الفضاء الخارجي مليء بالأسرار والمفاجآت التي تدل على عظمة الله سبحانه وتعالى، رغم محاولات الإنسان الدائمة لاستكشافه وفهمه يظل كنز مليء بالألغاز التي لم يستطع العلم الحديث فهمها حتى اليوم، حتى داخل حدود مجموعتنا الشمسية! رغم تطور التلسكوبات الفضائية بشكل هائل ومثير للدهشة وقدرتها على رصد أجرام تبعد عنا مليارات السنوات الضوئية، لكنها لا تستطيع تقديم تفسير واضح لأي من تساؤلات العلماء واستفساراتهم! أحد هذه الألغاز هو حزام الكويكبات، فوجودها في هذا المكان ظل لغزاً كبيراً يُحير العلماء حتى بعد رصدها، كذلك خواصها وطبيعتها، وسبب تواجدها بين كوكبي المريخ والمشترى وكيفية تكونها؟ كل هذه الأسئلة سنحاول إلقاء الضوء عليها في هذا المقال.
لماذا يوجد حزام الكويكبات بين المريخ و المشتري ؟
§ ما هو حزام الكويكبات
- حزام الكويكبات هو مجموعة من الأجرام السماوية الصغيرة التي لا يُمكن رؤيتها في سماء الكرة الأرضية بالعين المجرد كأغلب الكواكب الأخرى.
- يتكون الحزام من مجموعة أجرام سماوية لها أشكال غير متساوية، تدور في مدارات أهليجية حول الشمس، بالإضافة لمجموعة من الأتربة والغبار الفضائي.
- يُعتقد أن هذه الكويكبات تكونت منذ ما يقرب من 4.6 مليون سنة مضت، وأشهر كويكباتها هو سيرس، حيث يمثل وحده ما يقرب من 25% من كتلة الحزام.
§ اكتشاف حزام الكويكبات
- وفقاً للحسابات الفلكية تُوجد نسبة ثابتة لبُعد أجرام المجموعة الشمسية عن بعضها البعض، ظلت هذه النسبة ثابتة حتى اكتشاف كوكب أورانوس 1781م، ولوحظ أن المسافة التي تفصل المشترى عن عطارد ضعف المسافة المُتعارف عليها.
- حينها افترض العلماء وجود كوكب آخر في هذه المسافة، وحاولوا رصده لكن دون جدوى حتى اكتشاف كويكب سيرس عام 1801م.
- ثم في عام 1802م تم اكتشاف كويكب آخر يُدعى بيلاس 2، ولصغر حجم هذه الكويكبات افترضوا أنها بقايا لكوكب كان موجود فيما مضى ثم تحطم.
- توقفت الاكتشافات فترة بسبب الحروب التي قامت في أوربا، ثم استؤنفت مرة أخرى عام 1845م، في هذه الفترة تم اكتشاف العديد من الكويكبات حتى وصل عددها 1000 كويكب بحلول عام 1923م.
- حالياً تم اكتشاف وجود ملايين الكويكبات في الحزام أغلبها يصل قطره لحوالي كيلو متر واحد، وهناك قلة قليلة يزيد قطرها عن 100 كيلو متر.
§ نظرية تكون الكويكبات
- قديماً كانت النظرية السائدة عن وجود حزام الكويكبات وتكونه، هو أنها بقايا تحطم احد كواكب المجموعة الشمسية، لكن لاحقاً تم التخلي عن هذه النظرية، نظراً لأن كتلة الكويكبات مجتمعة أقل من كتلة القمر الأرضي، كما أن انفجار كوكب كامل يتطلب كم كبير جداً من الطاقة، ما يعني أن تأثير الانفجار كان سيظهر على باقي أجرام المجموعة الشمسية.
- النظرية السائدة حالياً هي أن كل كويكب تكون على حدة واستغرقها الأمر ملايين السنوات لتتكون، وقد تم تسميت أغلبها.
§ تأثير حزام الكويكبات على الأرض
- نتيجة لكثرة الكويكبات في هذه المنطقة أصبحت عُرضة للعديد من التصادمات بين بعضها البعض، ما يجعلها مصدر للشهب والنيازك، فالحطام الناتج عن التصادم يخرج عن حزام الكويكبات ويسقط على كواكب المجموعة الشمسية، فمن بين جميع النيازك التي سقطت على كوكبنا الأرضي يُقدر العلماء أن 99% منها قادمة من حزام الكويكبات.
§ خصائص الكويكبات
يُمكن تقسيم أجرام حزام الكويكبات لأربعة أنواع رئيسية وفقاً لخصائصها المشتركة كما يلي:
-
الأجرام الكربونية
وتأخذ الرمز C أي Carbonaceous، وهي من أقدم الأجرام في المجموعة الشمسية، يتكون أغلبها من صخور وسيليكا وتراب، وتبدو دائماً مًظلمة، تمثل نحو 75% من أجرام الحزام.
-
أجرام السيليكا
وتأخذ الرمز S أي Silicaceous، وتتكون من السيليكا والحديد والنيكل وتمثل نحو 15% من الأجرام، تمركزها الأساسي يأتي في منتصف حزام الكويكبات.
-
الأجرام المعدنية
تأخذ الرمز M أي Metallic، وتمثل حوالي 10% من كتلة الحزام، تتكون من النيكل والحديد ومعادن أخرى.
-
كويكب فيستا
كويكب فيستا عند اكتشافه كان من الكواكب الفريدة من نوعها، فقد كان الكويكب الوحيد الذي يحتوي على البازلت، لذلك تم تسمية المجموعة طبقاً لاسمه وأطلق عليها الحرف V.
لاحقاً تم اكتشاف مجموعة من الكويكبات التي تحتوي على عنصر البازلت لكن ساد اعتقاد أن مصدرها هو كويكب فيستا كونه الكويكب الوحيد كبير الحجم، استمر هذا الاعتقاد سائداً حتى تم اكتشاف كويكب ماجنيا، بتحليل مُكوناته وُجد أن تركيبه الكيميائي يختلف عن فيستا رغم احتوائه على البازلت، لذلك تخلى العلماء عن كون فيستا أساس الكويكبات البازلتية.
يُرجح أن الكويكبات البازلتية تكونت مع تكون المجموعة الشمسية، فدرجة الحرارة التي تعرضت لها الكويكبات ودرجة قربها أو بعدها عن الشمس أثر كثيراً على تكوينها، الأجرام التي تعرضت لدرجات عالية ذابت وتمركز الحديد والعناصر الثقيلة في مركزها، ما أدى لخروج المواد الذائبة والصهارة إلى السطح، وهذا تماماً ما حدث مع فيستا.