تعد لعبة ماين كرافت Minecraft واحدة من أكثر ألعاب الفيديو انتشاراً بين المستخدمين في الدول العربية بصفة خاصة والعالم بشكل عام، ويرجع تاريخ هذه اللعبة إلى عام 2009 حين تم ابتكارها على يد المُبرمج السويدي ماركوس بيرسون ثم صدرت النسخة النهائية منها في عام 2011، ثم ذهبت حقوق ملكية اللعبة إلى شركة مايكروسوفت Microsoft العالمية في عام 2014 بموجب صفقة تقدر بحوالي 2.5 مليار دولار أمريكي، وقد تجاوز حجم مبيعات هذه اللعبة 60 مليون نسخة هذا بخلاف النسخ المقرصنة، مما يجعلها بكل تأكيد اللعبة الأنجح في التاريخ. ما لا يعرفه الكثيرون هو أن لعبة ماين كرافت مستوحاة في الأساس من لعبة Infiniminer ولكنها استطاعت -خلال فترة وجيزة- أن تتخطى نجاح اللعبة الأصلية وتتفوق عليها بمراحل عديدة.
أسباب نجاح وانتشار لعبة ماين كرافت Minecraft :
تحظى لعبة ماين كرافت بشعبية طاغية بين هواة ألعاب الفيديو في مختلف دول العالم ويمكن إرجاع السر في ذلك إلى عوامل عديدة كفلت لها التفوق على غيرها من الألعاب وفي مقدمتها ما يلي:
طبيعة اللعبة الغريبة والمختلفة :
حققت لعبة ماين كرافت Minecraft نجاحاً كبيراً على الرغم من افتقارها إلى العديد من العوامل التي تميز ألعاب الفيديو الحديثة بالغة التطور، مثل درجة نقاء الصورة وأسلوب التصميم الذي يحاكي الواقع والأصوات المجسمة وغير ذلك، لكن الحقيقة أن اللعبة هنا وإن بدت بدائية بعض الشيء إلا أنها تمتلك ميزة لا تتوفر في أي من الألعاب الأخرى ألا وهي أنها تمنح اللاعب حرية مُطلقة للتصرف داخل عالمها كيفما يشاء!
تعتمد اللعبة بشكل كامل على الأسلوب المُسمى صندوق الرمال “Sand Box” ، والذي يمنح اللاعب مساحة افتراضية ضمن نطاق اللعبة يمكنه التحكم فيها بشكل كامل، حيث يستخدم اللاعب هذه العناصر “المربعات” المتوفرة ضمن هذا النطاق في تصميم وبناء عالمه الخاص من الألف إلى الياء كل حسب خياله ورؤيته وتصوره، وبناء على ذلك فإنها لا تفرض على اللاعب أي قيود من أي نوع وهذا هو سر عشق الملايين لها وإدمانهم لممارستها.
تعدد أشكال وقدرات الخصوم :
تجذب ألعاب الفيديو القائمة على المغامرة اللاعبين بدرجة أكبر من أنماط الألعاب الأخرى، ومن مزايا لعبة ماين كرافت أنها تجمع بين العديد من هذه الأنماط، فهي تعتمد بنسبة كبيرة على الذكاء والابتكار وقدرة اللاعب على التخيُل وفي ذات الوقت تقدم له قدر كبير من الإثارة والتشويق، حيث تضعه في مواجهة العديد من التحديات والمخاطر متعددة الأنواع ومتدرجة المستويات.
تتضمن لعبة ماين كرافت Minecraft مجموعة كبيرة ومتنوعة من الخصوم والوحوش المُطالب اللاعب بمواجهتها والتغلب عليها من أجل النجاة والبقاء على قيد الحياة، تلك الوحوش تختلف خصائصها وتتعاظم قدراتها وقوتها مع تقدم مستويات اللعبة، مما يعني رفع سقف التحدي باستمرار مما يمنح درجة أعلى من الإثارة ويحافظ على شغف اللاعب ورغبته في المواصلة، من أبرز وحوش -أو خصوم- اللعبة ما يلي:
- الزومبي Zombies : هي الأكثر انتشاراً ضمن عالم اللعبة ويسهل القضاء عليها
- سبايدر Spider: أحد الخصوم التي يسهل التخلص منها ونقطة قوته الوحيدة تتمثل في قدرته على التخفي والظهور المفاجئ
- إندر مان Enderman: يعد أحد أقوى التحديات التي تواجه اللاعب حيث أن هذا الخصم يمتاز بالقوة والسرعة ويمكنه هزيمة اللاعب بعدد قليل جداً من الضربات
- الكريبر Creeper: يمتلك هذا الخصم القدرة على هزيمة اللاعب وتدمير ما قام ببنائه أيضاً ولهذا تُعد مواجهته من أصعب التحديات
التطوير الدائم والمستمر :
ليس غريباً أن تتمكن إحدى ألعاب الفيديو من تحقيق نجاحاً كبيراً وانتشاراً واسعاً عند طرحها، ولكن التميز الحقيقي والنجاح الفعلي يتمثل في مدى قدرة هذه اللعبة على الصمود والاستمرار في جذب المستخدمين على مدار سنوات عديدة، خاصة في ظل معدلات الإنتاج المتزايد لهذا النوع من وسائل الترفيه.
