دوران الأرض من الأمور التي حيرت العلماء كثيراً وعقدت حولها الكثير من النظريات، ولفترة طويلة أنكر العلماء والعامة حقيقة أن الأرض تدور وتتحرك، وذلك لعدم توافر دليل مادي على دوران الأرض لأننا لا نشعر بهذا الدوران، وبعد التيقن من حقيقة أن الأرض تدور حول الشمس وحول محورها، أصبح شغلهم الشاغل البحث عن تفسير لعدم قدرتنا -نحن البشر– على الإحساس بـ دوران الأرض
لماذا لا نشعر بـ دوران الأرض؟
قبل عِدة قرون اعتقد أن البشر أن الأرض التي يعيشون عليها هي مركز الكون، وأن كل الأجرام الأخرى التي يرونها في السماء تسبح في فلكها.. عند اكتشاف حقيقة أن كوكب الأرض عبارة عن كرة منبعجة الأطراف أقرب للبيضة، وأن هذا الكرة تقوم بدورتين إحداهما حول نفسها والأخرى حول الشمس، تم رفض هذه النظرية وتكذيبها من قبل الغالبية لسبب واحد، هو إن كان هناك ما يسمى بـ دوران الأرض حقاً، فلماذا لا نشعر به ونحن نحيا على سطحها؟!.. مع الوقت تم إثبات صحة النظرية فلم تعد تقبل التشكيك، لكن السؤال الذي ترتب على اكتشافها ظل لفترة أخرى دون إجابة، انشغل خلالها العلماء بالبحث عن تفسير لعدم شعورنا بـ دوران الأرض
تباين الأحجام :
أيضاً من العوامل التي لا تجعل الإنسان يشعر بحركة دوران الأرض ،هو أن هناك تباين هائل في الأحجام بين الإنسان الفرد وحجم كوكب الأرض نفسه، فإذا قمنا بالمقارنة بين الحجمين سنجد أن حجم الإنسان الفرد لا يكاد يذكر مقارنة بحجم الكوكب، ولهذا فأن رغم معدل سرعة دوران الأرض المرتفع، لا يمكن للإنسان الشعور به نظراً لضآلة حجمه، فلا يمكنه إدراك حركة ذلك الجسم الذي يفوق حجمه ببلايين بلايين الأضعاف، ولذات السبب يرى الأرض دائماً في وضع مستوى ولا يدرك بمجرد نظره أنها تتخذ شكلاً كروياً، وعلى سبيل المثال فأننا حين نستقل القطار أو الطائرة لا نشعر بحركته، ولكننا إذا نظرنا عبر النوافذ ورأينا الأجسام تمرق من جانبنا فأننا سندرك حينها معدل السرعة الذي ينطلق به القطار، والأمر نفسه ينطبق على دوران الأرض ،إلا أننا بسبب صغر حجمنا نعجز عن ملاحظة سرعتها بالبصر.
ثبات معدل دوران الأرض :
أول العوامل التي تجعلنا لا نشعر بحركة دوران الأرض هو ثبات سرعتها، وهذا رغم أن دوران الأرض يتم بسرعة هائلة، فوفقاً للمعادلات التي توصل العلماء لها فأن الأرض تدور حول نفسها بسرعة حوالي 76 ألف كيلومتراً في الساعة، ولـ دوران الأرض نوعاً آخر هو دورانها حول الشمس وذلك بسرعة 107 ألف كيلومتراً لكل ساعة، ورغم ارتفاع السرعة إلا أن ثبات معدلات دوران الأرض هو السبب الأول في عدم شعور الإنسان به، وهذه ليست خاصية تتميز بها الكواكب فحسب إنما هي قاعد فيزيائية عامة، ومثال على ذلك استقلال الإنسان للمصعد الكهربائي، فأننا لا نشعر بحركة المصعد إلا باللحظة التي يبدأ فيها الصعود واللحظة التي يتوقف فيها، وما بين هذا وذاك لا نشعر بحركته لأن معدل السرعة يكون ثابتاً، أما باللحظتين المذكورتين التي يتغير فيهم معدل السرعة نستشعر ارتجاجه، وهكذا هو الحال بالنسبة لـ دوران الأرض ،كونه يتسم بثبات السرعة ومعدل الدوران يستحيل الشعور به.
الإنسان جزء من دوران الأرض :
العامل الثاني الذي يعيق عملية استشعارنا بحركة دوران الأرض هو أننا جزء لا ينفصل عن دورانها، بمعنى أن من يصعد بمركبة إلى الفضاء الخارجي يمكنه بسهولة ملاحظة حركة دوران الأرض، أما ونحن فوقها فلا يمكننا ملاحظة حركة الأرض أو الشعور بمعدل دورانها، وذلك لأننا ندور معها في ذات اللحظة وبنفس معدل السرعة، ويرجع العلماء في هذه النقطة مرة أخرى لمثال ركوب الطائرة، فطالما هي محلقة في الجو تبدو لراكبيها ثابتة وكأنها على الأرض، وذلك لأنها تحلق في اتجاه ثابت وبمعدل سرعة محدد، وهم جزء منها يتحركون معها بنفس السرعة وفي ذات الاتجاه، لكن الأمر يكون مختلفاً بالنسبة لمن يشاهدها محلقة من على الأرض، فأنه يلاحظ حركتها وسرعتها.