتأتي الحرب وتُعالج كل شيء وبانتصار لم يكن متوقع على الإطلاق نظرًا لتفاوت قوة الفريقين في ذلك التوقيت، على العموم، مثل هذا السبب يبدو كافيًا لكسب السادات احترام الجميع بعد رحيله، لكنه بكل تأكيد لن يكون السبب الوحيد، هو فقط الأهم.
البساطة والتلقائية والتواضع
كل من رأى تسجيلات لخطابات السادات أو سمع هذا الرجل بأي طريقة من الطُرق يُدرك تمامًا أنه كان يمتاز ببعض الصفات التي من الطبيعي تمامًا أن تجذب الآخرين وتجعلهم يُقدرون شخصًا ما ويحترمونه، وربما الأسباب الأبرز البساطة والتلقائية والتواضع، فقد كان يتحدث مع الجميع دون تكليف ودون أن يضع في اعتباره أنه على رأس هذه الدولة وأهم فرد فيها، هو لم يكن يُعر مثل هذه الأمور أي اهتمام، حتى أحاديثه في مجلس النواب كانت تبدو وكأنها أحاديث من شخص ما إلى أصدقائه، وبالتأكيد روح الفكاهة واضحة للغاية ولا تحتاج أي إشارة، فقد كان الرجل الرئيس المصري الأبرز في حس الدعابة، وما ساعد على ذلك فكرة البساطة والتلقائية التي تحدثنا عنها، ولهذا يُحبه الناس بهذه الطريقة الكبيرة.
طريقة رحيل محمد أنور السادات ودهاليزها
طبعًا الطريقة التي رحل بها محمد أنور السادات كانت طريقة جاذبة وداعية أكثر للتعاطف معه واحترامه، وإذا كنتم تتذكرون فإن الرجل قد تعرض لاغتيال، وهذا الاغتيال نجح لأنه لم يرتدي الدرع الواقي بسبب فكرته عن الجيش وأنه مجموعة من أبنائه والأشخاص الذين سيُدافعون عنه أساسًا ولن يكونوا سببًا في موته، أيضًا قبل الرحيل كانت هناك بعض القرارات الصحيحة التي أغضبت بعض المتشددين وكان من الممكن أن يتراجع السادات عنها لو كان يُفكر فقط في حياته، لكنه قرر الاستمرار في طريقه بكل ثقة، ولا ننسى بالتأكيد الزيارة الجريئة التي قام بها هذا الرجل إلى القدس وتحديدًا مجلس النواب الإسرائيلي وما حدث في هذه الزيارة التي ربما لا يجرؤ أي مسئول في إسرائيل على القيام بما يوازيها في مصر.