البورصة أو سوق الأوراق المالية، مصطلح لطالما سمعناه في نشرات الأخبار خاصة في القسم الاقتصادي، ولطالما بدا ذكرها مشوقاً للبعض، ومبهماً للبعض، بينما يبدو محفوفاً بالمخاطر عند الغالبية، فكم مرة سمعنا عن تراجع أسهم وسندات خاصة ببعض الشركات، وما ترتب على ذلك من خسائر فادحة ألمت بالمضاربين، أكبر مثال على ذلك ما حدث أثناء الأزمة الاقتصادية الأخيرة، وما ترتب عليها من إفلاس شركات كبرى نتيجة تراجع أسهمها في سوق المال العالمية، لكن هل تساءلت يوماً ما هي البورصة؟ وكيف تعمل؟ ولماذا تتحكم في أكبر وأضخم الشركات العالمية بهذه الطريقة؟
لماذا سميت البورصة بهذا الاسم وما أهميتها ؟
ما هي البورصة ؟
البورصة هي أحد أكبر الأسواق العالمية، لكنها تختلف كثيراً عن سوق البضائع والمعاملات العادية التي نعرفها، فما يتم تداوله في البورصة ليس البضائع العادية المعروفة، ولكن أوراق تُعرف بالأوراق المالية، وهي غالباً ما تكون عبارة عن أسهم وسندات لها قيمة مالية، يتم بيعها وشرائها داخل سوق المال، طبقاً لقواعد محددة ومعروفة تُنظمها الهيئات العامة لسوق المال في كل دولة وفقاً لقوانينها، والغرض منها هو زيادة السيولة والحركة في رؤوس أموال الشركات العالمية، أما النفع الذي يعود على المستثمر فهو الاستفادة من فروق الأسعار بين عمليتي البيع والشراء.
سبب تسميتها بالبورصة
“بورصة” هي كلمة بلجيكية الأصل، تعود لاسم عائلة بلجيكية تُدعى فان در بورصن، كانت عائلة بورصن أحد أكبر العائلات التي تعمل في مجال البنوك في القرن الخامس عشر، بمرور الوقت أتفق التجاريين المحليين على الالتقاء في فندق العائلة وجعله مقر لاجتماعاتهم، استمرت اللقاءات والاجتماعات حتى أصبح اسم العائلة رمز لتداول السلع والخدمات، حتى تحورت إلى “بورصة” مع الوقت.
ما هي الأسهم ؟
السهم باختلاف نوعه يُعتبر سند ملكية في رأس مال الشركة المصدرة له، حيث تقوم كل شركة بإصدار مجموعة من الأسهم طبقاً لقانون تنظيم سوق المال والذي يُحدد عدد الأسهم الذي يُمكن لكل شركة إصداره، يكون للسهم قيمة مالية تُمثل نصيبه من رأس المال، عندما يقوم المستثمرون بشراء الأسهم فإنهم يُعاملون مُعاملة مالكي الشركة، كل حسب نصيبه من الأسهم التي يملكها، وبناء عليه يحصل على نسبة من الأرباح كما يكون شريك في الخسائر أيضاً، ويحق له كذلك التدخل والتصويت مع أو ضد قرارات مجلس الإدارة أثناء الاجتماعات العمومية للشركة.
ما هي السندات؟
على عكس الأسهم، السندات تعتبر سند مديونية، أي صاحبها يكون دائن للشركة بقيمة السند الاسمية وليس مالكاً فيها، ولا يحصل على أي من أرباح الشركة، ولكن يحصل على فوائد إما مستمرة حتى يتم استرداد السند من الشركة وإعطائه أمواله مرة أخرى، أو مجمعة وتكون في تاريخ الاستحقاق، صاحب السند لا يحق له التدخل في قرارات الشركة لأنه ليس من مالكيها، لكن إذا حدث تصفية يحصل على حقوقه قبل أصحاب الأسهم لأنه من أصحاب الحقوق “الدائنين” أي لا يتحمل أي خسائر.
ما هي فوائد البورصة ؟
يرى الاقتصاديون أن لسوق المال أهمية كبرى في تحريك الاقتصاد منع الركود الاقتصادي قدر الإمكان وذلك عن طريق ما يلي:
-
توفير الأموال لإطلاق شركات جديدة
شركات المساهمة الكبرى تحتاج لكمية ضخمة من الأموال قد لا تتوفر في يد أصحابها، لذلك يتم اللجوء لسوق الأموال وإتاحة شراء الأسهم للعامة بالتالي يتم جمع الأموال المطلوبة، كما أنها تتيح سوقاً أوسع للتبادل، فقديماً قبل ظهورها كانت عمليات البيع والشراء تتم بين الأصدقاء والمعارف فقط، أي في نطاق ضيق.
-
تنمية الاقتصاد القومي
وذلك عن طريق تحفيز الاستثمار، بدل أن يقوم مواطني الدولة بادخار الأموال فتصبح نقود راكدة لا تُساهم في عملية النمو الاقتصادي، يتم استثمارها لتدخل في الاقتصاد القومي.
-
تبادل الأموال بطرق مضمونة
تُعتبر البورصة سوق أو قناة نقل للأموال بين الفئات التي لديها فائض إلى الفئات التي لديها عجز، بالتالي تُساعد في سد هذه الفجوة بالإضافة لتشغيل الأموال، فتُساهم في رفع مستوى المعيشة.
الآثار السلبية لسوق المال على الاقتصاد
رغم أهميتها إلا أن لها جانب سيء أيضاً لا يُمكن التغاضي عنه وذلك لتأثيرها القوي والمباشر في حركة الاقتصاد، بل تٌعتبر مؤشر يُنبئ بأهم الأحداث الاقتصادية المستقبلية، أهم مساوئها ما يلي:
-
مجرد ساحة للتبادل
في الأسواق التجارية العادية، يُمكن أن يُحقق كلا الطرفين مكاسب مادية بسهولة، بل هو المبدأ الذي تقوم عليه كافة الأسواق، أما في سوق المال فيُمكن القول أنها ساحة لتبادل الثروات وليس لتحقيق مكاسب مادية حقيقة، فلا يُمكن لأي طرف أن يُحقق أرباح إلا بُناء على خسارة طرف آخر، حتى لو لم تظهر هذه الخسارة بشكل مباشر، لذلك المستفيد الحقيقي من عمليات التبادل هم الوكلاء وإدارة السوق.
-
التأثير على المشروعات الاقتصادية الحقيقية
النسبة الأكبر من أي اقتصاد تقوم على المشروعات الصغيرة والمتوسطة، لكن يُلاحظ أن تواجد سوق المال بقوة في أي دولة يؤثر بشكل كبير على نسبة هذه المشروعات خاصة في فترات النشاط، وذلك لاتجاه الغالبية العظمى إلى استثمار مدخراتهم في سوق المال بدل السوق الحقيقية، ما يؤدي لتباطأ النشاط الاقتصادي الحقيقي.
-
تقوم على توقعات وهمية
تعتبر البورصة أكثر الأسواق خطورة، وذلك لأنها تقوم على توقعات المضاربين، فلو كان المستثمر غير متمرس وعلى دراية كاملة بطريقة عمل السوق سيتكبد خسائر فادحة، كذلك فإن أغلب التطلعات في سوق المال تكون وهمية، حيث تعتمد على ما توحي به الشركة للمضاربين، وليس على نسب أرباحها الحقيقة.