تمكنت لعبة ماين كرافت Minecraft من الاستمرار في جذب اللاعبين على لأكثر من ثمانية أعوام، يرجع السر في ذلك إلى حرص المُبرمجين على تطوير اللعبة وإدخال إليها المزيد من التعديلات والتحسينات بشكل مستمر، وقد ساهم ذلك بشكل مباشر في الحفاظ على تألق اللعبة ودفع الملل بعيداً عن أجوائها دائمة التجدد، وبذلك استطاعت منافسة كافة الألعاب الشبيهة التي ظهرت في وقت لاحق وكذا استطاعت جذب أكبر عدد ممكن من اللاعبين.
تناسب مختلف الفئات والأعمار :
يُشكل الأطفال والشباب في مرحلة المراهقة النسبة الأكبر من عدد هواة ألعاب الفيديو، لكن كل شريحة عمرية من هاتين الشريحتين تتجه لمجموعة مختلفة من الألعاب بما يتناسب مع قدراتهم وميولهم، ولم يحدث أن تمكنت ذات اللعبة من جذب مختلف الفئات إلا في حالات قليلة جداً، وكانت من بينها لعبة ماين كرافت Minecraft.
أحد أهم العوامل التي تميز لعبة Minecraft عن غيرها من الألعاب هو أنها تقف في منطقة وسط بين البساطة المُتناهية والتعقيد الشديد، وبناء على ذلك صارت مناسبة بالنسبة للشريحة الأكبر من المستخدمين، كما أن اللعبة -على خلاف السائد- لا تعتمد في إتمام مهامها ومراحلها على المهارة الحركية أو الذهنية، بل أنها تعتمد بدرجة أكبر على الخيال وهي المَلكة التي يملكها الجميع صغاراً وكباراً ولا حدود لها.
تعدد الأنظمة والأجهزة الداعمة للعبة :
أحد أبرز العوامل التي ساهمت في تحقيق لعبة ماين كرافت Minecraft ذلك الانتشار الواسع هو أنها من الألعاب البسيطة والتي لا تتطلب توفير أجهزة كمبيوتر قوية أو ذات مواصفات خاصة، بل أن هذه اللعبة بسيطة للدرجة التي تتيح إمكانية ممارستها بكامل تفاصيلها على الهاتف الخلوي.
شهدت اللعبة منذ انطلاقها وحتى الآن العديد من التطورات إلى أن صارت متوافقة مع عدد كبير من أنظمة التشغيل الرقمية ومتوفرة عبر أكبر عدد من الأجهزة، من بينها:
- نظام تشغيل مايكروسوفت ويندوز
- نظام تشغيل ماك
- نظام تشغيل أندرويد
- نظام iOS
- أجهزة بلاي ستيشن بمختلف إصداراتها
- أجهزة إكس بوكس
تنمية الجانب الإبداعي :
تعالت خلال السنوات الماضية الأصوات المُخذرة من خطورة ألعاب الفيديو على الأطفال، حيث قيل بأن هذا النوع من وسائل الترفيه يؤثر بشكل سلبي على الطاقات الإبداعية لدى النشء بالإضافة إلى أنها تعد بمثابة إهداراً للوقت، إلا أن هناك من كان لهم رأياً مخالفاً ورأوا أن من الخطأ تعميم تلك القاعة على كافة إصدارات ألعاب الفيديو التي بينها ألعاب يمكن اعتبارها مفيدة وتساهم بشكل ما في تنمية المهارات ومنها لعبة ماين كرافت Minecraft.
تعتمد لعبة ماين كرافت بصورة شبه كاملة على الجانب الإبداعي لدى اللاعب، حيث أنها -على خلاف النسبة الغالبة من الألعاب- لا تفرض على اللاعب مساراً محدداً أو أتباع أسلوباً مُعيناً، بل أن اللعبة تضع المستخدم في قلب عالم مفتوح كل الخيارات فيه مُتاحة وتطالبه بالقيام بعدد من المهام ولكن له مُطلق الحرية في اختيار الأسلوب والطريقة التي يراها ملاءمة وأكثر فعالية، ومن ثم فإنها تساهم في تنمية النواحي الإدراكية والإبداعية لدى صغار السن بالأخص.
