النوم المبكر هو النصيحة السحرية التي يقدمها الأطباء دوماً، ويرون أن من يتجه إلى السهر لأوقات متأخرة جداً، فإنه بذلك يهدر مجموعة من أعظم الفوائد، فـ النوم المبكر يختلف اختلافاً تاماً عن النوم بالأوقات الأخرى، كالنوم النهاري أو النوم بساعات الليل المتأخرة، وذلك لأن الأبحاث العلمية وجدت أن النوم العميق المستقر، لا يتحقق بالنسبة المطلوبة إلا خلال ساعات الليل، أي الفترة الممتدة ما بين صلاتي العشاء والفجر تقريباً، والعمق والاستقرار اللذان يحققهما النوم المبكر ،لهما بالغ الآثر الإيجابي على صحة الجسمانية والحالة النفسية والعقلية، الأمر الذي يصير معه النوم المبكر خير أشكال النوم.
النوم المبكر وفوائده الصحية :
أكدت الأبحاث العلمية أن النوم المبكر يعود على الإنسان بالعديد من الفوائد، ومن بينها:
تنشيط عملية الأيض :
وفقاً لآخر الدراسات المتناولة لآثار النوم المبكر على الجسم، فإن عملية الإيض أو التمثيل الغذائي يزداد معدلها مع النوم المبكر ،الأمر الذي ينعكس على الإنسان خلال ساعات النهار التالي، فيكون أكثر حيوية ونشاطاً وقدرة على القيام بالواجبات وإنجاز المهام، وذلك لأن زيادة معدلات عملية الأيض يرفع معدلات الطاقة الإجمالية للإنسان.
الحفاظ على الوزن :
هل تخيلت يوماً أن النوم قد يكون له علاقة بعملية التخسيس؟!.. تلك هي الحقيقة التي توصلت لها العلماء من خلال دراساتهم، فقد أثبتوا أن النوم المبكر والمستقر يساهم بنسبة كبيرة في الحفاظ على الوزن، وقام فريق بحثي آخر بعقد دراسة مقارنة بين مجموعتي من البشر، أفراد الأولى كانوا من هواة السهر لساعات متأخرة من الليل، أما المجموعة الثانية فقد ضمت الملتزمن بـ النوم المبكر ،ولاحظ العلماء أن معتادي السهر كانوا أكثر قابلية إلى زيادة الوزن، والسر في ذلك هو أن السهر لساعات إضافية، يعني تناول الطعام في أوقات متأخرة من الليل، وخلال تلك الفترة يكون الجسم غير قادر على حرق الطعام، وبالتالي يحدث تراكم الدهون في الجسم مسببة السمنة وزيادة الوزن، بجانب أن النوم المبكر المبكر –كما ذكرنا- يزيد من معدلات عملية الأيض، ومن يسهرون دوماً يهدرون تلك الفائدة
يدفع للتفاؤل :
رغم أن ذكر النوم المبكر دائماً يرتبط براحة البدن، إلا أن العلم توصل إلى أن فوائده لا تقتصر على الصحة الجسمانية فقط، بل أن الصحة النفسية -هي الآخرى- كان لها نصيب من فوائد النوم المبكر ،ويقول أطباء النفس أن النوم في ساعات مبكرة، هو أحد الأساليب المؤدية إلى تحفيز الطاقة الإيجابية، وذلك لأن الراحة النفسية تأتي أحياناً كانعكاس للراحة البدنية، ومن ثم فإن الحصول على أقساط وفيرة من الراحة الجسدية، يدفع المشاعر السلبية مثل القلق والتوتر عن الإنسان، ولهذا نجد معتادي النوم في أوقات مبكرة، يتسمون دوماً بالتفاؤل والصفاء النفسي، الأمر الذي ينعكس بالضرورة على العلاقات الاجتماعية والإنتاجية العملية، ويؤثر تأثيراً إيجابياً على كل مناحي الحياة.
يحد من الشعور بالإجهاد :
الحصول على قدر مناسب من ساعات النوم، هو أمر ليس كافي لتحقيق الراحة الجسمانية المنشودة، بل أن العلماء اشترطوا النوم المبكر لتحقيق تلك الغاية، وهو الأمر ذاته الذي أكده خالقنا عز وعلا في كتابه، حين قال في محكم آياته “الليل سباتا”، ووجدت الدراسات العلميا التي عقدت في أكثر من مركز بحثي على مستوى العالم، أن هناك تفاوت كبير بين الآثار التي يحققها النوم النهاري والنوم الليلي، ومن بينها أن درجة الراحة التي يحققها النوم المبكر خلال ساعات الليل، تفوق بنسبة كبيرة جداً تلك الراحة التي تتحقق من النوم المتأخر، والليل المتأخر يقصد به النوم قرب الفجر أو بعده.
