أغلب المباني الحديثة وخاصة تلك التي تُقام في المدن المزدحمة لا تهتم كثيراً بمعايير السلامة ولا تُراعي المعايير الخاصة بفتحات التهوية، فيصبح هواء المنزل أشد خطورة على قاطنيه من هواء الشارع الملوث، وذلك بسبب تراكم الغازات الهيدروكربونية المتصاعدة من الطبخ واحتراق الزيوت والأتربة الناتجة عن عمليات التنظيف، بالإضافة لصعوبة وصول أشعة الشمس لغرف المعيشة والنوم، فتصبح الأغطية والمفروشات بيئة مناسبة لنمو العث والبكتيريا المختلفة، بالتالي تؤدي لانتشار الأمراض التي قد تكون خطيرة في بعض الأحيان بين أصحاب المنزل، لكن ما دور الإنسان في رداءة التهوية الداخلية للمنازل؟ وما أثارها السلبية على صحة الإنسان؟
لماذا يجب أن تكون المنازل ذات تهوية داخلية جيدة؟
تأثير المباني الحديثة على بيئة المدن
تؤثر المباني الحديثة بشدة على حركة الرياح خاصة في المدن المزدحمة، فيلجأ الناس لبناء مباني مرتفعة رديئة التهوية واستغلال المساحات بأقصى طريقة ممكنة وذلك لتوفير أماكن العيش والسكن، لكن هذه السلوكيات تمنع تدفق الرياح الطبيعي حتى أنه ينخفض في بعض الأماكن للنصف، بالتالي يتركز الهواء الملوث بالأبخرة السامة والغبار فوق المدن، الأمر الذي يؤثر بشدة على طبيعة المناخ فيصبح حاراً وجافاً فيما يشبه المناخ الصحراوي.
وعلى نفس الشاكلة أيضاً يحدث هذا في الشقق السكنية، حيث تحظى بفتحات تهوية داخلية أقل ما يمنع الهواء من الدخول والخروج من المنزل بسلاسة، فتتراكم أبخرة الطهي والغبار وغيرها بالداخل مسببة العديد من الأمراض الخطيرة خاصة على الأطفال.
خطورة المباني رديئة التهوية
- أثبتت دراسة حديثة أجريت على أكثر من 300 طفل أن من يعيشون في منازل سيئة التهوية يكونون أكثر عرضة للإصابة بحالات الربو وحساسية الصدر وذلك بسبب تعرض الجدران للتعفن نتيجة تكاثر البكتيريا والفطريات في الجو.
- تؤدي في بعض الحالات أيضاً للإصابة بحساسية الجيوب الأنفية وبالتالي رشح بالأنف وصداع مستمر وقد تصل للحمى أيضاً.
- يصاب البالغون بحالات اكتئاب وتوتر شديد بسبب عدم التعرض لأشعة الشمس بشكل كافي.
- تؤدي رداءة التهوية أيضاً للإصابة بالقيء والغثيان وألام الظهر والمفاصل بالإضافة لاضطرابات الهضم.
سلوكيات بشرية تزيد من حدة التلوث الداخلي
رغم أن التكدس السكاني وعدم الاهتمام بالتصميم الداخلي للمنازل يشكل العامل الأكبر لسوء التهوية، إلا أن هناك عدة عوامل أخرى تزيد من حدته وخطورته، تنتشر هذه الأسباب بشكل خاص في البلدان النامية، يعود ذلك لقلة الوعي الصحي وانتشار الأحياء الشعبية الفقيرة في أغلب المدن، بالإضافة لتجاهل عوامل النظافة العامة الأمر الذي يؤدي لانتشار الحشرات والقوارض حاملة معها الأوبئة والأمراض، من هذه السلوكيات الخاطئة ما يلي:
-
تربية الحيوانات على أسطح المنازل
نتيجة لعدم توافر أماكن واسعة لتربية الماشية والدواجن يلجأ أغلب الناس لتربيتهم إما على أسطح المنزل أو في الأزقة والشوارع المقابلة له أو حتى في شرفات المنزل، مخلفات هذه الحيوانات تمثل بيئة مثالية لتكاثر الفطريات وبالتالي تساعد على انتشار الأمراض خاصة في الأحياء الفقيرة، كما أن أغلبها تكون عائل مناسب للالتقاط أي فيروس أو عدوى موسمية والمساعدة على تطويرها، وأقرب مثال على ذلك انتشار وباء أنفلونزا الطيور بين سكان الأحياء الشعبية ذات التهوية الرديئة بسبب تربية الطيور على أسطح المنازل، لا يقتصر الأمر على ذلك فقط بل يمتد لتكاثر الحشرات كالذباب والبعوض وما تحمله معها من أمراض كالملاريا والتيفود.
