البراغيث تنتشر بين شعيرات الحيوانات الأليفة وبالأخص القطط والكلاب، وكثير ممن يرغبون في تربية الحيوانات يتراجعون عن الفكرة خشية انتشار البراغيث بمنزلهم، والسؤال هنا هل يمكن التغلب على الأمر وحماية الحيوانات وبالتالي الإنسان من ذلك؟، والسؤال البديهي الأهم ما هو السبب في شيوع هذا الأمر؟
البراغيث والحيوانات الأليفة :
من المعروف أن أجسام الحيوانات وخاصة القطط والكلاب بيئة مثالية لنمو البراغيث ،لكن هناك اعتقاد شائع بأن هذه الكائنات المتناهية الصغر تجري دورة حياتها كاملة فوق أجسادهم، فالحقيقة مغايرة لذلك وبيض البراغيث لا تفقس على أجسام الحيوانات.. فأنثى البرغوث حين تضع بيتها يكون طوله 0.5 ملمتر، مما يجعل ملاحظته بالعين المجردة على أجسام الحيوانات أمراً مستحيلاً، وهو يكون ناصع البيضاء ويصفه العلماء بأنه ناصع وشبيه بحبات اللؤلؤ، لكن هذه البويضات لا يمكنها الالتصاق بشعيرات الحيوانات الأليفة، وتتساقط وتبعثر مع حركة الحيوان الدائمة، فتنتقل منه إلى البيئة المحيطة به داخل المنزل، وفي محيط هذه البيئة تتم أول مرحلة من دورة حياة البرغوث بفقس البيوضات، ويتم ذلك خلال فترة زمنية تتراوح ما بين يوم إلى عشرة أيام، ابتداءً من اللحظة التي يجد فيها بيض البراغيث البيئة الصالحة للفقس، والتي تعتمد على عاملين أساسيين هما الحرارة والرطوبة، وكلما كانت نسبة هذين العاملين مرتفعة أكثر كان فقس البيض أسرع.
لماذا تكثر البراغيث بالمنازل ؟
لعل أكثر سؤال مُحير بشأن البراغيث هو السر وراء انتشارها داخل المنازل؟، ومن ثم تهديدها المستمر للحيوانات الأليفة التي تربى بداخله، والتي في أغلب الأحيان إما نوع من القطط أو الكلاب.. السر في ذلك هو أن يرقات البراغيث التي تخرج عن فقس البيض تتجنب الشمس، لذلك فإن أغلب البيضات التي تفقس في العراء بالخارج تهلك يرقاتها نتيجة تعرضها لحرارة ضوء الشمس، إلا من يتمكن من الاحتماء وسط الأعشاب أو بين فروع وأوراق الأشجار، فهي تعيش لمدة تتراوح ما بين خمسة أيام إلى إحدى عشر يوماً قبل أن تتحول إلى طور التشرنق، وخلال هذه الفترة يلزمها إيجاد بيئة ملائمة لتحيا بها، وهذه البيئة تتوفر في المنازل بل وتعد بيئة مثالية لنمو يرقات البراغيث ،حيث تحيا في الظل متجنبة ضوء الشمس المهلك لها، وكذلك تجد في عمق فوارق الأخشاب وأنسجة السجاد والمفروشات بيئتها الرطبة المثالية، وخلال هذه الفترة تتغذى اليرقات على براز البرغوث البالغ قبل أن تتحول إلى شرنقة.
متى تصير البراغيث براغيثاً ؟
خمسة أيام إلى إحدى عشر يوماً هي المدة التي تبقى البراغيث فيها متشرنقة، أي تكون يرقاتها ملتفة داخل شرنقة من خيوط حريرية، ومع توفر البيئة المناسبة الرطبة المتسمة بالدفء ينمو البرغوث داخل شرنقته، وخلال المدة سالفة الذكر يحتول إلى حشرة يافعة مكتملة النمو، وبتأثير الضغط أو الحرارة أو غاز ثاني أكسيد الكربون تتم مراحل نمو البرغوث، فتقوم هذه البراغيث اليافعة تامة النمو بخرق شرانقها والخروج إلى البيئة المحيطة بها حاملة معها الخطر، الذي يهدد صحة الحيوانات الأليفة وبالتالي يهدد صحة الإنسان الذي يتعامل معها أو يعيش في محيطها.. وهنا تجدر الإشارة إلى سبب العجز عن القضاء نهائياً على البراغيث ، فهي كائنات لا يمكن إبادتها قبل أن تتحور إلى الطور النهائي النامي منها، أما قبل ذلك فهي بإمكانها البقاء على قيد الحية طيلة مائة وأربعون يوماً داخل الشرنقة، وطالما البرغوث ملتفاً بشرنقته فهو لا يتأثر بالمبيدات الحشرية، وهو ما يجعل من انتشار البراغيث مشكلة جسيمة خارجة عن سيطرة وإرادة الإنسان، إذ أن مراحل نموها متفاوتة المدة ولا يوجد مقياس زمني محدد لإتمام نموها، فقد يكون ذلك في فترة وجيزة تقدر بحوالي واحد وعشرين يوماً، وقد تمتد لفترة طويلة تقارب مدة عام كامل.
