كرة القدم باتت إحدى مسببات خلو الشوارع من المارة، ما أن تعلو صافرة الحكم معلنة بدء المباراة، حتى تجد الجميع قد اتخذوا مواقعهم داخل المدرجات أو أمام شاشات التلفاز، لا يديرون أبصارهم عن ذلك المستطيل الأخضر إلا مع الصافرة الختامية، فهل استوقفك الأمر مرة ودفعك لطرح التساؤل: لماذا رياضة كرة القدم بالأخص؟ وما الذي يميزها وجعلها تحظى دون غيرها بهذه الشعبية الكاسحة حول العالم؟
أسباب شعبية كرة القدم :
سهولة الممارسة :
السبب الأول للانتشار الذي حققته كرة القدم منذ ظهورها الأول، هو إمكانية ممارستها في أي وقت وبكل مكان دون تعقيد، فهي لا تحتاج إلى تجهيزات عديدة بعكس ألعاب أخرى مثل كرة السلة أو التنس أو كرة السرعة، وهو ما جعلها اللعبة المثالية بالنسبة لكافة الطبقات الاجتماعية، فهي تمارس في أكبر الأندية بنفس القواعد والطريقة التي تمارس بها في الساحات الشعبية، كما أنها مناسبة للهواة لسهولة قوانينها وطريقة لعبها.
المهارة :
بخلاف النسبة الغالبة من الألعاب الرياضية لا تعتمد كرة القدم على القوة العضلية، بالطبع عنصر اللياقة البدنية أساسي بالنسبة لأي ممارس للرياضة، ولكن المقصود هنا أن كرة القدم لا تتسم بالعنف أو تعتمد على التلاحم والتدافع، ولا تشترط أن يكون لاعبيها من ذوي الأجساد الضخمة والعضلات المفتولة، إنما عنصر التفوق فيها يعتمد أولاً وأخيراً على مهارة اللاعب، ومدى قدرته على المراوغة والتحكم في الكرة، وهذا أحد مميزات كرة القدم وأحد أسرار متعتها، التي تجذب إليها أنظار بلايين المتابعين بمختلف قارات العالم.
إعمال العقل :
المتعة التي تحققها كرة القدم لجماهيرها لا تقتصر على ما يدور داخل أرض الملعب فقط، بل أن متعة كرة القدم تسبق وتلي مبارياتها، حيث أن مباريات كرة القدم تدار وفق استراتيجيات وخطط معينة، حيث يعتمد كل فريق على مواطن قوته مستغلاً مواطن ضعف منافسه، وهواة متابعة بطولات كرة القدم يتبارون في تحليل المباريات، ويعددون أسباب الفوز ويحددون الأخطاء التي أدت بالفريق إلى الهزيمة، وبالتالي فأن المشاهد طوال فترة المشاهدة يُعمِل عقله ويفكر ويحلل ويتوقع إجراءات المدراء الفنيين، وذلك يخلق حالة من التفاعل بين مُشاهد كرة القدم وأحداث المباريات، وهو أمر تفتقده الألعاب الرياضية الأخرى مما يجعله سبباً آخر لتميز كرة القدم
عنصر المفاجأة :
يبدأ الملل في التسلل حين يصير بمقدور الإنسان توقع الأحداث الآتية، وهذا هو ما لا يمكن أن يحدث مع كرة القدم أبداً، فلقب الساحرة المستديرة لم يكن إطلاقه عليها آتياً من فراغ، إنما لأنها لا تعترف باسماء النجوم ولا بتاريخ الأندية، ففي كرة القدم ليس هناك مستحيل وكل شيء وارد الحدوث، ومن الممكن أن تنقلب مجريات المباراة في أي لحظة، وهو ما يزيد من متعة مباريات كرة القدم ويشعل المنافسة ببطولاتها، ليكون عنصر المفاجأة أحد عناصر تميز كرة القدم، وواحد من أهم الأسباب التي صنعت شعبيتها الواسعة.
عدم النمطية :
رغم أن قوانين كرة القدم ثابتة على مر العقود، إلا أن أسلوب اللعب شهد تطورات عديدة ولازال يشهد، وهذا من العوامل التي تميز كرة القدم عن غيرها من الألعاب الرياضية، وخاصة الألعاب الكروية مثل كرة السلة وما يماثلها، ففهي هذه الألعاب نلاحظ أن طريقة اللعب تقريباً ثابتة، وتسجيل الأهداف يتم بأسلوب واحد نمطي ومتكرر، أما كرة القدم فهي على نقيض ذلك تماماً، فأساليب اللعب تختلف بين فريق وآخر، وكذا لا يوجد أسلوب محدد لإحراز الأهداف، وهو ما ينفي عن كرة القدم صفتي النمطية والتكرار، مما يصعب من توقع أحداث مبارياتها ويزيدها إمتاعاً للجماهير.