الجنيه المصري هو العملة الرسمية لجمهورية مصر العربية، ويتكون الجنيه المصري الواحد من 100 قرشاً أو 1000 مليماً، ولكننا هنا لسنا بصدد الحديث عن قيمته في سوق تداول النقود والعملات، إنما بصدد الحديث عن مسماه الذي به شئ من الغرابة، فكلمة “جنيه” إن بحثنا لها عن معنى باللغة العربية، فإننا لن نجد لها مدلول.. فترى لماذا سمي الجنيه المصري بهذا الاسم؟، وما مصدره اللغوي؟ ومما تم اشتقاقه؟
الجنيه المصري وسبب تسميته :
عملة المحبوب هي العملة التي استخدمتها مصر لفترة طويلة، حين ولاية ضمن ولايات الدولة العثمانية وتتبع سلطانها، ولكن بعد فترة تم استحداث عملة خاصة بها، وأطلق عليها اسم الجنيه المصري ،ولا تزال هذه العملة مستعملة حتى اليوم وهي العملة الرسمية للدولة، ولكن ما سر تسميتها بهذا المصطلح؟
الجنيه المصري وعلاقته بالاحتلال الانجليزي :
مسمى الجنيه المصري لم يكن مستخدماً في الإشارة إلى العملة قبل 1882م، فقبل أن تقع مصر تحت طائلة الاحتلال البريطاني الغاشم، لم تكن تعرف تلك العملة المُسماه بـ الجنيه المصري ،ولكن هزيمة الجيش المصري في معركة التل الكبير بقيادة أحمد عرابي، وفرض قوات بريطانيا العظمى سيطرتها على مصر، أدى ذلك إلى إحداث تغيرات كبيرة في كافة قطاعات الدولة المصرية، وبلا شك تأثر النظام الاقتصادي المصري تأثراً كبيراً بهذا الاحتلال، ومن ضمن وربما أهم هذه التأثيرات، هو تغير المسمى المستخدم للعملة، فصار بذلك يُطلق عليه الجنيه المصري
مصطلح الجنيه المصري :
إذاً فلماذا ” الجنيه المصري ” تحديداً، لماذا لم تستخدم أي مسميات أخرى من مسميات العملات؟.. السر في ذلك هو إن مصطلح جنيه جاء مشتقاً من المسميات البريطانية، فمصطلح الجنيه المصري هو مصطلح دخيل على اللغة العربية، وينتمي في الأصل إلى اللغة الإنجليزيه ويُكتب Guinea، وينطق بحرف الجيم العربية غير المُعطشة، وكان يشار به إلى عملة استخدمتها بريطانيا قديماً، وتم إطلاق جنيه على العملة المصرية فصارت بذلك تسمى وحدتها بـ الجنيه المصري ،على الرغم إن الجنيه الإنجليزي لم يكن متادول حين وقع الاحتلال، أي إن التأثر كان لغوي اصطلاحي فقط، ولا يقصد به الإشارة إلى علاقة اقتصادية ما بين العملة الإنجليزية والمصرية.
فئات الجنيه المصري ومسمياتها :
ذلك التأثر الكبير بالمسميات الإنجليزية للعملات، لا يظهر فقط من خلال تسمية الوحدة الرئيسية للعملة المصرية بـ الجنيه المصري ،إنما يمكننا أيضاً الاستدلال عليه من مسميات الفئات الأقل، أو العملات الأقل التي تُشكل تقسيمات الجنيه المصري الواحد، والتي بات أغلبها لا يستخدم في زمننا المعاصر، بسبب التضخم وانخفاض قيمة الجنيه المصري أمام أوراق الدولار النقدية والعملات الأجنبية، فبات أقل فئة منه تتادول هي الربع الجنيه، والتي تقدر قيمتها بـ 25 قرشاً، ومن العملات المتفرعة من الجنيه المصري ما يلي:
- الشلِن : هذه الفئة المنشقة عن وحدة الجنيه المصري ،كانت تتداول حتى وقت قريب وتحديداً حتى أوائل التسعينات، وقيمتها المادية تشكل خمسة قروش فقط، أما عن مسماها فهو مطابق لمسمى الشلِن الإنجليزي، وهي العملة التي استحدثتها القوات البريطانية في مصر، كجزء من سياسة الإصلاح النقدي التي اتبعتها خلال تلك الفترة.
- التعريفة : وهي اشتقاق من الجنيه المصري يقدر بقيمة 5 مليم، وهي مأخوذة من المصطلح الانجليزي “Tarrif”، الذي كان يستخدم للإشارة إلى الرسوم التي تدفع للجمارك، ولازال الاقتصاد المصري حتى اليوم يستخدم ذات المصطلح، فالضرائب على الواردات والصادرات تسمى “التعريفة الجمركية”.
- نِكلة : هي واحدة من أقل الفئات المتفرعة من الجنيه المصري ،إذ أن قيمتها المادية تقدر بـ 2 مليم فقط، ولذلك فمن التعبيرات الشائعة ضمن المجتمع المصري، عبارة “هذا الشئ أو الشخص لا يساوي نِكلة”، وهي جملة تستخدم للتحقير من الأشياء أو الأشخاص، نظراً لمدى تدني قيمة النِكلة مقارنة بـ الجنية المصري ،إذ أن الجنيه المصري الواحد كان يعادل 1000 مليماً.
- البريزة : هو المسمى الذي يطلق على جزء الجنيه المصري المشكل من 10 قروش، وهي المصطلح الوحيد الذي لم يستمد من الإنجليزية، بل استمد من الموقع الذي ضُربت فيه هذه العملة، إذ تم صكها في باريس بطلب من الخديو سعيد، وكان المصريون يطلقون على العاصمة الفرنسية باريز، ومنها اشتق مصطلح البريزة الذي أطلق على العملة المستحدثة آنذاك.