هناك بعض العوامل التي جعلت متوسط أعمار العرب أقل نسبيًا بالمقارنة مع الأمم الأخرى، فمثلا عدم الوعي الصحي المنتشر في الوطن العربي هو أحد أهم الأسباب في ذلك الأمر، أيضًا انتشار الحروب والثورات والصراعات وأعمال العنف في أغلب البلاد العربية يقلل من المتوسط العمري لنا، فقد انخفض هذا المعدل بشكل كبير في سوريا والعراق جراء ما حدث فيهم وما زال يحدث إلى الآن، هذا بجانب الاهتمام الطبي والصحي من وزارة البلاد العربية فأغلب الدول العربية لا يوجد بها اهتمام صحي كافي، وتنتشر الأمراض والتلوث وفساد المستشفيات، ناهيك عن الاستخدام الخاطئ للعديد من الأشياء وخاصة السيارات فتنتشر مهنة استخراج رخصة قيادة بدون حضور السائق، فمن الممكن أن يستخرج الشخص رخصة قيادة له وهو جالس في المنزل بدون عمل اختبار قيادة أو غيره، كل هذا وأكتر يقلل من متوسط أعمار العرب بعض الشيء، ونحن هنا سنتناول بالتفصيل العوامل التي تسببت في ذلك، فتابعوا معنا.
انتشار الحروب وأعمال العنف
أولى العوامل الهامة المسببة في تقليل متوسط أعمار العرب في الفترة الأخيرة هو انتشار الحروب وأعمال العنف، حيث تعيش الدول العربية في حالة غير مستقرة وتنتشر الاضطرابات والثورات بها، ناهيك عن ظهور ما يسمى بتنظيم الدولة الإسلامية “داعش” والذي قتل آلاف العزل في مختلف البلاد العربية، هذا بالإضافة إلى الثورات التي بدأت بعد عام 2010 من تونس ثم مرورًا بمصر وليبيا وسوريا وغيرها، وما زالت الأحداث في سوريا ساخنة ويموت عشرات السوريون كل يوم، وقد تم تهجير الكثير منهم وتشتتوا في بقاع الأرض وهذا بالطبع له تأثير سيء عليهم، فلذلك ونظرًا لكل هذه الصراعات وأعمال العنف سواء من قبل الشعب أو من قبل الحكومة فإنها قامت بخفض معدل متوسط أعمار العرب على عكس العصور السالفة، وعندما نلقي نظرة على الأوضاع الأوروبية فنجدهم الآن اكثر استقرارًا وأمنًا ويعيشون في سلام ودفئ وقلما تظهر الصراعات عندهم، نأمل أن نرتقي بعض الشيء ونقلل من حدة الصراعات والخلافات المنتشرة فيما بيننا.
فساد التأمين الصحي في البلاد العربية
يعتبر الفساد الحادث في التأمين الصحي الشامل هو أهم عناصر تقليل متوسط أعمار العرب، وذلك لأن أغلب البلاد العربي تجهل كثيرًا الاهتمام بالتأمين الصحي وليس العرب فقط بل أفريقيا أيضًا، فقد يتم اكتشاف الأدوية في الدول الأوروبية ثم تأتي بعدها بخمسة أعوام على الأقل إلى البلاد العربية، فمع شديد الأسف البلاد العربية لا تصنع أي عقاقير طبية نهائيًا، مما يجعلنا نستورد العقاقير من الدول المصنعة له وبالتأكيد الموضوع يستغرق بعض الوقت، هذا بجانب التكاليف المالية للعمليات الجراحية الكبيرة فهي تفوق المستوى المعيشي كثيرًا ولا يقدر عليها الفقراء أو متوسطي الدخل، مما يدفعهم لبيع أغلى الأشياء لديهم لكي يستطيعوا سداد مبلغ العملية، ناهيك عن الفساد والرشاوي والسرقة التي تحدث في المستشفيات، كل هذا وأكثر جعل متوسط أعمار العرب يقل بنسبة ليست بالقليلة عن الأوروبيين ودول شرق آسيا.
