مضيق جبل طارق هو أحد الممرات المائية التي تُذكرنا بواحدة من أهم الأحداث التاريخية في عهد الفتوحات الإسلامية، والتي مازالت ذكراها باقية حتى اليوم تحت اسم هذا المضيق، حالياً يُطلق لقب “جبل طارق” على أحد المستعمرات أو المناطق التابعة لبريطانيا أي تقع تحت حكم التاج البريطاني رغم وقوعها على أطراف إسبانيا، اكتسبت هذه المنطقة أهميتها في التاريخ الإسلامي بسبب عبور الأمير طارق بن زياد عبر المضيق البحري الذي يقع بين المغرب وإسبانيا لفتح إسبانيا وضمها للدولة الإسلامية، لكن لماذا تقع هذه المنطقة تحت الحكم البريطاني في الوقت الحالي؟ ولماذا سُميت بجبل طارق؟
لماذا يُسمى جبل طارق بهذا الاسم وأين يقع؟
ما هو مضيق جبل طارق
مضيق جبل طارق هو أحد المضايق البحرية التي تربط بين البحر المتوسط والمحيط الأطلسي، كان يُعرف قديماً باسم بحر الزقاق، وهو أقصر نقطة بين دولتي المغرب وإسبانيا، يقع حالياً تحت حكمهما بالإضافة لمنطقة جبل طارق التي تقع تحت حكم التاج البريطاني، طوله حوالي 51 كم، وعرضه يتراوح بين 14 و32 كم، أي أن أقصر نقطة بين ضفتيه هي 14 كم، وعمقه يصل لحوالي 300 متر، يحتوي المضيق على صخور ضخمة تقع على الجانب الغربي منه، عُرفت قديماً باسم أعمدة هرقل وذلك لاعتقادهم بأن مدينة أطلانطس الأسطورية كانت تقع خلفه.
سبب تسميته بمضيق جبل طارق
سمي مضيق جبل طارق بهذا الاسم نسبة للأمير طارق بن زياد الذي عبره في القرن الأول الهجري، عام 711م، وكان أميراً على طنجة آن ذاك، كان السبب وراء عبوره للمضيق هو رغبته في مواصلة الفتوح الإسلامية والوصول لأسبانيا التي كانت تقع خلفه، في اللغات الأوربية حالياً يُسمى المضيق بـ “جبرلطار” وهو تحريف لجبل طارق.
تاريخ جبل طارق
كان أول من سكن مستعمرة جبل طارق هم الفينيقيون وكان ذلك في عام 950 ق.م، بعد ذلك انتقلت لحكم الرومان وظلت كذلك حتى إسقاط الإمبراطورية الرومانية فتم ضمها إلى إسبانيا وبقيت تحت حكمها حتى عام 711م وهو عام الفتح الإسلامي.
جبل طارق والفتح الإسلامي
ظلت جبل طارق تحت الحكم الإسلامي طيلة سبع قرون ونصف، وذلك بداية من عهد الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك في عام 711م، ظلت المدينة مُحتفظة بشكلها وعمارتها دون أي تغيير حتى عام 1150م، إلى أن تم إنشاء مدينة محصنة مازالت آثارها باقية وواضحة حتى اليوم في القصر المغاربي، في عام 1309م تعرضت المدينة للغزو على يد القوات الإسبانية وتم ضمها إلى مدينة غرناطة، واستمرت هكذا حتى عام 1333م، حيث تم تحريرها على يد بني مرين، لكن تمكنت القوات الإسبانية من استعادتها مرة أخرى عام 1374م لينتهي بذلك الحكم الإسلامي على مدينة جبل طارق بعد 750 عام.
جبل طارق تحت الحكم الإسباني
بعد ضم جبل طارق للحكم الإسباني قامت مجموعة من اليهود الذين تحولوا للديانة المسيحية بالانتقال إلى جبل طارق وإعلانه دويلة صغيرة لهم، لكن هذه الدويلة لم تستمر إلى لثلاثة أعوام فقط قبل أن تعود للحكم الإسباني ويتم إعادة اليهود لغرناطة مرة أخرى.
جبل طارق تحت السيادة البريطانية
- في أوائل القرن الثامن عشر كونت أسبانيا وفرنسا تحالف كان من شأنه أن يقلب ميزان القوى الأوربي، لذلك وقفت كلاً من انجلترا وهولندا والنمسا في وجه هذا التحالف وقاموا بشن هجوم على جنوب وغرب أسبانيا استمر لمدة ست ساعات أسفر عن سقوط جبل طارق تم السماح لسكانها بالخروج دون إيذائهم.
- حاولت إسبانيا جاهدة أن تستعيد شبه جزيرة جبل طارق لكن دون فائدة حتى انتهى الأمر إلى توقيعها على تنازل مؤبد عن جبل طارق لإنجلترا وبذلك أصبحت خاضعة لحكم التاج البريطاني.
- لم تنتهي محاولات إسبانيا حتى بعد توقيع المعاهدة بل استمرت في محاولات استعادة جبل طارق لأهميتها الإستراتيجية فقامت بحصارها لمدة ثلاث سنوات بمساعدة الجيش الفرنسي لكن بريطانيا تمكنت من إحباط محاولتهما وإلحاق خسائر شديدة بالجانبين.
- بعدها أقامت بريطانيا قاعدة بحرية في جبل طارق للحفاظ مصالحها في مياه البحر المتوسط خاصة بعد شق قناة السويس.
- في عام 1967 حاولت فرنسا مرة أخرى استعادة سيطرتها على جبل طارق فقامت بعمل استفتاء حول ضمها لسيادتها أو بقائها تحت الحكم البريطاني، لكن كانت النتيجة ساحقة لصالح بريطانيا وذلك لأن معظم أهلها بريطاني الأصل، لكن أسبانيا لم تيأس وقامت بعمل استفتاء آخر عام 2002م لكن لم تتغير النتيجة.
جبل طارق حالياً
- تعتبر شبه جزيرة جبل طارق من المناطق السياحية حالياً وذلك لما تتمتع به من مناخ معتدل وطبيعة خلابة، بالإضافة لإطلالتها على البحر المتوسط، وهي تابعة للمملكة البريطانية، لذلك بريطانيا هي المسئولة عن علاقاتها الخارجية وتعاملها مع دول العالم، أما الشئون الداخلية فيكون المسئول عنها هو رئيس الوزراء والوزراء الذين يتم انتخابهم بواسطة السكان وتعقد الانتخابات كل أربع سنوات.