من المؤكد إنك سمعت يوماً بائع الطماطم يمدح سلعته ويحث الناس على الإقبال عليها، فيصيح منادياً “حمراء يا طماطم”؟، ولعلك شاهدت أحد خبراء التغذية على شاشات التلفاز، ينصح بتناول الطماطم بشرط أن تكون حمراء مكتملة النمو والنضج، وإن كنت أحد الطهاة المهرة، فلابد إنك تدرك إن كلما زادت حُمرة ثمار الطماطم كلما كانت أصلح للطهي، ويمكن استخدامها بأشكال عدة سواء للطهي أو في تناولها نيئة.. فهل تساءلت يوماً “لماذا ؟”.
الطماطم .. سر لونها وآثاره الصحية :
تتعدد استخدامات الطماطم وتختلف أشكال إعدادها، ولكن الاتفاق الوحيد هو إن صلاحية الطماطم وفوائدها للصحة العامة للإنسان، ترتبط ارتباط وثيق بلونها الأحمر؟.. فترى لماذا الطماطم لها هذا اللون ومن أين تكتسبه؟
لماذا الطماطم لها لون أحمر ؟
الطماطم من الأغذية اللذيذة المحببة للجميع، ورغم إنها محسوبة على الخضروات إلا إنها في الحقيقة تنتمي إلى عالم الفواكه، واللون الأحمر بالنسبة للطماطم ليس مجرد لون تتميز به، بل إنه دليل على نضوجها بل وجودتها أيضاً، فخبراء التغذية ينصحون بانتقاء ثمار الطماطم مكتملة النضج، والتي تكون حُمرتها فاقعة وملمسها ناعم ومتماسكة، والسؤال هو من أين تستمد الطماطم هذا اللون الأحمر المميز لها؟
الإجابة هي إن هذا اللون تستمده حبة الطماطم من مادة الليكوبين، وبالإنجليزية هي Lycopene، وهي مادة صبغية ذات لون أحمر، ونتيجة لتوافر هذه الصبغة في الثمار بنسب مرتفعة فإنها تُكسبها ذلك اللون الأحمر.
لماذا اللون الأحمر دليل جودة الطماطم ؟
تحدثنا سابقاً عن فوائد السلطة الخضراء كوجبة غذائية متكاملة، ينصح الخبراء بتضمينها إلى الوجبات الرئيسية مثل وجبة الغداء أو وجبة الإفطار، كما إنها تصلح وحدها لتكون عشاءً صحياً ومتوازن، ولا يمكن إنكار إن جزء كبير من فاعلية السلطة الخضراء وفوائدها، ينبع من احتوائها على ثمار الطماطم ،والتي ينصح خبراء التغذية بضرورة أن تكون حُمرتها قوية وفاقعة، وذلك لإن الفائدة الصحية لا تتحقق من الطماطم في ذاتها، بل إنها هذه الفوائد التي تعود على الجسم بكثير من المنافع تنبع من مادة الليكوبين، التي لها العديد من الخواص الصحية الوقائية والعلاجية، وكلما كانت الطماطم أكثر حُمرة كان ذلك دليلاً على ارتفاع معدلات صبغة الليكوبين بها، مما يعني مضاعفة القيمة الغذائية لها ومضاعفة الفوائد الصحية التي ينالها الإنسان من تناولها.
الخصائص الصحية لمادة الليكوبين :
بعد تعرفنا على سر اللون الأحمر لثمار الطماطم ،وأهمية مادة الليكوبين الصبغية التي تمنحها ذلك اللون، فالسؤال الواجب طرحه هو : ما هي الآثار الصحية لتلك المادة؟.. وفي الحقيقة قد تم تناول هذه المادة وخواصها من قبل العديد من الفرق البحثية حول العالم،والنتائج التي توصلوا إليها أقل ما توصف به هو إنها سحرية، وكفيلة بأن تجعل مادة الليكوبين واحدة من أهم المواد والعناصر الغذائية، وتجعل من الطماطم غذاء رئيسياً على موائدنا.
أ) معززة للمناعة :
كشفت الدراسات إن مادة الليكوبين المحتوية عليها الطماطم ،هي من أكثر المواد المضادة للتأكسد فاعلية، وعليه فإنها تحمي خلايا الجسم من أضرار العوامل البيئية، ومن ثم فإنها تمثل إحدى سبل تعزيز جهاز المناعة البشري، ويحقق الليكوبين تلك الوقاية بصفة عامة، أي إنه يحسن الحالة الصحية العامة للإنسان، ويحد من احتمالات تعرضه لمختلف الأمراض.
ب) واقي من السرطان :
تعمل صبغة الطماطم الحمراء أيضاً على مكافحة مرض السرطان، على وجه الخصوص سرطان الجهاز الهضمي وسرطان البروستات، وقد وجدت الدراسات إن الرجال ممن يحصلون على مقدار 6 ملجم من الليكوبين يومياً، انخفضت لديهم احتمالات التعرض لمرض تضخم البروستات بنسبة 21%، مقارنة بهؤلاء ممن حصلوا على نسب أقل منه.