البراغيث تهاجم الحيوانات.. لماذا ؟
ليست المبيدات الحشرية وحدها هي ما يهدد حياة البراغيث فور خرقها لشرنقتها، فقد يسبق الجوع المبيدات ويتسبب في هلاكها، ولذا فأن أول ما يفعله البرغوث المكتمل النمو عند خروجه من شرنقته، هو البحث عن عائل أو مضيف ليقوم بامتصاص أول جرعة دماء منه، وهذا لابد أن يتم خلال أيام قليلة من الخروج كي تتمكن البراغيث من الاستمرار في الحياة، فتنجذب إلى الثديات سواء الإنسان أو الحيوانات الأليفة لتحصل منهم على مرادها، وتمرمغ الحيوانات الدائم على الأرضيات والأماكن الرطبة يجعلها هدف أسهل بالنسبة للبراغيث.
كيف تحدد البراغيث أهدافها ؟
البراغيث لديها قدرة فائقة على تحديد مواقع أهدافها من الثديات والتوجه إليها، فبداية يمكنها استشعار حركة الكائن الثدي سواء كان إنسان أو حيوان، أما إذا كان ثابتاً أو قليل الحركة فهذا لا يعجز البراغيث عن تعقبه، إذ أنها لديها القدرة على تحديد موقعه من خلال غاز ثاني أكسيد الكربون الذي ينتج مع كل زفير، بجانب هذا وذاك فأن البرغوث يتبع مصدر الضوء لإيجاد الحياة، فهذه الكائنات الصغيرة بالفطرة تعلم أن الحياة توجد حيث تواجد الضوء، ومن ثم فإنها تخرج عبر شقوق الأرض والأثاث وعمق نسيج السجاد متبعة الضوء، لعلمها بأن هناك أحياء أخرى تحيا فوق الأرض وأسفل ذلك الضوء، وأول كائن حي ثدي يعبر من جانبها يكون هو المشئوم الذي ستستمر حياة البراغيث تغذياً على دماه.
البراغيث بين القطط والكلاب :
يعتقد البعض من المربيين أن هناك اختلافاً بين أنواع البراغيث المصيبة للقطط عن التي تصيب الكلاب، لكن العلم أثبت عكس ذلك وأكد أن الأنواع واحدة في كلا الإصابتين، كما أنها ذات الأنواع التي يمكن أن تصيب الإنسان سواء بالانتقال المباشر إليه، أو الانتقال إليه بشكل غير مباشر عن طريق ملامسته ومرافقته للحيوان المضيف للبراغيث، وإذا حدث ذلك فأن الإنسان يمكنه العلم بذلك عن طريق شعوره باللدغات، التي تخلف على سطح الجلد بقعاً مائلة إلى الحمرة مرتفعة قليلاً وتثير الحكة.
مخاطر البراغيث :
عند استشعار إصابة الحيوان بـ البراغيث لابد من الحصول على استشارة فورية من الطبيب البيطري، وذلك لما يشكله هذا من مخاطر عديدة على صحة الحيوانات الأليفة وكذلك الأفراد المتواجدين في محيطه، وإذا لم يُعالج الحيوان هذا سيؤدي إلى إصابته بالهزال والضعف، حيث ستستمر البراغيث وخاصة الإناث منها في امتصاص دمه لعدة أسبايع متتالية، وهذا لا يعني أن ذكر البرغوث لا يشكل خطورة إنما هو فقط يستهلك كميات أقل من الدماء، ومع الوقت يصاب الكلب أو القط بمرض فقر الدم “أنيميا” نتيجة افتقاره لكرات الدم الحمراء، وقد يتفاقم الأمر إلى الحد الذي يتسبب في موت الحيوان متأثراً بهذا المرض، كما أن البراغيث يمكن أن تكون سبباً في نقل أي عدوى من الحيوان إلى الإنسان، أو من حيوان مصاب إلى حيوان آخر سليم.
حماية الحيوانات من البراغيث :
انتشار البراغيث على أجساد المضيف متمثلاً في الحيوانات الأليقة أمر شائع، لكنه ليس أمر واقع أو مفروغ منه أو تجنبه من المستحيل، فقد حدد الخبراء عاملين وقائيين يضمنا لك عدم استنزاف البراغيث لدماء الحيوانات الأليفة، ويمنعا تعرضهما لخطر انتقال أنواع العدوى المختلفة.
- الاعتناء بنظافة الحيوانات سواء قطط أو كلاب والحرص على القيام بأعمال النظافة بشكل دوري، وتخليص شعيراتهم من العوالق والأتربة والحشرات التي تعيش عليهم، وينصح أساتذة الطب البيطري هنا بضرورة استخدام المحاليل المطهرة المضادة للحشرات، وهي مواد كيميائية تضاف إلى الماء الذي يستخدم في عملية الحموم.
- العامل الوقائي الثاني يتمثل في الزيارة المستمرة إلى العيادة البيطرية، وإجراء الكشف الدوري الطبي على الحيوان الأليف للتعرف على حالاته، واكتشاف تعرضه لأي داء مُمرض لعلاجه في وقت مبكر قبل أن يتفاقم، وذلك ليس فقط لحماية الحيوان إنما لحماية الأفراد أيضاً، إذ أن هناك أنواع عديدة من العدوى يتم انتقالها من الحيوانات إلى البشر.