التخلص من العصبية له طرق عديدة ووسائل متنوعة، ابتداءً من الرغبة في تحقيق ذلك، ووصلاً إلى أداء تمارين اليوجا وتمارين الاسترخاء، بجانب عدد آخر من العوامل التي تساعد في التخلص من العصبية ،وأغلبها معلوم بالنسبة للجميع، لكن لعل السؤال الواجب علينا طرحه هو ما الأسباب التي تدفعنا لذلك؟، أو لماذا يجب علينا التخلص من العصبية ؟، وتكبد كل ذلك العناء والقيام بتلك المحاولات مراراً لحين تحقيق الغاية؟.. والإجابة على ذلك السؤال أوردها العلماء في كلمة واحدة، هي “الصحة”، فـ التخلص من العصبية يقي الإنسان من كم مهول من المخاطر الصحية.
التخلص من العصبية وقاية وحماية :
التخلص من العصبية هو أمر ضروري لحماية علاقاتنا الاجتماعية، فمن المعروف أن الناس تنفر من الشخص العصبي دائم الغضب، وتتجنبه وتتحاشى التعامل معه اتقاءً لثوراته المتكررة، مما يعني أن الشخص المتسم بالعصبية يحظى بحياة اجتماعية متردية، وعلاقاته الأسرية والعائلية وفي محيط العمل معرضة مهددة دوماً بالانهيار.. لكن ذلك لا يمثل كامل الأسباب الدافعة إلى التخلص من العصبية ،فهناك أسباب أخرى وردت ضمن نتائج الأبحاث العلمية، وهي أسباب أشد قسوة وخطورة، ألا وهي المشاكل الصحية المحتمل أن تنتج عن العصبية المفرطة.
العصبية والحمل :
التخلص من العصبية هو أمر حميد بالنسبة للرجل والمرأة، وعلى كلاهما أن يسعيان إليه اتقاءً لمضاره، لكن وفقاً لعدد من الأبحاث التي أجريت مؤخراً، فأن مخاطر العصبية الصحية التي تهدد النساء، تفوق تلك المخاطر التي قد تحيق بالرجال، كيف؟..
تلك الأبحاث أثبتت أن التخلص من العصبية يوفر للمرأة حملاً آمناً، إذ أن العصبية الزائدة والغضب والانفعالات السريعة، كلها أمور تؤثر بشكل سلبي على وظائف الغدة النخامية لدى النساء، الأمر الذي يترتب عليه حدوث اضطرابات عِدة بإفراز الهرمونات بالجسم، الأمر الذي يجعل عدم التخلص من العصبية أحد معوقات حدوث الحمل، وذلك ليس منتهى مخاطر العصبية في ذلك الصدد، فثمة خطر آخر يهدد الحمل إذا لم يتم التخلص من العصبية ،وهو عدم استمرارية الحمل وحدوث إجهاض للجنين، والسبب أن أثناء نوبات الهياج العصبي يحدث انقباض بعضلات الرحم، علاوة على أن من المعروف أن ارتفاع ضغط الدم، هو أحد النتائج المباشرة المترتبة على الانفعال الزائد، وبالنسبة للمرأة الحامل فأن ارتفاع ضغط الحمل قد يعرضها لحالة تسمم الحمل، والتي تعد أخطر المشكلات الصحية التي قد تتعرض لها الحامل.
العصبية والسكري :
التخلص من العصبية أيضاً ضروري لتجنب الإصابة بداء السكري، ذلك المرض المزمن الخطير الذي لم يتم التوصل إلى علاج له، ويعد أحد المضاعفات المحتملة لنوبات العصبية والانفعالات الزائدة عن الحد، والسبب في ذلك هو أن الإنسان خلال نوبات عصبيته، يزداد تلقائياً معدل إفراز الجسم لهرمون الأدرينالين، ومن أثار إنتاج ذلك الهرمون مقاومته لإفراز الأنسولين بمعدله الطبيعي، ونتيجة لذلك يرتفع معدل السكر في الدم إلى مستويات تفوق المفترض، مما يجعل الإنسان أكثر عرضة للإصابة بداء السكري.
العصبية والسرطان :
السرطان هو المرض الأخطر الذي هدد حياة بلايين البشر، بل ويقضي بالفعل على عدد غير قليل من ابناء الجنس البشري سنوياً، ومن بين الأسباب التي تجعل من التخلص من العصبية ضرورة مُلحة، هو تجنب التعرض لذلك المرض الفتاك، وذلك يأتي وفقاً للنتائج التي توصل إليها فريق بحثي تابع لجامعة ستانفورد الأمريكية، وقد قام ذلك الفريق بتعريض مجموعة من الفئران لضغوط عصبية، وخلال فترة وجيزة تلاحظ نمو أورام سرطانية لدى تلك الفئران، الأمر الذي يجعل السرطان أحد المخاطر الشديدة، المحتمل أن تترتب على عدم التخلص من العصبية والضغوط النفسية.