جـ) واقية للجلد :
مادة الليكوبين المتوفرة في الطماطم أيضاً لها خواص تجميلية، فهي تحفظ نضارة البشرة ونعومتها، وذلك لإنها تقضي على الجذور الحرة التي تمثل تهديد لصحتها، هذا بجانب إنها تحارب أعراض الشيخوخة فتحد من ظهور التجاعيد والانكماشات وتشقق الجلد، كما إنها تعد عامل وقائي ضد أشعة الشمس الضارة، والتي تمثل تهديداً على الجلد قد يصل لحد حدوث الإصابة بمرض سرطان الجلد.
د) حماية القلب :
كشفت الدراسات إن غالبية حالات الإصابة بمشكلات صحية متعلقة بسلامة القلب، مثل التعرض إلى الأزمات القلبية المفاجئة أو الإصابة بحالة من انسداد الشرايين وتصلبها، كان السبب الرئيسي المؤدي إليها هو انخفاض نسبة الليكوبين في الدم، ومن ثم يمكننا افتراض إن الحرص على زيادة نسبه، يؤدي بالضرورة إلى حماية عضلة القلب ويحمي الشرايين، ويحد من احتمالات تعرض كلاهما لأية مشكلات صحية، خاصة لمن هم بالمرحلة العمرية المسماه مرحلة منتصف العمر.
كيف تستفاد من الطماطم الحمراء ؟
في النهاية وبعد معرفتنا بسر اللون الأحمر المميز لثمار الطماطم؟ وعن الخصائص الصحية لمادة الليكوبين الصبغية المتوفرة بها بنسبة كبيرة، فإن تلك المعلومات في واقع الأمر ليست كافية، بل إن علينا أن نعلم أيضاً بالطريقة المثلى لاستغلال هذه المادة والاستفادة منها على الوجه الأكمل، فترى ما الذي قالته نتائج الأبحاث بهذا الصدد؟
أ) لا تتناول عصير الطماطم :
عصير الطماطم هو أحد ألذ أنواع العصائر الطبيعية وأطيبها مذاقاً، لكن إن كنت تعتمد على تناوله في الحصول على مادة الليكوبين، فإنك بذلك ترتكب خطأ جسيماً في حق صحتك، وتهدر القيمة الغذائية لثمار الطماطم وتحرم صحتك العامة منها، إذ أن الدراسات العلمية وجدت إن الجسم يصعب عليه امتصاص الليكوبين المتوفر بـ الطماطم المعصورة.
ب) أضف زيت الذرة :
صحيح إن جسم الإنسان يمكنه امتصاص الليكوبين من الطماطم النيئة، وإن تناول السلطة الخضراء المحتوية عليها أمر كافي لاغتنام فوائده، ولكن هذا لا يمنع من إضافة بعض العوامل المُعززة، التي تسهل من عملية امتصاص خلايا الجسم لمادة الليكوبين الصبغية والاستفادة منها، ومن بين المواد الفعالة في هذا الخصوص زيت الذرة، لذا ينصح خبراء التغذية بإضافة القليل منه إلى سلطة الطماطم
ج) تناول الطماطم المُصنعة :
إن الطماطم لا يستعان بها في الأكلات المطهية إلا معصورة، فهل هذا يعني إن من يتناولونها بهذا الشكل لابد أن يحرموا من فوائد الليكوبين، أخيراً تمكن خبراء التغذية من الإجابة على هذا السؤال بـ”لا”، وذلك بعدما قادتهم أبحاثهم إلى إدراك القيمة الغذائية للطماطم المُصنعة، والتي من بينها إن مادة الليكوبين تتوفر بها بنسبة مرتفعة، فإن كان لابد من طهي ثمار الطماطم مع الوجبات المختلفة، لا تقم باستخدامها معصورة لهذا الغرض، إنما يُفضل الاستعاضة عن ذلك بمنتجات معجون الطماطم أو الصلصة.
د) تناول المواد الغذائية الأخرى :
لتحقيق الاستفادة الكاملة من مادة الليكوبين الصبغية، يُنصح بعدم الاعتماد بشكل كامل على ثمار الطماطم كمصدر لها، فصحيح إنها أكثر الثمار احتواءً على هذه المادة بمقارنة النسب، لكن في النهاية فإنها ليست الغذاء الوحيد الذي يحتوي عليها، ولضمان الحصول على نسبة كافية من مادة الليكوبين والاستفادة بآثارها الصحية، يمكن تضمين هذه المواد إلى النظام الغذائي المتبع، ومنها التالي:
- البطيخ
- الجوافة
- جريب فروت
- الشمام
هذه الأطعمة جميعها تحتوي على مادة الليكوبين بنسبة أقل من الطماطم ،لكن هذا لا يعني إهمالها أو الاستهانة بها، فتناولها يضمن حصول الجسم على القدر اللازم له من مادة الليكوبين الحمراء، وبالتالي اغتنام الآثار الصحية الإيجابية العديدة التي تنتج عنها.