انخفاض التثقيف الصحي نتج عنه انخفاض متوسط أعمار العرب
من ضمن العوامل الهامة التي عملت على تقليل متوسط أعمار العرب هو الانخفاض التثقيفي الحادث في المجال الصحي، فتعيش أغلب الشعوب العربية بدون أي وعي أو تثقيف صحي مما يجعلهم يتجاهلون العديد من الأشياء التي سرعان ما تؤذي بحياتهم وتعرضهم للوفاة، وهذا ما يزداد بكثرة في الأنظمة الغذائية الخاطئة التي يسير عليها العرب فهم لا يهتمون بالأكلات وتحديد أنواع محددة وقت الحاجة، فهم يريدون الأكل فقط وهذا بالطبع لا يفعله جميع العرب ولكنه هو الغالب، هذا بجانب انتشار السمنة وعدم العمل على كبحها لكيلا تزداد، بل يستمرون في الأكل حتى تسبب لهم مشاكل خطير مثل تأثيرها الخطير على القلب، واحتمالية الإصابة بمرض السكر وأعراضه المتقدمة، والسرطان، وارتفاع ضغط الدم، وغيرها من الأمراض الخطيرة التي تؤدي إلى الوفاة، فهم يتركونها ولا يذهبون لأطباء للمتابعة معهم، أو يقوموا بعمل تمارين رياضية مثل الركض أو السباحة.
فللأسف التثقيف الصحي في الوطن العربي قليل بدرجة لا يستهان بها وخاصة عند كبار السن، يجب علينا جميعًا البحث والتنقيب لزيادة التوعية والتثقيف الصحي وأيضًا تعريف الأخوة والأصدقاء والآباء لكي نستفيق مما نحن فيه وتتحسن معدلات متوسط أعمار العرب.
الاستخدام الخاطئ لبعض الأشياء
من العوامل الهامة والتي لا يعرفها الكثيرين منا هو الاستخدام الخاطئ للعديد من الأشياء وخاصة الأشياء الحديثة، حيث أن هذا الاستخدام الخاطئ يسرع من وفاة الكثيرين ويقلل من متوسط أعمار العرب، فعلى سبيل المثال السيارات عادة ما تستخرج رخصة القيادة غشًا أو عن طريق أشخاص آخرين، حيث أنه قد انتشرت مهنة مرخص السيارات وهو يأخذ البطاقة الشخصية والأموال من الذين يريدون استخراج رخصة قيادة، ثم يذهب هذا المهني ويقوم بإنهاء الأوراق وإجراء اختبار القيادة ثم يأتي بالرخصة ويعطيها للشخص الرئيسي في العملية، وعادة ما يكون هذا الشخص قليل الخبرة بقيادة السيارات فيتسبب في أعمال خاطئة على الطرق تؤدي إلى ارتكاب حوادث مميته له وللآخرين، وهذا ما يظهر بشدة في مصر ودول الخليج نظرًا لأن حياة الخليجيين أكثر رفاهية من جميع العرب فتنتشر عندهم السيارات بكثرة، والذين يقودوها ليسوا من ذوي الكفاءة مما يجعلهم يرتكبون حماقات وأخطاء على الطريق، ولذلك تعد حوادث السيارات من أكبر العوامل في تقليل متوسط أعمار العرب.
وهذا ما ينطبق على الأشياء الأخرى مثل الأدوية التي يأخذها بعض الناس خطأ من الصيدلي الذي عادة ما يكون هاوي للصيدلة وليس خريج من كلية الصيدلة، أو خطأ منهم لجهلهم بالمواد الموجودة بالدواء وتأثيرها على الجسم، وغيرها من الأشياء الأخرى فالعرب كثيري استخدام الأشياء بشكل خاطئ.
التعليم وعلاقته بالصحة
في الحقيقة يرتبط التعليم بالصحة ومتوسط الأعمار ارتباطًا وثيقًا، حيث أن الدول المتقدمة والتي ذات مستوى تعليمي عالي فنلندا واليابان وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية هم على رأس قائمة الدول ذات متوسط أعمار عالي، فعندما تزداد سنوات التعليم يزداد المستوى الصحي السليم في البلاد وذلك لأن التعليم يوفر لأصحابه الكثير من المعلومات الصحية بجانب تنمية المستوى الفكري وزيادة الطاقة الإيجابية بداخل كل فرد منا، وهذا ما تقوم به بعض دول الخليج مثل قطر والكويت والإمارات فهم أكثر الدول العربية اهتمامًا بالتعليم وعدد ساعات الدراسة، ولذلك هم يأتون في مراتب متقدمة بتصنيف متوسط أعمار العالم، ولذلك يجب علينا الاهتمام بالتعليم وزيادة التثقيف لكي نحصل على معلومات صحية كثيرة تؤمن لنا الإصابة بالأمراض بشكل قليل.
ختامًا
بعدما ذكرنا أهم العوامل التي تلعب دورًا أساسي في تقليل متوسط أعمار العرب، يتوجب علينا الحد من هذه الأشياء الخطيرة لأنها بيدينا ونستطيع تغيرها بكل تأكيد، وعلينا جميعًا الاهتمام بالتعليم والتعلم بشكل كبير لأنه أساس كل شيء فلا ترتقي الدول بدون التعليم، ولذلك له دور هام في رفع متوسط أعمار العرب.
الكاتب: أحمد علي