العقم لدى الرجال انتشر في الآونة الأخيرة بمعدلات مرتفعة، تثير المخاوف وتدفع للتساؤل، فوفقاً لآخر الدراسات الإحصائية التي تناولت الأمر، فإن قرابة 15% من الأزواج يعانون من عدم القدرة على الإنجاب.. فما هي الأسباب التي ينتج عنها العقم ؟ وتحرم الرجال من واحدة من أعظم النعم والهبات؟
أسباب العقم لدى الرجال :
درس العلماء أسباب العقم لدى الرجال وعددوها، وقسموها إلى قسمين رئيسيين من المسببات، هما المسببات الطبيعية أو المرضية، ومجموعة المسببات التي تنتج عن السلوك الإنساني الخاطئ.
أولاً : أسباب العقم المرضية :
حدد العلماء مجموعة العوامل المرضية المسببة لحالات العقم ،الحقيقة إن العقم لا يعد في ذاته مرضاً، بل هو نتيجة تأتي مترتبة على الإصابة بمرض آخر، يكون العقم واحداً من المضاعفات المحتملة له، والقائمة التي أعدها الأطباء لتلك الأمراض تضمنت كل من:
1- دوالي الخصية :
للآسف دوالي الخصيتين صارت من الأمراض الشائعة، وخلال السنوات الماضية تزايدت أعداد المصابون بها بشكل ملحوظ، ولعل الخطر الأكبر الذي يكمن في هذه الإصابة، هو زيادة احتمال التعرض لخطر العقم جراء الإصابة بها، حيث أن دوالي الخصية يقصد بها تضرر الأوردة، وهي المسئولة عن صرف الدماء من الخصيتين، كي تحافظ على دراجة حرارتهما منخفضة، لكن تعرض هذه الأوردة للانسداد وانخفاض معدل تصريف الدم، يرفع درجة حرارة الخصية فتصابح مماثلة تقريباً لدرجة حرارة الجسم، الأمر الذي يؤثر بشكل سلبي على قدرة الحيوانات المنوية.
2- الاضطرابات الهرمونية :
العملية الإنجابية بصفة عامة ما هي إلا نتاج عمل مجموعة هرمونات، فـ إنتاج الخلايا المنوية تعتمد بشكل كامل على هرمون GnRH، بجانب مجموعات من الهرمونات الأخرى، والتي يتم إفرازها من المهاد أو غدة الوطاء والغدة النخامية، واختصاراً فإن حدوث أي خلل بمعدلات إفراز هذه الهرمونات، ينتج عنه حدوث اضطراب بالقدرة الجنسية أو الإنجابية للرجل، وحين يكون الخلل شديداً فإن ذلك يقوده إلى العقم
3 – مسببات ارتداد القذف :
من الحالات التي يعاني فيها الرجل من العقم ،هو أن يصاب بحالة من ارتداد القذف للسائل المنوي، ولا يعتبر الأطباء إن الارتداد هو المسبب الرئيسي لحالة العقم هنا ،إنما يعودنه مجرد أثر لعامل آخر هو المسبب الحقيقي لتلك الحالة، فارتداد القذف في ذاته لا يُعد حالة مرضية، بل إنه عرض يرافق غالباً الإصابة ببعض الأمراض خاصة المزمنة، منها مرض السكري أو التعرض للتصلب المتعدد، كما إن كسر العمود الفقري قد يترتب عليه ارتداد القذف، ويشار بمصطلح “ارتداد القذف” إلى حالة مرضية شاذة، ففي الحالات الطبيعة من المفترض أن تصل الحيوانات المنوية إلى الأحليل، أما في تلك الحالة فإنها ترتد مرة أخرى إلى المثانة بدلاً من الخروج، وبالتالي لا يمكن بإي حال أن يحدث الحمل ،إذ أن الحيوانات المنوية لا تغادر جسد الرجل إلى بويضة الأنثى.
2 – الأمراض الجنسية :
هذا النوع من الأمراض كما هو واضح من مُسماه، فإن تأثيره الأكبر والمباشر يكون على العضو التناسلي، ويختلف نوع الضرر وشدته باختلاف المرض، فالتأثير الناتج عن مرض الزهري يختلف عن الكلاميديا عن التهاب البروستاتا، لكن في النهاية جميعها تعد من مسببات العقم لدى الرجال، إذ أن الضرر الذي يترتب على وقوع الإصابة بأحدهم، يؤثر بشكل سلبي على قوة وسلامة الحيوانات المنوية، كما إن ضررها قد لا يتوقف عند إصابة الرجل بـ العقم فقط، بل قد يمتد آثارها لأبعد من ذلك، فتؤثر بشكل سلبي على القدرة الجنسية للرجال، وتصيبهم بالضعف الجنسي وفي أحيان كثيرة تصيبهم بالعجز التام.
