الدبور والذي يعرف أيضاً بمسمى الزنبور، وضمن قوائم الاسماء العلمية يحمل المسمى Vespa.. جميع المسميات السالف ذكرها تشير إلى نوع واحد من الحشرات، و الدبور هو أحد الحشرات ذات السمعة السيئة، أي أن الإنسان يعتبره من الحشرات الضارة المؤذية، وذلك لكونه من الحشرات السامة اللادغة، والتي يمكن أن تهاجم الإنسان وتنال منه لدغاتها، لكن الدبور له وجه آخر لا يعرفه الكثيرون، وهو أن هناك فائدة عظيمة يمكن أن تعود منه، وهي أنه يعد من أفضل الوسائل الطبيعية في مكافحة الآفات والضار من الحشرات.. كيف هذا؟
الدبور ومكافحة الآفات الزراعية :
صنف العلماء الدبور كأحد الوسائل المفيدة في مكافحة الحشرات، بل أنه من أفضل الوسائل إذ أنه يقوم بذلك بشكل طبيعي، ودون أن يؤثر على سلامة الثمار أو صحة متناوليها، بعكس المبيدات الحشارية الكيماوية التي ينتج عن استخدامها أضرار جسيمة.
غذاء الدبور :
الدبور البالغ يمتلك مصادر عديدة ومختلفة للغذاء، منها الفواكه المحتوية على نسب مرتفعة من المواد السكرية، وكذا بعض أنواعه تتغذى على رحيق الأزهار، ولهذا نلاحظ انتشار الدبابير بأعداد كبيرة على عصارة شجر البلوط، ولكن الغذاء النباتي لا يشكل المصدر الوحيد أو الأساسي للدبابير، فقد أثبتت الدراسات أن الدبابير البالغة تفضل التهام الحشرات، ولهذا يعد الدبور على اختلافه أنواعه عدواً لدوداً لعدد كبير من الحشرات.
الدبور والحشرات :
حشرة الدبور لديها قدرة فائقة على قتل الحشرات والآفات، وهذه القدرة ناتجة عن حجم الدبور الكبير نسبياً، وكذا امتلاكه لفك فولاذي وسُميته المرتفعة، التي تجعل لدغاته قوية وفتاكه، ولهذا فهو يسهل عليه القضاء على الحشرات ذات الأحجام الكبيرة، ومن بينها النحل والجراد وكذلك الجنادب ومجموعة الحشرات الأصغر، بل أن الدبابير لديها القدرة على مضغ فرائسها بشكل تام، وذلك كي تتمكن من نقل عصارتها إلى اليرقات.. ولأن بعض أنواع هذه الحشارات تصنف كحشرات ضارة، وتسبب الكثير من الإزعاج للإنسان خاصة العامل بمجال الزراعة، تم اعتبار الدبور وبصفة خاصة البالغ منه، من الوسائل الفعالة في مكافحة الحشرات الضارة والآفات الزراعية.
الدبور والتجربة التايلاندية :
خلال عام 2010 انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي خبر عجيب، مفاده أن الحكومة التيلاندية عجزت عن محاربة الآفات الزراعية بالوسائل التقليدية، ومن ثم قررت أن تستعين بـ الدبور في حربها.. أثار الخبر تعجب ودهشة العديد من القراء، إلا أن الخبر كان صحيحاً ومنطقياً 100%، فقد أدرك القائمون على شئون الزراعة في دولة تايلاند قدرة الدبور على إبادة الآفات، وكانت الحكومة قد تكبدت خسائر ضخمة بآواخر عام 2009م، نتيجة التهام آفة البقة المغبرة لنسبة كبيرة من محصول الكسافا أو المنيهوت، وقدر آنذاك الكم التالف منه، بحوالي 20% من إجمالي الإنتاج السنوي.
وصرح العام رود ليفروي المتخصص في مجال الأبحاث الزراعية، بأن الإدارة التايلاندية قامت بإعداد جيش قوامه حوالي 250 ألف دبور، بنية إطلاقها بالمناطق الزراعية كي تفني تلك الآفة الخطيرة، التي لا تتغذى إلا على نوع واحد من النبات وهو الكسافا، وبالتالي تسببت في إتلاف نسبة كبيرة من المحصول، ولولا تلك الخطوة المتعلقة بشن حرب الدبابير، كان من المتوقع أن تتكرر نفس الكارثة ويتكبد المزارعون ذات الخسارة.. يذكر أن تلك الحشرة التي يرجع أصلها إلى أمريكا الجانوبية، كانت قد انتشرت بدول أخرى مثل فيتنام وكمبوديا، وهم الآن يدرسون التجربة التايلاندية في استخدام الدبور ليستفيدان منها.
خلل التوازن البيئي :
تجربة مثل تلك التي أقدمت عليها دولة تايلاند، تعتبر بمثابة مجازفة محفوفة بالمخاطر، إذ أنها قد تؤثر بعِدة أشكال على التوازن البيئي، خاصة وأن التاريخ يُحدثنا عن تجارب مماثلة نتجت عنها كوارث حقيقية، مثل مكافة طيور البومة التي ترتب عليها تكاثر الفئران وتفشي الطعاون، إلا أن خبراء مركز الزراعة الاستوائية أكدوا أن ذلك مستبعد مع الدبور ،وذلك لأن النوع الواحد من الدبابير عادة يتغذى على نوع محدد من الحشرات، ومن ثم فإن الدبور الذي كُوِن منه الجيش التايلاندي، من المستبعد أن يؤثر على التوازن البيئي في محيطها، إذ أن أثره سيكون مقتصراً على حشرة البقة المغبرة وحدها.