العصبية والمناعة :
ذات الدراسة التي أجراها فريق ستانفورد البحثي، أكدت على أن السرطان هو الأثر الأخطر، المحتمل أن ينجم عن انفلات الأعصاب والعجز عن السيطرة عليها، لكنه في ذات الوقت ليس الخطر الصحي الوحيد!.. فـ عدم التخلص من العصبية يجعل البدن مرتعاً لمختلف الأمراض، والسر في ذلك هو التأثير السلبي لنوبات العصبية على مناعة الإنسان ،ومع الوقت يبدأ الجهاز المناعي في التدهور ثم يعجز عن القيام بوظائفه، فلا يجد الشخص ما يردع الممرضات والفيروسات عنه، فيصبح عرضة للإصابة بمختلف الأمراض من نزلات البرد وحتى الأزمات القلبية والسرطان.
العصبية والجهاز الهضمي :
الجهاز الهضمي المكون من تلك الأعضاء القادرة على اعتصار مختلف المواد، هو في الحقيقة من الأعضاء المتسمة بالرقة، ولذا فأنه سريع التأثر بأي تغيرات تتطرأ على الصحتين النفسية والجسمانية، وفيما يخص التخلص من العصبية فأنها السبيل للوقاية من أمراض الجهاز الهضمي، فعند التعرض لحالات من الهياج العصبي أو الضغط النفسي الشديد، يحدث تقلص للأمعاء مما يزيد احتمالات تعرض الفرد للمشكلات الهضمية، ومن المعروف أن القولون العصبي هو أكثر الأمراض التي تقترن بالانفعال الزائد.
العصبية والقلب :
عضلة القلب هي المايسترو الذي يقود وظائف الجسم الحيوية، فهو المسئول عن تغذية كل عضو ونسيج بالبدن، بالدم المحمل بالعناصر الغذائية والأكسجين، مما يعني أن تضرر عضلة القلب ما هو إلا بداية لسلسلة من الأضرار الأخرى، وأول خطوة نحو الحفاظ على صحة القلب، تتمثل في التخلص من العصبية والانفعالات الزائدة.. لماذا؟
التخلص من العصبية يقي عضلة القلب من التعرض للإنهاك، إذ أثبتت الدراسات أن معدلات ضربات القلب، ترتفع لأعلى معدل عندما تنتاب الإنسان مشاعر الغضب، وبسبب مضاعفة عدد مرات انقباض عضلة القلب خلال الدقيقة، تنهك تلك العضلة ومع الوقت تصبح غير قادرة على القيام بوظيفتها بشكل صحيح، بل والأدهى أن عدم التخلص من العصبية قد يقود الإنسان إلى الإصابة بأحد أمراض القلب، ويزيد من احتمالات تعرضه لأزمة قلبية مفاجئة أو السكتة الدماغية، وبالنسبة لمرضى القلب فأن العصبية تعني بالنسبة لهم الموت..
العصبية والأرق :
من المعروف أن النوم المستقر الهاديء له أنعكاس إيجابي على الصحة العامة، وعدم التخلص من العصبية هو أمر كفيل بإهدار كل تلك الفوائد، وذلك وفقاً لما تم إثباته علمياً من خلال العديد من الدراسات الطبية، فأن الأشخاص الذين يتسمون بالمزاج السيء وسهولة الاستثارة، كانوا أكثر عرضة لمواجهة مشاكل بالنوم والإصابة بنوبات من الأرق، وهو ما أنعكس بصورة سلبية على صحتهم العامة، كذلك واجهوا صعوبات في التركيز والقدرة على الاستيعاب والتعلم.
العصبية والاكتئاب :
عدم التخلص من العصبية لا يزيد من احتمالات التعرض للاكتئاب، حيث أن الاكتئاب ليس نتيجة محتملة للعصبية والانفعال، بل أنه بحسب وصف العلماء نتيجة أكيدة ومباشرة وحتمية، السعادة والعصبية الزائدان أمران من المستحيل أن يجتمعا، إنما التخلص من العصبية تعد خطوة أولى على الطريق الصحيح نحو تحقيقها، فـ التخلص من العصبية يعني التخلص من الاكتئاب ومنغصات الحياة، كذلك لا يصبح المرء فريسة للمشاعر السلبية مثل التوتر والقلق وغيرها.
العصبية وأمراض الشرايين :
أيضاً من الآثار الإيجابية الناتجة عن التخلص من العصابية ،هو الحد من احتمالات التعرض إلى انسداد الشرايين، والتي تعد من أخطر الحالات الصحية التي قد يتعرض لها الإنسان، والتي لها تشكل تهديد مباشر على حياته، ووفقاً للإحصاءات العلمية فأن الذبحة الصدرية تحصد حياة عدد كبير من الناس سنوياً، ووفقاً للدراسات المتناولة للعوامل والأسباب المؤدية إلى الذبحة الصدرية، فأن العصبية تأتي بمركز متقدم بالقائمة الحاوية لتلك العوامل المسببة لها.
فـ عدم التخلص من العصبية يؤثر سلباً على سلامة الشرايين، وعلى وجه التحديد الشرايين التاجية حيث يصيبها بالتشنج، الأمر الذي يعيق تدفق الدماء ويؤدي إلى اضطراب النظام القلبي، فينتج عن ذلك شعور مفاجيء بألم مبرح وضغط قوي على منطقة الصدر، وتعد الذبحة الصدرية من أخطر المشكلات الصحية المعروفة، والوقاية منها سبب كافي لـ التخلص من العصبية