-
نباتات الزينة
قد تسبب بعض نباتات الزينة خطورة على القاطنين بالمنزل عند استخدام بعض المبيدات الحشرية أو الأسمدة العضوية خاصة في حال وضعها بالداخل وليس الشرفة.
-
التدخين داخل المنزل
بالتأكيد جميعنا يعلم أضرار التدخين الشديدة على المدخن نفسه، لكن هل تعلم أن التدخين السلبي أشد خطورة على الصحة، فالمدخن السلبي يستنشق كمية أكبر من دخان السجائر عن تلك التي يستنشقها الشخص المدخن! خاصة عن الجلوس في أماكن مغلقة وسيئة التهوية فيرتفع معدل البنزين في الهواء الأمر الذي يؤدي لأمراض خطيرة جداً منها السرطانات وأمراض القلب وغيرها.
-
وسائل التدفئة البدائية
ويقصد بها الوسائل التي تعتمد على إحراق الوقود كالبنزين والكيروسين والفحم والخشب، كل هذه الوسائل تؤدي لزيادة نسبة أول أكسيد الكربون في الجو، هذا الغاز سام جداً عندما ترتفع نسبته في الجو فإنه يتفاعل مع الهيموجلوبين ويمنع وصول الأكسجين لخلايا الجسم مسبب حالة تسمى كاربوكسي هيموجلوبين التي تؤدي للاختناق والموت في الحالات الشديدة كما يرفع احتمالية الإصابة بالسرطان.
-
الاعتماد على الإضاءة الصناعية
رداءة التهوية تعني بالضرورة ضعف الإضاءة الطبيعية، ناهيك عما يسببه قلة وجود أشعة الشمس في المنزل من أمراض بسبب تكاثر الفطريات والبكتريا، يُضطر الإنسان للاعتماد بشكل كامل على الإضاءة الصناعية طيلة الوقت تقريباً بالتالي يؤدي ذلك للإصابة بأمراض العين والصداع وفقدان في التركيز.
-
انتشار الغبار والأدخنة في هواء المدن
الوحدات السكنية الموجودة في مناطق رديئة التهوية وتتسم بالزحام الشديد يكون سكنها أكثر عرضة للإصابة بأمراض الجهاز التنفسي وذلك بسبب تراكم الأدخنة والغبار ودخولها للمنازل بشكل كبير بالإضافة لعدم توافر منافذ كافية لتجديد الهواء فتؤدي لحدوث التهابات في الجيوب الأنفية وصداع وصعوبة في التنفس وتضخم في الرئة، أما في حالة التعرض المستمر لها قد تسبب الإصابة بالسرطان وتسمم الدم.
نصائح لتقليل مخاطر سوء التهوية
- قومي بفتح كافة النوافذ والأبواب في الصباح الباكر إن أمكن حتى تساعدي على تجديد هواء المنزل وإنشاء تيارات هوائية بين منافذ التهوية والأبواب، لكن أغلقيها قبل دخول فترة الظهيرة وذلك لمنع دخول الهواء الملوث بالدخان والأتربة.
- حاولي إخراج كافة المفروشات تحت أشعة الشمس وتهويتها جيداً من فترة لأخرى وذلك لقتل أي جراثيم أو فطريات قد تعلق بها.
- اقتصدي في استخدام العطور التي تحتوي على كحوليات لأنها تلوث الهواء المحيط.
- استخدمي شفّاطات الهواء لشفط الأبخرة الناتجة عن عملية الطهي وحاولي التقليل من استخدام المواد القابلة للتأكسد والاشتعال.