بينوكيو أشهر الشخصيات في عالم الكارتون، يشبه به الشخص الكاذب دائماً نظراً لقصته الشهيرة وما حدث له جراء كذبه، لكن بعيداً عن عالم الحكايات وعودة للواقع، ما الذي يدفع الإنسان الطبيعي للكذب؟ وما هي أنواعه وكيف ينظر الإسلام للشخص الكاذب ويتعامل معه؟
لماذا يكذب الإنسان وما هي أنواع الكذب ؟!
ما هو الكذب؟
يتم تعريف الكذب على انه تلفيق وتزيف متعمد للحقائق بدافع الخوف من النتائج المترتبة على قول الحقيقة أو بغرض الوصول لهدف ما في نفس الشخص الكاذب، قد يتطور الأمر حتى يصبح الكذب مرض نفسي، كما توجد بعض المهن التي تتطلب من أصحابها الكذب مثل التمثيل والأشخاص الذين يشغلون مناصب سياسية.
لماذا يقوم الإنسان بالكذب؟
- الشخص الكاذب غالباً لا يكذب من أجل الكذب نفسه ولكن لعدة أسباب أخرى نفسية واجتماعية، فغالباً ما تبدأ هذه المشكلة في الصغر، إذا نشأ الطفل في منزل يتخذ من الكذب عادة يومية فلا يتوقع منه أن يفرق بين الصواب والخطأ ويعرف ضرورة قول الحقيقة، لا أقصد بكذب الأسرة هنا أنهم يكذبون بشأن أمور خطيرة كإخفاء جريمة قتل مثلا! يكفي أن يتحدث الأب عبر الهاتف ليخبر الطرف الأخر أنه مريض بينما يراه طفله سليماً معافى! هذه المواقف الصغيرة تشتت الطفل وتخلط بين مفاهيم الصواب والخطأ لديه فينشأ كاذباً بطبيعته، في بعض الأحيان يكون الكذب طبيعياً عند الأطفال خاصة في مراحل العمر المبكرة كسن الثالثة أو الرابعة من العمر، يتميز هذا السن ببدايات تكوين المصطلحات اللغوية عند الطفل، فيستخدم خياله الخصب في تكوين وتأليف الحكايات، كما يسعى لإخفاء الكثير من الأمور بشأن عالمه الخيالي الخاص، مع نهايات مرحلة الطفولة المبكرة يجب أن يدرك الطفل الفرق بين الصواب والخطأ ويبدأ في قول الحقيقة، لكن إن اعتادت الأسرة على الكذب أمام الطفل كما ذكرنا سابقاً والتعامل مع الأمر على أنه شيء طبيعي فلا تتوقع أن ينشأ الطفل سوياً.
أنواع الكذب عند الأطفال
-
التقليد
أكثر أسباب الكذب شيوعاً هو قيام الطفل بتقليد الأشخاص الأكبر منه سناً خاصة من يتخذهم قدوة له كأبوية وأخوته.
-
العدوان والسلبية
يكذب الطفل في هذه الحالة بسبب عدم رغبته في الانصياع لأوامر والديه أو مدرسيه فيبدأ في اختلاق الأعذار الكاذبة لكي يتم إعفائه من القيام بهذا الأمر.
-
اللذة
يشبه هذا النوع كذب العدوان قليلاً فيقوم الطفل بالكذب في هذه الحالة بسبب رغبته في الشعور بنشوة النصر عند إقناعه من هم أكبر منه سناً بما يريد.
-
الغيظ والكيد
غالباً ما يختلق الطفل في هذه الحالة القصص للإيقاع بأحد الأشخاص الآخرين، ويكون ذلك بسبب شعوره بالظلم والاضطهاد وتفضيل هذا الشخص عليه.
-
المفاخرة بما ليس لديه
في هذه الحالة يرغب الطفل في تعويض النقص الذي يشعر به نتيجة اضطهاد الآخرين له، فيبدأ في اختلاق القصص عن أشياء لا يمتلكها لكي يبهر زملائه.
