الحيوانات المستأنسة كي تكتسب تلك الصفة فلابد من توافر شروط معينة بها، فلمدة طويلة كان الاعتقاد الشائع أن عملية الاستئناس تعتمد على مهارة الإنسان، لكن الحقيقة التي أثبتت مؤخراً هي أنها تعتمد على طبيعة الحيوان، ومدى استعداده وقابليته للعيش تحت إمرة البشر وفي أجواء تختلف عن بيئته الطبيعية.
خصائص الحيوانات المستأنسة :
تساءلنا قبلاً لماذا قام الإنسان بمحاولات استئناس الحيوان وكيف فعلها؟، ليبقى السؤال الآخر الدائر حول الطرف الثاني من المعادلة وهو الحيوان، فما الصفات والخصائص الواجب توافرها بالحيوان كي يُعد من الحيوانات المستأنسة ،ولماذا بعض الأنواع الأخرى يعد استئناسها من الأمور المستحيلة؟
الحيوانات المستكينة :
أن توصف الحيوانات بأنها مستكينة هو أمر يختلف تماماً أن تكون حيوانات أليفة، وتُعد الاستكانة صفة واجبة التوفر للتمكن من استئناس الحيوانات، فعلى سبيل المثال لا يمكن اعتبار الثعالب من الحيوانات المستأنسة ،فعلى الرغم من أنها تبدو شديدة الشبه بـ حيوانات مستأنسة أخرى مثل الكلاب، إلا أن طبيعته تعوق عملية استئناسها كون سلوكها يتسم بالطيش والتمرد، فالثعالب لا يمكنها البقاء في مكان واحد وحتى إن كانت حبيسة فلن تكف عن محاولات الهرب.
الحيوانات المستقرة :
الاستقرار النفسي والمزاجي من الأمور الواجب توافرها أيضاً بالحيوان كي يصنف كأحد الحيوانات المستأنسة ، كون الحيوانات سريعة الغضب أو التي من السهل استثارتها، حتى وإن تم ترويضها لا تصبح خطورتها مُنعدمة، فهي في أي لحظة قد تستعد طبيعتها التي كانت عليها في البرية، ومن ثم تهاجم البشر وقد تتسبب في قتلهم، مثال على ذلك الحيوانات التي يمكن ترويضها من الضواري، فرغم أنها مع التدريب تنصاع للإنسان وتأتمر بأمره، إلا أنه لا يمكن التنبؤ دائماً بردود أفعالها والتي قد تأتي عدوانية، وما يؤكد ذلك العدد الكبير من مدربي الوحوش الذين لقوا حتفهم بمخالب الأسود أو النمور، أقرب الحيوانات صاحبة ذلك النمط السلوكي إلى الاستئناس، هو الثور الأمريكي أو البيسون، وذلك الثور لا يترك أبداً طليقاً كباقي الماشية إنما يُربى داخل حظائر مغلقة بالمزارع.
متطلبات الحيوان :
الحيوانات المستأنسة يكون لديها استعداد فطري لتقبل فكرة التعايش في الأسر، أي في أماكن مغلقة وتحت قيادة الجنس البشري، وذلك الوضع لا يشكل عائق دون استمرارها في حياتها بطبيعية، ولذلك فأن بعض الحيوانات الأخرى تعصى على عملية الاستئناس، فدب الباندا كمثال لا يمكن أن يُستأنس أو يروض بسهولة، ولك أن تعلم أن حيوانات الباندا الواقعة بأسر حدائق الحيوان تمتنع عن التزاوج، ولفترة طويلة اعتمد العلماء على التلقيح الصناعي كوسيلة للحفاظ على ذلك النوع، الظباء أيضاً تتمتع بنفس الصفات إذ أنها لا تقوم بعملية التكاثر إلا بموطنها الأصلي بالبرية.
الحيوانات الصديقة :
بعض الحيوانات المستأنسة يكون استئناسها نابع من طبيعتها وفطرتها التي خلقت عليها، فهي بطبيعته مُقربة من الإنسان، وإن كان هو يستغلها في إنجاز المهام المختلفة بما ييسر له أمور حياته، فأن الأمر بالنسبة للحيوان أرقى من ذلك، إذ أنها تعد نفسها صديق حقيقي للإنسان فتخلص له وتضحي من أجله، وخير مثال على وفاء الحيوانات المستأنسة هو الكلب بأنواعه، حيث أن أنواع الكلاب على اختلافها وتعددها تجمعها صفة الوفاء، حتى أنها بات اليوم يُضرب بها المثل في الإخلاص للصديق، عقد علماء أبحاث عِدة أبحاث حول طبيعة الكلاب في محاولة للتعرف على سر تمتعها بهذه الخصلة النبيلة، إلا أن أبحاثهم لم تتوصل لنتائج علمية جازمة سوى أن ذلك ما فطروا عليه، كما يعد الحصان أيضاً من الحيوانات شديدة التعلق بصاحبها، حتى أن في الحضارات القديمة كانت توصف علاقة الفارس بفرسه، بأنها علاقة صداقة أو علاقة شريكين في ساحات المعارك.
دورة حياة الحيوان :
أولاً وأخيراً لا يلجأ الإنسان إلى الحيوانات المستأنسة إلا لتحقيق فائدة ما، الحد الأدنى منها هو المتعة كتربية القطط أو الكلاب، والحد الأقصى منها هو استغلالها في الأعمال مثل حيوانات المزارع والكلاب البوليسية، ومن ثم أصبح مُعدل سرعة دورة حياة الإنسان شرطاً لاعتباره من الحيوانات المستأنسة ،فبعض الحيوانات دورة حياتها تستغرق سنوات عديدة حتى أنها تفوق أعمار البشر، السلاحف تعتبر مثال جيد على هذا وكذلك الفيل، وهذه الحيوانات لا فائدة كبيرة تعود على البشر من استئناسها خاصة وأنها لا تستغل في شيء، قديماً اهتم الناس باستئناس الفيلة لاستخدامها في الحروب والمعارك، أما اليوم لم يعد هناك مبرر لتكبد عناء تربيتها لسنوات طويلة فب سبيل الحصول على فيل واحد ناضج.