غاز الهيليوم أحد الغازات النبيلة التي تتميز بخصائص أكسبتها شهرة واسعة، فإذا ذُكر الهيليوم مثلاً ذُكرت البالونات الطائرة، ويمكن القول أنها من أكسبته هذه الشهرة، حيث يشيع استخدامها في العديد من الحفلات والمناسبات المختلفة على مستوى العالم أجمع، لكن هل فكرت يوماً في سبب شهرت هذا الغاز وقدرته على رفع البالونات في الهواء؟ وهل له خصائص أخرى تميزه غير ذلك؟ وفيما يُستخدم؟ هذا ما سنتعرف عليه في المقال التالي.
لماذا يسبب غاز الهيليوم ارتفاع البالونات في الهواء؟
ما هو غاز الهيليوم؟
الهيليوم هو احد الغازات النبيلة ويقع في الجدول الدوري ضمن عنصر المجموعة الثامنة عشر، رمز الكيميائي He، ويوجد دائماً في حالته الغازية ولا يتكاثف أو يتم تسيله إلى في حالات نادرة وتحت ظروف خاصة، لا يُعتبر أحد الغازات السامة وليس له تأثير على الكائنات الحية، في حالته الطبيعية يكون بلا لون أو طعم أو رائحة، ويعتبر من العناصر الأكثر انتشاراً في الكون، كما أنه أقل الغازات الخاملة في درجة الانصهار والغليان.
اكتشاف الهيليوم
- كان اكتشاف الهيليوم حادثة فريدة من نوعها، حيث يُعتبر العنصر الوحيد حتى الآن الذي اكتُشف وجوده في الشمس قبل أن يُعرف على الأرض.
- حدث ذلك عام 1868م، حيث لاحظ العالم جوزيف نورمان لوكير وجود خط طيفي أصفر حول الشمس أثناء مراقبة الكسوف، حينها أطلق عليه رمز D3، نتيجة لقربه من الطول الموجي لعنصر الصوديوم والذي يأخذ رمزي D1, D2، بعدها خرج لوكير بنتيجة مفادها أن هذا العنصر يوجد فقط في الشمس ولا يوجد في كوكب الأرض، وأسماه هيليوس وهو اسم الشمس بالإغريقية.
- ساد هذا الاعتقاد حتى عام 1895م، حيث كان العالم وليام رمزي يجر أبحاث على معدن الكليفيت، والذي يحتوي على نسبة من العناصر الخاملة، وأثناء التجارب لاحظ رمزي وجود طيف أصفر مشابه لما اكتشفه لوكير، بعد ذلك تم جمع العينات لدراسته والتعرف على كتلته الذرية.
- تم تجميع الهيليوم وتسيله لأول مرة عام 1908 على يد العالم هايك أونس، بعد تبريده لدرجة واحدة، لكن لم يستطع تحويله للحالة الصلبة، وفي عام 1926م تمكن فيليم هندريك بتحويل 1سم مكعب من الغاز بعد وضعه تحت ضغط إضافي.
وفرته في الطبيعة
- يشكل الهيليوم نحو 23% من الغازات الموجودة في الكون، فهو ثاني عنصر من حيث الوفرة بعد غاز الهيدروجين، لكن رغم ذلك يُعتبر من الغازات نادرة الوجود على كوكب الأرض.
- يمثل الهيليوم نسبة ضئيلة جداً في الغلاف الجوي تقارب نحو 5.2 جزء لكل مليون جزء، وتظل هذه النسبة ثابتة رغم تكونه بشكل مستمر، يرجع العلماء ذلك لقدرته على التحرر من الغلاف الجوي للفضاء، لكن لم يُعرف كيف يحدث ذلك بشكل قاطع بعد.
- يوجد الهيليوم أيضاً في حقول الغاز الطبيعي بنسب متفاوتة، لكن أقصى كثافة وجدت كانت في حقل غاز طبيعي في نيومكسيكو، حيث كانت نسبته تمثل نحو 7% من نسبة الغاز المستخرج.