رفع معدلات الإنتاجية :
الأشخاص الملتزمون بـ النوم المبكر ،والحصول على قدر وفير من الراحة والاسترخاء بصفة يومية، هم أكثر قدرة على القيام بمهامهم وأعمالهم، إذا ما تمت مقارنتهم بهؤلاء الذين يسهرون إلى وقت متأخر من الليل، وذلك وفقاً لما جاء بنتائج أكثر من دراسة بحثية، تناولت العلاقة بين توقيت النوم والآثار الناتجة عنه، ويقول العلماء أن النوم المبكر يمنج الجسم راحة أكبر، حيث يحدث خلاله ارتخاء تام لأنسجة وعضلات الجسم، ومن ثم فإنها تستريح من المجهود الذي بذلته طوال النهار، وتبدأ في استعادة طاقتها تدريجياً والاستعداد لاستقبال يوم آخر، وذلك الأمر بالتأكيد ينعكس بصفة إيجابية على معدلات الإنتاج، وإذا نظرنا إلى النماذج الناجحة في مختلف المجالات حول العالم، سنجد أن القاسم المشترك بين غالبيتهم هو أن النوم المبكر بالنسبة لهم عادة.
يحقق الصفاء الذهني :
فوائد النوم بصفة عامة والنوم المبكر على وجه الخصوص، لا تقتصر فقط على القضاء على الإرهاق والإجهاد البدني، بل أنها تشمل أيضاً الإجهاد النفسي، ومن المؤكد سمعت يوماً أحد أطباء النفس يتحدث عن أهمية الاسترخاء وضروريته، ولعلك تساءلت حينها عن الكيفية التي بها يمكن تحقيق ذلك الاسترخاء.. بحسب التقارير الطبية فإن النوم المبكر هو أحد أساليب الاسترخاء، بل أنه من أكثر الأساليب المحققة له فاعلية، حيث أن النوم المبكر يعمل على تصفية الذهن تماماً، ويُخلص العقل من الأفكار والمشاعر السلبية، التي تتراكم بداخله نتيجة ضغوط العمل المتواصلة، وبالتالي فإنه يساهم في إعادة تنشيط العقل وتحفيز قدراته.
يحفز عملية النمو :
إذا كان النوم المبكر ضروري لصحة البالغين، فإنه ضرورة قصوى بالنسبة للأطفال خاصة في المراحل الطفولية الأولى، وذلك لأن الأبحاث أثبتت أنه من الوسائل التي تساعد على النمو، وذلك لأن هرمون النمو يصبح في أعلى معدلاته خلال ساعات النوم العميق، والنوم العميق والهادئ لا يتحقق إلا خلال ساعات الليل، أي أنه لا يتحقق إلا بـ النوم المبكر ،وذلك الهرمون هو المسئول عن بناء وتجديد العضلات والعظام، كما يساهم في الارتقاء بالبنية العقلية والقدرات الفكرية للطفل، وقولنا بأن الأمر بالغ الضرورة بالنسبة للأطفال، لا يعني أنه غير مهم بالنسبة للبالغين والكبار، بل أن ذلك الهرمون يستمر إفراز الجسم له طيلة العمر، فهو موكل بمهمة إعادة بناء التالف من الخلايا والأنسجة.
يحافظ على صحة القلب :
عضو القلب هو المسئول عن تغذية كافة أعضاء الجسم، فإذا صح القلب صح سائر بدن الإنسان، وإذا مرض القلب سيؤثر ذلك بالتبعية على كافة الأعضاء، ومن ثم فإن قولنا بأن النوم المبكر يحافظ على صحة القلب، يعني أنه يحفظ سلامة كافة الأعضاء، إذ أنه بشكل غير مباشر يضمن استمرار ضخ الدم المحمل بالغذاء والأكسجين إليهم، ومن ثم يظلوا قادرين على القيام بمهامهم الحيوية.. وقد وجد الباحثون أن النوم المبكر يساهم في ضبط معدلات الكوليسترول، فيقي الإنسان من التعرض لارتفاعات مستوياته، ومن المعلوم أن الكوليسترول هو المؤدي الأول لأمراض القلب والشرايين، ومن ثم فإن ضبط معدلاته يحافظ على صحة القلب، ويحد من احتمالات التعرض لانسداد الشرايين أو الأزمات القلبية، كما يحسن من مستويات أداء الجهاز الدوري بصفة عامة.
مقوي للذاكرة ومحارب للشيخوخة :
النوم المبكر له تأثير إيجابي بالغ على قدرات العقل البشري، فهو يعمل على تنميتها والارتقاء بها وتقويتها، وبمهارات عقلية مثل التركيز والذاكرة وإجراء العمليات الحسابية، كلها أمور يحفزها النوم المبكر وينميها، من خلال تحقيقه لحالة الصفاء الذهني، ومنحه المخ فترة للاسترخاء وإعادة بناء خلاياه وتجديد التالف منها، ومن ثم فإنه يساهم في محاربة آثار الشيخوخة العقلية، والتي تتمثل في ضعف الذاكرة أو فقد القدرة على الانتباه والتركيز، وقد وجدت العديد من الدراسات المقارنة المجراة بذلك الصدد، أن كبار السن من معتادي النوم المبكر ،احتفظوا بذاكرة قوية وذهن متيقظ رغم تقدمهم العمري، بعكس هؤلاء ممن اعتادوا السهر حتى الساعات الأولى من اليوم التالي، فقد أصيبوا بتراجع ملحوظ بالقدرات العقلية والفكرية.