اللغة العربية هي إحدى اللغات الحية الشائعة والمتميزة في آن واحد، فعدد الذين يتكلمون بها يُقدر بأكثر من 420 مليون إنسان، النسبة الأكبر منهم بالطبع تتركز بالوطن العربي، هذا بخلاف بعض أطياف الدول المجاور مثل تركيا وبعض دول قارة إفريقيا، أما عن تميزها فهو يبرز في جمالياتها اللغوية ومفرداتها الثرية، فهل هذين السببين كافيين لتعلم اللغة العربية وإجادتها؟، قد تكون الإجابة “نعم” لكنها لا تنفي وجود أسباب أخرى لتعلمها أكثر تعدداً وتنوعاً.
أسباب تعلم اللغة العربية :
اللغة العربية لها عشاق يرون أن إجادة اللغة في ذاتها غاية، فكل ما يرجونه منها هو تذوق جماليتها والاستمتاع بصياغاتها، وهؤلاء لديهم أسبابهم الخاصة والمقنعة لتعلم اللغة العربية ،لكن هناك أسباب أخرى عامة تدفع كل شخص عربي لتعلم هذه اللغة وإتقانها، بغض النظر عن مدى شغفه بها، وأهم هذه الأسباب يتمثل في :
الهوية :
اللغة هي إحدى الركائز الأساسية التي تقوم عليها هوية الدول وطباع الشعوب، بل أن اللغة يمكن أن تتخذ كأساس لتصنيف مجموعات الدول، فنجد أن الدول الكونفدرالية على سبيل المثال هي تلك التي تتخذ من اللغة الفرنسية لغة رسمية لها، والأمر نفسه ينطبق على تلك التي تتحدث الأسبانية أو الأوردية وغيرهما.. والأمر كذلك بالنسبة لنا نحن بالعالم العربي، فأن اللغة العربية هي إحدى العوامل التي تشكل هويتنا؛ ولذا يحدثنا التاريخ بأن الاستعمار كان هدفه الأول هو إحلال لغته محل اللغة العربية ، فقد كان يعلم أنه إذا تمكن من ذلك فأنه تمكن من طمس الهوية العربية للأبد، ولذا فالهوية أحد أهم الأسباب التي تدفعنا إلى تعلم لغتنا اللغة العربية ،إذ أن تعلمها هو الدليل الأكبر على انتمائنا إلى عروبتنا.
التواصل والتحاور :
اللغة العربية هي اللغة الأولى والرسمية والأم في البلدان العربية، ولهذا وجب تعلمها حيث أن من خلالها نتمكن من التحاور وتمتد بيننا جسور التواصل، فهذه هي أولى الأمور المستفادة من اللغات بصفة عامة، وأولى دوافعنا لتعلم اللغة العربية بصفة خاصة، باعتبارنا ابناء العروبة المنتمون إلى اللغة العربية ،فنحن -ابناء الوطن العربي- تختلف جنسياتنا ونتباين في الآراء والرؤى، إلا أننا جميعاً نتشارك شيء واحد ألا وهو اللغة العربية
القرآن :
تتشرف اللغة العربية ونتشرف نحن كمتكلمون بها بأنها اللغة التي اصطفيت ليتنزل بها القرآن الكريم، ووفقاً لما اتفق عليه الأئمة وكبار المشايخ والعلماء، فأن شرح القرآن يجوز أن يكون بواسطة لغة أجنبية كي يصل معناه إلى أهلها، أما عن تلاوة القرآن فهي لا تجوز إلا من خلال لغته وهي اللغة العربية ،مما يضيف سبباً آخر إلى أسباب تعلم اللغة العربية، ألا وهو التمكن من حفظ القرآن وتلاوته عند الصلاة وفي غير أوقاتها، ويعد هذا السبب هو الأكثر دفعاً إلى تعلم اللغة العربية وإتقانها، إذ أنه يحث كل مسلم على تعلم اللغة العربية حتى وإن كان لا ينتمي إليها في الأصل، وهو الأمر الذي زاد من أعداد المتحدثين بـ اللغة العربية نسبياً.
اللغة الأم :
كل إنسان يحيا على وجه الأرض لابد له من لغة أم، ولابد له من تعلم لغته هذه للتمتع بالآثار التي تترتب على ذلك، وتعلم اللغة الأم هنا لا يعني فقط التحدث بها وفهم مصطلحاتها، وإنما المقصود به التعرف على قواعدها النحوية وإتقان التعامل بها كتابة وقولاً إجادة تامة، وهو سبب آخر يدفعنا لتعلم اللغة العربية وفي ذات الوقت يكشف كم نحن مقصرون في ذلك.
تعلم اللغات الأخرى :
وفقاً لدراسة مقارنة أجريت بإحدى الجامعات البريطانية، فأن الأشخاص الذين يتقنون قواعد لغتهم الأم أكثر قابلية لتعلم المزيد من اللغات الأجنبية، وفي زمننا المعاصر بات اهتمام الآباء منصب بالكامل على تعليم أولادهم إحدى اللغات الأجنبية، وبالأخص اللغة الإنجليزية كونها الأكثر شيوعاً والأوسع انتشاراً، وإن كان ذلك أمر حميد إلا أنه يطغى على تعلمهم للغتهم الأم اللغة العربية ، وهذا يهدر فرصة تحسين مستوى تعلم الأطفال للغات الأخرى.