المضادات الحيوية سلاح ذو حدين، فهي إما أن تكون الحل السحري للقضاء على أغلب الأمراض البكتيرية وتساعد المريض على التعافي السريع، أو أنها تسبب له مضاعفات أخطر قد تصل لتهديد حياته! الأمر يتوقف على كيفية استخدامها وهل يقوم المريض بتعاطي المضاد الحيوي المناسب لمرضه وتحت إشراف طبي أم يعتمد على نفسه في تشخيص المرض وتحديد المضاد المناسب! مع الأسف نادراً ما يقوم المريض بعمل الفحوصات والتحليل اللازمة فيبحث عن أحد المضادات الحيوية واسعة المدى ظنن منه أنها الحل الأمثل لتوفير الجهد والمال، لكن نتيجة لذلك باتت المضادات الحيوية تشكل خطراً كبيراً على حياة الجنس البشري بالكامل وذلك بسبب ما يسمى بظاهرة مقاومة المضاد الحيوي، فلم يعد يعطي نفس التأثير بسبب تأقلم البكتيريا معه فتحدث طفرات جينية وتظهر أمراض وأوبئة جديد لا تستجيب للمضادات الحالية، الأمر الذي بات في منتهى الخطورة على حياة جميع أفراد المنظومة الحية، في هذا المقال سنتعرف أكثر على هذا الخطر الداهم وأسبابه وكيف يمكن الحد منه.
لماذا باتت المضادات الحيوية خطر داهم على الجنس البشري؟
ما معني مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية
بداية لابد أن نضع في أذهاننا شيء هام جداً يغفل عنه قطاع عريض من الناس، المضادات الحيوية متخصصة في علاج الأمراض البكتيرية فقط وليس الأمراض الفيروسية، كما أن كل مضاد يختص بعلاج نوع معين من البكتريا، لذلك إذا لم يتم عمل الفحوصات اللازمة وإجراء المزرعة البكتيرية فلن نتمكن من التعرف على نوع المرض ولا الدواء المناسب.
أغلب المرضي يأخذ المضادات الحيوية خاصة واسعة المدى من تلقاء نفسه متجاهلاً أو جاهلاً بمدى خطورة ذلك، يؤدي تعرض البكتيريا المستمر للمضادات الحيوية بحدوث ما يسمى ظاهرة الاصطفاء الطبيعي، فتبدأ في التحور وإنتاج أجسام مضادة مقاومة لهذا النوع من الأدوية، بالتالي ينتج مرض جديد ذو مناعة كاملة ضد المضادات الحيوية.
تكمن الخطورة هنا في أن هذا النوع من الأمراض سريع الانتشار بالتالي يصيب أعداد كبيرة جداً من الناس محدثاً أوبئة عالمية جديدة، من أمثلة هذه الأمراض السُل والسفلس.
أسباب مقاومة المضادات الحيوية
-
سوء تشخيص المرض
في بعض الأحيان قد يخطئ الطبيب في تشخيص المرض، بالتالي يصف الدواء الخاطئ فيزيد من قدرة البكتريا على مقاومته، حتى لو كان المرض فيروسياً لا بكتيرياً قد يسبب هذا حدوث طفرات في البكتريا الطبيعية الموجودة في الجسم فتتحول لنوع شرس ومُعدي.
-
عدم الانتظام في أخذ المضاد الحيوي
أغلب المرضي لا يهتم بتعاطي الدواء في مواعيده المحددة والانتظام حتى إكمال مدة العلاج بالكامل، لذلك تجد البكتريا فرصتها لتكوين أجسام مضادة تمكنها من مقاومة المضاد، بل تصبح أشرس مما كانت عليه فتزداد حدة المرض.
-
كثرة استخدام المضاد الحيوي للحيوانات
تطور سلالات البكتريا لا يقتصر على جسم الإنسان فقط بل يمتد إلى أجسام الحيوانات أيضاً، فكثرة حقن الدواجن والمواشي بالمضادات الحيوية يؤدي لنشوء سلالات جديدة قادرة على إصابة الإنسان ومقاومة المضادات المعروفة.
-
عدم الاهتمام بتطوير المضاد الحيوي
أغلب شركات الأدوية تهتم بالجانب الربحي فقط، لذلك تهمل جانب الأبحاث والتطوير فلا تتابع تطور البكتريا وبالتالي لا تُحاول تطوير المضاد الحيوي الموجود في الأسواق.
كيف تُقاوم البكتريا المضادات الحيوية
تتبع البكتريا عدة طرق وآليات دفاعية لتحمي نفسها من المضاد الحيوي كما يلي:
- إنتاج بعض الإنزيمات التي تقوم بتثبيط المضاد الحيوي وبالتالي عدم فاعليته.
- إحداث طفرة جينية في جسم البكتريا كما يحدث في بعض الأنواع التي تستغني عن الحمض الأمني وبالتالي تتوقف عن تصنيع حمض الفوليك وتبدأ في استخلاصه من خلايا الجسم، بالتالي يصبح المضاد الحيوي عديم الفائدة لأنه يستهدف الحمض الأمني ويقوم بتفكيكه حتى يقضي على البكتريا.
- منع نفاذ المضاد لداخل الخلايا عن طريق تكوين غشاء بكتيري بالتالي تقل فاعليته بشكل ملحوظ.
لماذا تهدد المقاومة البكتيرية حياة الكائنات الحية
- المقاومة البكتيرية تُحوّل الأمراض لأوبئة
وذلك بسبب عدم الاستجابة للأدوية المعروفة فتزداد نسبة الإصابة وحدة الأعراض بالتالي ينتشر المرض بشكل سريع دون وجود أي أدوية أو مقاومة في جسم الإنسان. - ارتفاع ميزانية مكافحة العدوى عن الحد المقبول
وذلك بسبب الحاجة لأدوية أكثر تكلفة ولمدة أطول من المعتاد فترتفع تكاليف العلاج وتشكل عبء كبير على ميزانيات الدول. - تعوق التقدم العلمي في مجالات طبية أخرى
مقاومة البكتريا للمضادات الحيوية تؤثر بشكل كبير على بعض الجوانب الطبية الأخرى كمجال زرع الأعضاء والسرطان وغيرها بالتالي تعوق التقدم الطبي.
كيف يمكن الوقاية من هذه الحالة
- تجنب أخذ المضادات الحيوية من تلقاء نفسك.
- اتبع تعليمات طبيبك وانتظم في مواعيد أخذ الدواء وإكمال المدة العلاجية.
- تجنب مخالطة الأشخاص المصابين بأمراض معدية والاهتمام بنظافتك الشخصية حتى تقلل احتمالية الإصابة بأي عدوى.