دولة الكويت أحد القلاع العربية الشامخة، منذ نشأتها وهي تعتبر ملاذ وملجأ لكل العرب مهما اختلفت جنسياتهم، لم ترد يوماً سائل أو تخذل ضعيفاً احتمى بها، تقع دولة الكويت على ساحل الخليج العربي بجوار دولتي العراق والمملكة العربية السعودية، يظن البعض خطأ أن نشأتها تعود لمدة زمنية قريبة، لكن علماء الآثار وجود بعض الحفريات التي تدل على وجود الإنسان بهذه المنطقة منذ عصور ما قبل التاريخ، لذلك فهي إحدى الدول المُخضرمة التي شهدت عصور وحضارات مختلفة ومُتباينة، اليوم سنتعرف أكثر على هذه الدولة وحضارتها وسبب تسميتها بهذا الاسم.
لماذا سميت دولة الكويت بهذا الاسم ومتى نشأت؟
سبب التسمية
كانت الكويت قديماً تُعرف باسم “مدينة القرين” وهي تصغير لكلمة “قرن” التي تعني التل أو الأرض المرتفعة”، لكن بعد ذلك تغير الاسم مع الوقت وأصبحت تُعرف باسم الكويت، والكويت أيضاً تصغير لكلمة “كوت” والتي تعني “الحصن المنيع” أو “القلعة” وكانت تطلق على البيوت الحصينة المبنية بجانب الماء.
شاعت هذه التسمية في بلاد العراق وما يُجاورها لكن لا أحد يعرف على وجه التحديد أصل كلمة “كوت”، أغلب الظن أنها تعود لأصول بابلية وذلك لوجود مدينة بابلية قديمة كانت تُدعى “كوت” كما أن هذه الكلمة وردت في كُتب سُفر الإنجيل القديم، هناك تآويل أخرى تقول أنها تعود لأصل هندي وذلك لوجود حصن هندي قديم يُدعى “كال كوت”، والبعض يُرجعها لأصول عربية وأنها مُحرفة عن كلمة “قوت” وباتت تُكتب بحرف الكاف بدل القاف.
أياً ما كان أصلها فإن كلمة “كوت”باتت تُطلق على الحصن المنيع الذي يُبنى على شكل مُربع ويكون مُجاوراً لمسطح مائي كبير، ويكون عظيم الحجم والشأن بين كل المباني المُجاورة له، فيقصده الغرباء للتزود بالقوت والماء أثناء رحلاتهم خاصة المُسافرين عبر البحر.
الكويت في التاريخ القديم
كشفت عمليات البحث والتنقيب عن وجود آثار وحفريات بالغت القدم تعود لعصور ما قبل التاريخ أقدمها يعود للعصر الحجري القديم، كما وُجدت بعض الآثار تعود للعصر الحجري الحديث والعصر البرونزي وعصر الحضارة الكاشية، بالتأكيد أثر هذا التباين بشكل كبير على عادات وتقاليد سكان المنطقة في ذلك الوقت.
لكن رغم ذلك تُعتبر جزيرة فيلكا أول ظهور لمدينة الكويت، والتي تعود للقرن السادس قبل الميلاد، قامت قوات الاسكندر الأكبر بالاستيلاء على الجزيرة في القرن الثالث قبل الميلاد وتم تغير اسمها إلى إيكاروس، اتخذها بعض اليونانيون فيما بعد مسكناً لهم خاصة التجار منهم.
الكويت في التاريخ الإسلامي
لعبت منطقة الكويت دوراً كبيراً في التوسع الإسلامي أثناء القرن الثاني عشر من الهجرة، فقد وقت معركة ذات السلاسل في منطقة كاظمة التي تقع على ساحل جون الكويت وقد انتصر فيها المسلمون بقيادة خالد بن الوليد على الفرس بقيادة هرمز، يمكن القول أن هذه المعركة كانت بداية التوسع الإسلامي لبلاد العراق وفارس، الجدير بالذكر أن دولة الكويت ظلت تحت قيادة الفرس لمدة تزيد على قرنين من الزمان قبل أن تنتقل لحكم البرتغاليون من عام 1507 وحتى عام 1649م.
الكويت في التاريخ الحديث
نشأت مدينة الكويت في بدايات القرن السابع عشر، تحديداً عام 1613م كمدينة تجارية على ساحل الخليج العربي، سكنت بها قبائل العتوب التي أتت من نجد، يُذكر أن هذه القبائل ارتحلت بين عدة أماكن قبل استقرارهم بمدينة الكويت، فقد أتوا من نجد ليستقروا في قرية الفريحة بقطر بعدما استأذنوا آل مسلم حكام قطر فأذنوا لهم بالبقاء، تعايش العتوبين مع بيئتهم الجديدة فتعلموا ركوب البحر والغوص لجمع اللؤلؤ بل وتفوقوا على أصحاب الأرض، شعر سكان قطر بالتهديد من قبائل العتوب فطلبوا منهم الرحيل.
استجاب العتوبين لطلب آل مسلم ورحلوا عن المدينة بحراً حتى وصلوا للبصرة عام 1701 وكانت تابعة للدولة العثمانية آن ذاك، سمح لهم والي البصرة بالبقاء ومكثوا فيها فترة من الزمن ثم ارتحلوا مرة أخرى حتى وصلوا مدينة القرين عام 1714، تفرقت القبائل بعد وصولهم هناك فأقام بعضهم صبية والبعض في عبدان والبعض في أم القصر، بعد ذلك اضطروا لمغادرة الصبية بسبب إعلان قبيلة الظفير الحرب عليهم فتوجهوا نحو الكويت واستقروا هناك عام 1715، بعدها ازدهرت تجارتهم وعملوا في الصيد وجمع اللؤلؤ وبدئوا في ارسال قوافل تجارية للهند.
عام 1716 اجتمع رؤساء أكبر القبائل وكانوا “صباح بن جابر” و”خليفة بن محمد” و”جابر بن رحمة” واستقروا أن يتولى صباح بن جابر أمور الحكم بعد أن يقوم باستشارتهم، وخليفة بن محمد أمور المال والتجارة و جابر بن رحمة شئون القوافل التجارية والأعمال البحرية.
أولى الصراعات الكويتية
أول حرب خاضتها الكويت كانت عام 1783 وكانت تُسمى معركة الرقة البحرية، تخاصمت فيها مع قبيلة بني كعب وقد انتهت بانتصار الكويتيين، بعدها قاموا ببناء السور الأول حول الكويت لحمايتها من أي هجمات خارجية وكان طوله 750م، ثم بُني السور الثاني في عهد عبد الله بن صباح بن جابر عام 1815 بطول 2300م.
الكويت اليوم
رغم أن دولة الكويت تُعتبر من الدول الصغيرة نسبياً إلا أنها من أغنى الدول على الإطلاق، فأراضيها تحتوي على ما يقرب من 10% من احتياطي النفط العالمي والذي يُشكل نحو 80% من إجمالي دخل الدولة، والباقي يعود للثروات البحرية خاصة استخراج اللؤلؤ بالإضافة لناتج الاستثمارات الصناعية.
يُذكر أن دولة الكويت تُعتبر ثاني أعلى دولة عربية من حيث متوسط دخل الفرد بينما أتت في المرتبة الحادية عشر عالمياً بقيمة 45 ألف دولار سنوياً، ويبلغ تعداد سكانها حالياً ما يقرب من 86 ألف نسمة يشكل المسلمين نسبة 85% منهم بينما تتوزع النسبة الباقية بين عدة ديانات أخرى أهمها الهندوسية والمسيحية.