صُور الأسد منذ قديم الأزل على أنه ملك الغابة، له الأمر والنهي ولا يمكن لأحد الحيوانات أن يعصى أوامره وإلا لقي حتفه في التو واللحظة، سعت أغلب الحكايات والأساطير لتعزيز هذه الأسطورة حتى باتت حقيقة ثابتة في أذهان جميع البشر لا ريب فيها ولم يُحاول أحد التشكيك فيها من قبل، لكن هل سألت نفسك يوماً عن سر هذه التسمية! لماذا أصبح الأسد ملكاً على جميع الحيوانات حتى تلك التي تفوقه في الحجم؟ هل بسبب شراسته فقط؟ أم أن هناك صفات أخرى أهلته لهذه التسمية؟
لماذا أصبح الأسد ملكاً للغابة وما الذي يميزه عن باقي الحيوانات؟
تسمية الأسد في الحضارات المختلفة
في اللغة العربية عرف الأسد بعدة أسماء أخرى مثل أسامة والحارث وحيدر وضرغام وقسورة والليث وأبو الأبطال وأبو حمص والسبع وأبو الحارث، إن دل ذلك على شيء فيدل على مكانته وهيبته العظيمة في قلوب العرب، فقد لقبوه بأبهى وأشجع الصفات لقوته الشديدة وفتكه بفرائسه.
أما في الحضارات الغربية فقد عُرف الأسد بأسماء متشابهة اشتقت جميعها تقريباً من الاسم الإغريقي Leo، أما الجنس الحالي له فيُشتق من كلمتين يونانيتين وهي Pan والتي تعني جميع و Ther والتي تعني الوحش، لكن في روايات أخرى يُعتقد أن كلمة Panther ذات أصول أسيوية وتعني الحيوان ذو اللون الأصفر وذلك بسبب لون فراء الأسد.
تاريخ الأسود وموطنها الأصلي
أقدم حفرية عُثر عليها وتأكد العلماء من أنها تعود لأسد حقيقي وليس لسلف قد تطور وظهر الأسد عنه تعود لحوالي 2 مليون سنه مضت، لكنها لم تكن الأولي فقد عُثر على بعض الحفريات الأخرى التي يعود عمرها نحو ثلاثة ونصف مليون عام، لكن لم يتفق العلماء ما إذا كانت تعود لأسد أم لا فبعضهم يقول أنها حفرية لأحد أسلافه، والبعض يقول أنها لأسد حقيقي.
لكن رغم ذلك فإن الأسد الموجود في عصرنا هذا لم يتطور منذ زمن بعيد، حيث يُعتقد أنه ظهر وتطور في إفريقيا قبل 800 ألف عام مضت، ثم انتقل إلى أوربا بعد ذلك بمائة عام أخرى، بعد ذلك انتقل إلى أمريكيا وأوراسيا وبدأت سلالات عديدة في الظهور مثل أسد الكهوف والأسد الأمريكي.
سلالات الأسد الموجودة حالياً
يوجد حالياً ثمان سلالات أسدية مُعترف بها لدى العلماء بخلاف السلالات المنقرضة، منها ما يلي:
-
الأسد الأسيوي
يُعرف أيضاً باسم الأسد الهندي أو الفارسي، وذلك لأنه يعيش في غابة غير في الهند، أوشكت هذه السلالة على الانقراض بسبب أسلوب عيشها الذي يختلف عن أغلب السونريات الأخرى، فهي تنشط في النهار لذلك كانت هدفاً سهلاً للصيد، كانت تعيش قديماً في أجزاء واسعة من قارة أسيا مثل بلاد الشام وباكستان وبنجلاديش لكن اليوم لم يظل منها سوى 300 فرد، لذلك توجد مساعي لوضعها تحت الحماية حتى تتكاثر مرة أخرى.
-
الأسد البربري
أغلب الظن أن هذه السلالة قد انقرضت، إلا أن بعض العلماء يعتقد بوجود بعض أفرادها في الحياة البرية، انتشرت هذه السلالة قديماً في أجزاء من إفريقيا وصحاري مصر، كانت واحدة من أضخم السلالات الأسدية لذلك أصبحت عرضة للصيد بكثافة الأمر الذي أدى لانقراضها.
-
الأسد السنغالي
يعيش هذا الأسد حالياً في إفريقيا تحديداً في السنغال ونيجيريا.
-
أسد الكونغو
يعيش حالياً في جمهورية الكونغو تحديداً في القسم الشرقي منها.
-
أسد النوبة
يعيش في إفريقيا الشرقية تحديداً في الحبشة وكينيا حتى موزامبيق.
-
أسد كاتنجا
يعيش هذا الأسد في غرب إفريقيا تحديداً في أنجولا وزمبيا وزمبابوي.
-
أسد كروغر
يعيش في منتزه كروغر الوطني في جنوب شرق إفريقيا.
سبب تسمية الأسد بملك الغابة
تعود أسباب تفرد الأسد بالمرتبة الأولى إلى أسلوب حياته وبنية جسده التي تختلف عن معظم المفترسات الأخرى كما يلي:
-
السيطرة على مساحات كبيرة من الأراضي
يعود ذلك لعيش الأسد في جماعات تتمثل في الذكر وأنثاه والأشبال الصغار فيتعاونون جميعاً في الصيد ورعاية بعضهم ما يمكنهم من السيطرة وفرض نفوذهم على مساحات كبيرة دون أن يستطيع أحد المفترسات الأخرى الاقتراب منها.
-
قوة جسده الخارقة
يتميز الأسد بقوة جسدية خارقة تميزه تجعله آلة فتك جبارة، فقد قدر العلماء قوة قبضته بحجم صخرة تزن أكثر من خمسين كيلو جرام تم إلقائها من علو ثلاثة أمتار! كما أن فكه أقوى من فك الإنسان بحوالي 5 مرات، لذلك فهو قادر على قتل وتهشيم أي حيوان مهما كان وزنه في غضون ثواني، كما أنه قادر أيضاً على نقل فريسة تزن خمسة أضعاف وزنه إلى أي مكان يريد.
-
إتباعها لأسلوب مميز في الصيد
تتحرك إناث الأسود أثناء عملية الصيد وكأنها درست في أعرق الجيوش العالمية، فهي تصطاد في مجموعات لا تقل عن أربع أفراد يراقبون الفريسة ويتربصون بها فإذا حانت اللحظة المناسبة انطلقوا إليها جميعاً وأبعدوها عن القطيع ثم انقضوا عليها.
-
روح التعاون بين أفراد الأسرة
رغم أن الأنثى هي من تقوم بالصيد إلا أن الذكر يعمل على حماية أفراد أسرته وتدريب أولاده حتى يكونوا قادرين على الصيد والفتك بفرائسهم، كما أنه يتميز بعطفه الشديد على أشباله رغم مظهره المهيب فيداعبهم ويلاطفهم من وقت لأخر، تميز الأسد أيضاً بعفة نفسه فلا يأكل الحيوانات النافقة مهما حدث إلا إذا قارب على الهلاك جوعاً، ولا يقترب من أرض غيره أبداً، لذلك ضرب به المثل دوماً بين العرب على الرجولة والعفة والشهامة والشجاعة.