4 – اختلالات جهاز المناعة :
أجسام الذكور بها نظام يمكن وصفه بالنظام الأمني، والذي يسمى الحائل الدموي الخصوي أو Blood Testis Barrier، وهو ما يجعل جهاز المناعة يميز بين الخلايا المنوية والأجسام الممرضة، وذلك لأن الخلايا التي يتركب منها السائل المنوي الذكوري، تختلف اختلافاً جذرياً عن باقية الخلايا الجسدية، ومن المعلوم أن دور مناعة الإنسان يتمثل في مهاجمته كل جُسيم غريب، فإذا استشعر غرابة الخلايا المنوية فإنه يقوم بمهاجمتها والقضاء عليه.. بعض الرجال يكونوا مصابون بخلل ما في نظام الحائل الدموي الخصوي، وفي تلك الحالة يخلق جهاز المناعة بداخلهم أجسام مضادة للخلايا المنوية، الأمر الذي ينخفض معه معدل إنتاجهم من الحيوانات المنوية، وبالتالي تتأثر بذلك خصوبتهم وتصيبهم حالة من حالات العقم
5- الأورام :
التعرض إلى الإصابة بأي نوع من الأورام الخبيثة، فهو أمر لا يؤثر سلباً فقط على خصوبة الرجل، بل أنه كفيل بإبادتها بشكل كامل، وسلبه القدرة الإنجابية إلى غير رجعة، خاصة إن كانت هذه الأورام متمركزة بأحد أجزاء العضو التناسلي، مثل نمو خلايا السرطان بمحيط الخصية، أو نموها بجدار الأنابيب الناقلة للحيوانات المنوية، فإن إصابة مثل تلك ينتج عنه حدوث اضطراب هرموني شديد بالجسم، يترتب عليه عجز الخصيتين عن إنتاج الحيوانات المنوية، وفي تلك الحالة تكون النتيجة الحتمية التعرض إلى العقم
6- ضمور الخصيتين :
العقم لدى الرجال قد يكون منشأة عيب خلقي، يولد الذكر مصاباً بها، ومن بين المشكلات الخلقية الشائعة التي تسبب العقم ،هو عدم نزول الخصية إلى كيس الصفن، وهي الحالة تعرف اصطلاحاً بمسمى ضمور الخصيتين، والتي قد تصيب واحدة من الخصيتين أو كلتاهما، فالطفل الذكر يمر بالعديد من التطورات وصولاً إلى مرحلة البلوغ الجنسي، ومن بين تلك التطورات نزول الخصية إلى كيس الصفن، كي يتم اكتمال نموها وتطور الأعضاء الداخلية لها، كي تتمكن من أداء وظيفتها الفسيولوجية فيما بعد، والمتمثلة في إنتاج حيوانات منوية سليمة وقوية، قادرة على إخصاب بويضة الأنثى من خلال عملية الجماع، ومن ثم حدوث الحمل وتكوين الجنين، ولكن عدم المرور بالخطوة الأولى المتمثلة في عملية إنزال الخصية، يترتب عليه عدم الوصول إلى المراحل التالية، وفي النهاية تتأثر القدرة الإنجابية للرجل، فإما يكون لديه عجز كلي عن إنتاج الحيوانات المنوية، وإما أن تكون تلك الحيوانات المُنتجة متسمة بالضعف، وفي كلا الحالتين يكون هذا الشخص مصاب بـ العقم
ثانياً : أسباب العقم السلوكية :
الأصحاء ليسوا في مأمن من الإصابة بـ العقم ،فهو لا ينتج فقط عن عيب خلقي عند الولادة، أو يأتي كواحد من مضاعفات بعد الأمراض الموسومة بالشدة، فهناك بعض السلوكيات التي يقوم بها الإنسان، دون أن يدري إنها قد تقوده في نهاية المطاف إلى العقم ،والتي تسمى طبياً المسببات السلوكية للعقم، وقائمتها تضم الآتي:
- ركوب الدرجات : طريقة الجلوس وتحريك الساقين عند قيادة الدراجة، من الأمور التي قد تسبب العقم لدى الرجال، وذلك لأن هذه الحركة تشكل ضغطاً على جوانب الخصية.
- التدخين : مضار عديدة لا تقابلها أدنى منفعة، هذا هو الوصف المختصر والمنطقي لعملية التدخين بأنواعها، فهو شريك أساسي في كل سوء يصيب صحة الإنسان، ومن بين المشاكل الصحية المحتمل أن تترتب على تلك العادة، هو التأثير على سلامة الخصية والإصابة بـ العقم ،الأمر نفسه ينطبق على الخمر والمخدرات بأنواعها.
- خامة الملابس : الوقاية من التعرض لإحدى حالات العقم ،تتطلب النظر في الخامات التي تصنع منها ملابس الرجال، فبعضها -وخاصة الداخلية- تكون مصنعة من ألياف صناعية، تؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة الخصيتين، الأمر الذي يسبب موت الحيوانات المنوية وبالتالي العقم
- الحرارة المرتفعة : كل سلوك يمارسه الإنسان يؤدي إلى ارتفاع حرارة الجسم، وبصفة خاصة حرارة منطقة الحوض والعضو التناسلي، إذ أن ارتفاع الحرارة كما ذكرنا سلفاً يميت الحيوانات المنوية، ونتيجة لذلك يفقد الرجل قدرته الإنجابية ويصيبه بـ العقم ،لذا يجب الحذر من الاستحمام بالماء الساخن لفترة طويلة، وكذا يفضل أن يكون الماء فاتر وليس ساخناً بدرجة كبيرة، كذا يجب الحذر من وضع أجهزة اللاب توب على القدمين عند استخدامها، إذ أن الحرارة المنبثقة منها تؤثر سلباً على سلامة الخصية.