الفلسفة أو كما يطلق عليها علم العلوم، هي أحد العلوم الإنسانية التي تعتمد أساساً على التفكير والتحليل في كل أمور حياتنا وعدم الأخذ بالمسلمات، فقد تناولت كافة أشكال الحياة الإنسانية بالتحليل والبحث عن حقيقتها المجردة، لكن ماذا تعني كلمة فلسفة في حد ذاتها؟ وكيف ولماذا ظهرت؟
لماذا ظهرت الفلسفة وماذا تعني ؟
معنى كلمة فلسفة
كلمة فلسفة في الأصل كلمة يونانية قديمة أصلها فيلوسوفيا، تتكون فيلوسوفيا من مقطعين، فيلو يعني حب وسوفيا يعني الحكمة، أي أنها مجتمعة تعني حب الحكمة، الغريب في الأمر أن معظم البشر يستخدمون الفلسفة بشكل يومي دون أن يدركوا ذلك، من خلال إثارة التساؤلات والبحث عن إجابات مختلفة، وهذا هو جوهر الفلسفة، فهي علم يدفع الإنسان للبحث الدائم، وتعد أهم القضايا التي تناولتها الفلسفة منذ ظهورها هي ماهية الكون والبحث عن وجود الخالق سبحانه وتعالى، بالإضافة لدخولها في كافة مجالات العلم والحياة المحيطة بنا.
أول من أوجد كلمة فلسفة وأطلق على نفسه فيلسوف كان العالم اليوناني فيثاغورس، وكانت الفلسفة طبقاً لمفهومه هي التفكير والتأمل في ماهية الأشياء سعياً وراء الحقيقة المجردة، خاصة القضايا التي تتعلق بالكون وطبيعة الخلق، ظل الأمر هكذا في عهد طاليس والسفسطائيين الذين عرف عنهم استغلال الفلسفة لتحقيق مصالح شخصية عن طريق تضليل الآخرين.
كان سقراط أول من أعطى للفلسفة مفهوماً جديداً، فقد نقلها من مجرد التفكير في طبيعة الكون وكيفية ظهوره إلى التفكير في الإنسان وماهيته والحكمة من وجودة، ما ساهم بشكل كبير في تطوير مفاهيم الفلسفة وأسسها، وعلى عكس السفسطائيين استخدم سقراط وأفلاطون الفلسفة لحث الناس على الفضيلة وإتباع مكارم الأخلاق.
أهم القضايا التي تناولتنها الفلسفة منذ ظهورها
رغم تغلغل الفلسفة في أغلب مجالات الحياة وتناولها لكثير من القضايا العلمية والنظيرة البحتة، إلا أن هناك بعض القضايا الأساسية التي شغلت الفلاسفة على مر العصور، من هذه القضايا ما يلي:
-
كيف نشأ الكون
تناول معظم الفلاسفة باختلاف عصورهم ودياناتهم هذه القضية، فقد تساءلوا عن ماهية الخلق وحقيقة وجود الخالق، وهل يمكن أن ينشأ الكون من العدم ويستمر دون وجود خالق عظيم يحكمه، كل هذه الأسئلة دارت في أذهان الفلاسفة، وانتهى معظمهم لنتيجة واحده، وهي التسليم بوجود خالق عظيم أنشأ هذا الكون.
-
حقيقة وشكل الخالق العظيم
بعد إن انتهى معظمهم لهذه النتيجة، بدأ التساؤل عن طبيعة هذا الخالق وشكله، ولماذا لا يتمكن الإنسان من رؤيته، بناء على هذه التساؤلات وضع كل منهم إجابة ترضي عقله وتفكيره، لذلك فقد اختلفوا في تحديد ماهية الخالق العظيم، إلا أن الفلاسفة المسلمون قد سلموا بوجود الله عز وجل وأنه الخالق الأوحد لهذا الكون.
-
العقل وطبيعة التفكير
من القضايا الهامة التي أثارها الفلاسفة أيضاً، فقد تساءلوا عن طبيعة العقل وكيف يفكر الإنسان، وهل يقوم عقل الإنسان بخداعه وتصوير أشياء غير حقيقية له، هل يمكن أن تكون حياتنا بالكامل كذبة أو حلم نعيش فيه ويصور إلينا العقل أنه حقيقة! من هنا جاءت المقولة الشهيرة للفيلسوف رينيه ديكارت “أنا أشك إذن أنا موجود” حيث انتهى وسلم بحقيقة الحياة والواقع الذي نعيشه.
-
هل الإنسان مسير أم مخير
قضية لم تشغل الفلاسفة وحدهم بل شغلت جميع البشر تقريباً، هل نملك الخيار فيما نفعل أما أننا خلقنا لتأدية دور معين لا حياد عنه، إن كنا مسيرين فلما وجد الثواب والعقاب إذاً، وكيف يكون الإنسان مخير والله يعلم مسبقاً كل ما سيقدم عليه، ولماذا لم يهديه للطريق الصحيح! كل هذه التساؤلات انتهت إلى أن الإنسان مخير وله حرية التفكير والحكم بما يراه مناسباً له سواء كان شراً أو خيراً، فقد منحه الله العقل لكي يزن الأمور بشكل صحيح، وأخبره بنتائج كل اختيار ثم تركه له حرية تحديد الدرب الذي يسير عليه، أما معرفة الخالق بأفعالنا مسبقاً دليل على عظمته وعلمه الواسع، فقد خلق الإنسان ويعرف كل مكنوناته حتى أنه قد عرف ما سينتهي إليه تفكيره.
أنواع الفلسفة
أدى تشعب الفلسفة وتعدد فروعها إلى قيام الفلاسفة بتقسيمها حسب أنواع القضايا التي يهتم بتحليلها كما يلي:
-
فلسفة العقل
هو نوع من الفلسفة التي تهتم بتحليل قضايا العقل والتفكير، وعلاقة العقل بوعي الإنسان وطريقة تفكيره وحياته، كما اهتمت بقضايا الإدراك وطبيعته وهل يرى البشر جميع الأشياء بنفس الشكل أم يؤثر وعيه على طبيعة إدراكه.
-
فلسفة الدين
أهتم هذا النوع بتحليل القضايا الدينية وعلاقتها بأسس التفكير العقلاني المجرد، كما اهتمت كثيراً بقضايا الميتافيزيقا كطبيعة الحياة والروح والموت وماذا يحدث بعده، واستمرت فلسفة الدين بالتشعب حتى شملت كافة القضايا الدينية التي تشغل تفكير الإنسان.
-
فلسفة القيم
اهتمت هذه الفلسفة بقضايا الخير والشر، ووضع أسس الفضيلة ونشرها بين الناس، وتوضيح العلاقة بين الإنسان ومجتمعه وواجب كل منهما تجاه الآخر.
-
فلسفة الجمال
اهتمت بالجانب الجمالي والحسي لكافة أشكال الحياة، فهو يهتم بعلوم الرسم والموسيقى وتأثيرها على مشاعر الإنسان وبالتالي انعكاس ذلك في تفكيره وطريقة تصرفه.