استخدامات الهيليوم
يدخل الهيليوم في العديد من المجالات نتيجة خصائصه الكيميائية المميزة مثل انخفاض درجة غليانه، وانخفاض كثافته وعدم قابليته للذوبان بسهولة، وقدرته الفائقة على توصيل الحرارة بالإضافة لخواصه الخاملة، بالتالي كان له أولوية فائقة لاستخدامه في العديد من المجالات منها ما يلي:
-
ملئ المناطيد والبالونات
يستخدم الهيليوم في ملئ السفن الهوائية وغيرها من الأشياء التي تحتاج للارتفاع وذلك لأن كثافته أقل من كثافة الهواء ما يُساعد على ارتفاعه بسهولة، على الرغم من أنه ليس العنصر الأخف في الكون حيث يسبقه في ذلك الهيدروجين، لكن الهيليوم غير قابل للاشتعال مثل الهيدروجين.
-
للكشف عن التسريبات
نتيجة لقدرته على الانتشار أسرع ثلاث مرات عن الهواء العادي، يُستخدم الهيليوم للتأكد من عدم وجود تسريب في الحاويات التي تستخدم للنقل، حيث يتم تفريغ الحاوية من الهواء وملئها بالهيليوم ثم استخدام أجهزة خاصة لقياس نسبة التسريب.
-
غاز عازل أثناء اللحام
بعض المعادن تضعف عند لحامها في جو من الهواء العادي أو النيتروجين لذلك يُستخدم الهيليوم كغاز عازل أثناء اللحام نتيجة لخواصه الخاملة، كما يُستخدم عند صناعة بعض المعادن مثل السيليكون والجرمانيوم والتيتانيوم.
-
يستخدم في أجهزة التنفس
يتم استخدام الهيليوم في اجهزة تنفس الغواصين للتخفيف من الآثار التخديرية ومتلازمة الرعاش التي تحدث عند الغوص لأعماق شديدة، وذلك لأنه يقلل المجهود اللازم للتنفس بسبب كثافته المنخفضة.
-
أجهزة الليزر
يستخدم الهيليوم في صناعة أجهزة النيون الليزرية التي تُنتج حزمة حمراء اللون من الأشعة، ويُستخدم في قراءة الباركود ومؤشرات الليزر.
-
وسيط في التفاعلات النووية
نتيجة لخموله وقدرته الفائقة على توصيل الحرارة يُستخدم كوسيط في المفاعلات النووية، فهو لا يتأثر بالنيوترونات وعدم تشكيله لنظائر مشعة.
آثار الهيليوم على صحة الإنسان
- كما ذكرنا سابقاً الهيليوم ليس غاز سام ولا يسبب آثار سلبية تُذكر على صحة الإنسان، لكن عند استنشاقه، تتغير حدة الصوت ويبدو كأنه مُسرع، يرجع ذلك إلى أن سرعة الصوت في وسط من الهيليوم أسرع 3 مرات من الهواء العادي، لذلك يتسارع رنينه ويظهر في هذه الحالة.
- لكن كونه لا يؤثر على الإنسان في الظروف العادية لا ينفي مخاطرة، فقد سُجلت حالات وفاة بسبب المبالغة في استنشاقه وإحلاله محل الأكسجين، كما أن استنشاقه من اسطوانات مضغوطة يُمكن أن يُسبب تلف شديد بأنسجة الرئتين.
- التعامل مع الهيليوم المسيل يُكمن أن يسبب ضرر كبير لأنسجة الجسم نتيجة انخفاض درجة حرارته الشديدة.
أحب المعرفة والثقافة والسفر وعشقى للفيزياء والكيمياء جنونى .. أحب القراءة كثيرا وأهتم بالتعارف على أصدقاء جدد ..
أرحب بالجميع .. أتمنى التواصل مع أشخاص لديهم شغف علمى خصوصا الفيزياء .. لعلنا نتبادل الثقافة والمعرفة العلمية ..
Ahmed Farouk
التعليقات مغلقة.