-
السعي للاهتمام
إذا شعر الطفل بأنه مغمور ولا أحد يهتم به فقد يبدأ في التظاهر بأنه مريض سعياً للحصول على الرعاية والاهتمام.
أسباب كذب البالغين
لا تختلف أسباب الكذب كثيراً باختلاف الأعمار فغالباً ما تكون الدوافع واحده، بين حب الظهور والسعي للاهتمام وتجنب العواقب وغيرها، لكن الشخص الكاذب غالباً ما يتم كشفه بعد مدة ليست طويلة، فالكذب يتطلب مهارات خاصة مثل الذاكرة القوية والخيال الخصب والقدرة على التحكم في الانفعالات الجسدية والنفسية، كل هذه الأشياء نادراً ما تجتمع في شخص ما خاصة إذا كان معتاداً على الكذب واختلاق الحكايات الغير واقعية، بعد فترة تخونه ذاكرته ويصبح من الصعب عليه تذكر كافة الحكايات التي ادعاها.
العلامات التي تظهر على الكاذب
-
تشتت البصر
الشخص الكاذب يخاف دائماً أن يفضح أمره لذلك يتجنب أي اتصال مباشر بالعينين مع الشخص الأخر، فتجده زائغ البصر دائماً.
-
استخدام أقل عد ممكن من الكلمات
عندما يكذب الإنسان يحاول الوصول لهدفه بأقل عدد من الكلمات خوفاً من وقوعه في الخطأ أو قول أشياء متناقضة.
-
التوتر
يحاول الشخص الكاذب إخفاء توتره برسم ملامح جادة على وجهه، لكن جسده غالباً ما يرفض أقواله لذلك تجده يلمس أنفه وأذنيه كثيراً تعبيراً عن رفضه لهذه الأكاذيب.
-
اتخاذ موقف عدائي
يحاول الكاذب أن يقلب الطاولة عليك فيضعك أنت في موضع الشخص الكذاب ويحاول التشكيك في أقوالك ما يدفعك لاتخاذ موقف دفاعي والسعي لتبرير أقولك فينصرف انتباه الحضور عن كذباته.
الكذب في الإسلام
الكذب سلوك مرفوض تماماً في الدين الإسلامي، فقد وردت العديد من الأحاديث عن الرسول صل الله عليه تنهى عن الكذب كقوله صلى الله عليه وسلم “إيّاكم والكذِبَ، فإنّ الكَذِبَ يَهْدِي إلَى الفُجُورِ، وإِنّ الفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النّارِ وَمَا يزَالُ العبْدُ يَكْذِبُ وَيَتَحَرّى الكَذِبَ حَتّى يُكْتَبَ عِنْدَ الله كَذّابا” رواه البخاري ومسلم، وذلك لما يترتب على الكذب ومن مفاسد وأضرار عظيمة تصيب المجتمع عموماً لا الشخص الكاذب وحده.
أنواع الكذب المباح في الإسلام
رغم التحريم الشديد والعقاب الذي توعد الله سبحانه وتعالى به كل شخص يكذب أو يفتري إلا أن هناك بعض الحالات التي سُمح فيها للشخص المسلم بالكذب وهي كما يلي:
-
الإصلاح بين الناس
إذا كانت هناك خصومة شديدة بين شخصين فيجوز أن يكذب الشخص الذي يصلح بينهما بغرض القضاء على هذه العداوة، فيخبر كل شخص بأن الآخر يمدحه بشدة ويذكر فيه الكثير من المحاسن وما إلى ذلك حتى يلين كل منهما للأخر فيتصالحا.
-
الكذب في حالات الحرب
يجوز الكذب على العدو في حالة الحرب بغرض تضليله وعدم إعطاءه معلومات سرية تخص خطة الحرب وما إلى ذلك.
-
السعي لإرضاء الزوج أو الزوجة
كمدح الزوج لزوجته بما ليس فيها أو العكس سعياً لإرضائها واستقرار الحياة الزوجية بينهما.