لحم الإبل هو أحد الأطعمة الغنية بمختلف العناصر الغذائية، وهو من الحيوانات المفضلة في الدين الإسلامي، وقد ورد ذكر هذه الحيوانات في أكثر من آية قرآنية، و لحم الإبل مباح أكله بالشريعة الإسلامية، بل وتصح الأضحية بها وكذا يمكن أن التصدق بلحومها، ولكن رغم كل ذلك فإن تناولها يعد من منقضات الوضوء!، وهو ما يدفعنا للتعجب والبحث عن السر والتفسير.
لماذا لحم الإبل يُبطل الوضوء :
لفترة طويلة من الزمن كانت الحكمة من الوضوء بعد تناول لحم الإبل ،حكمة مبهمة ويجهلها الكثيرون، وهو ما دفع البعض إلى الإتيان بتفسيرات مخالفة للعقل وعلم المنطق، ولكن العلم الحديث توصل إلى تلك العلاقة الرابطة بين الوضوء و لحم الإبل.. فما هي؟
لحم الإبل والسيال العصبي :
وجد العلماء إن لحم الإبل يرفع معدلات عملية السيال العصبي في الجسم، ولهذا اتجه الأطباء إلى نصح من يعانون من سرعة الاستثارة أو العصبية، بالحد أو الامتناع عن تناول لحم الإبل رغم قيمته الغذائية المرتفعة، والسيال العصبي أو النبض العصبي وبالإنجليزية Nerve Impulse، هو عملية حيوية تحدث بالجسم البشري، ويقصد بها معدل نقل النبضات داخل الأعصاب، وكلما ارتفعت معدلات جريان هذه العملية كلما كان الشخص أكثر عرضة للتشنج، كما يعزز ذلك نمو المشاعر السلبية لديه، مثل القلق والتوتر المفرطان أو سرعة الاستثارة والغضب.
لماذا يتعارض هذا مع الوضوء ؟
الدراسات الحديثة التي تناولت تأثير جريان الماء على الإنسان، أثبتت أنه ينعكس على الحالة النفسية للإنسان بشكل إيجابي، وذلك لإن جريان الماء على الجلد، وخاصة تلك المناطق التي يغمرها عند القيام بالوضوء، يساعد الإنسان على الدخول في حالة من الاسترخاء والهدوء، ويزيل عنه التوتر والضغوط وأية مشاعر سلبية، ولإن لحم الإبل له تأثير مُعاكس لذلك، وبالتالي فإن تناوله يفسد تأثير الوضوء الإيجابي على الصحة النفسية، ومن ثم فإن اعتباره من العوامل الناقضة للوضوء، يحقق الاستفادة الكاملة من لحم الإبل كمصدر غذائي، وفي ذات الوقت يقي الإنسان التعرض للآثار الجانبية السلبية له، والمتمثلة في زيادة معدلات السيلان العصبي وتعكير صفو الحالة المزاجية.
دسامة لحم الإبل :
بعض الدراسات والفتاوى الدينية الخاصة بـ لحم الإبل والوضوء، ذهبت إلى أن ذلك يرجع إلى ارتفاع نسبة الدهون بلحم الإبل، مقارنة بلحوم البقر أو الأغنام، وقيل بأن وجوب الوضوء بعد تناول لحم الإبل ،إنما بهدف تحقيق الطهارة التامة استعداداً لأداء فريضة الصلاة، إذ أن دسامة هذا النوع من اللحم، يؤدي إلى التصاقه باليدين وبين أشداق الفم، وهو أمر لا يمكن معه الاكتفاء بغسل الأيدي بالماء، إنما يجب الوضوء بشكل كامل من البداية للتطهر، ولكن في كل الأحوال يبقى السبب الأول، هو الأكثر منطقية واتفاقاً مع العقل.
الحديث النبوي :
كل من هو على الدين الإسلامي فهو يلتزم بأحكامه، والتي تستمد من مصدرين أساسيين هما القرآن الكريم والسنة النبوية، ومن ثم فإن من أسباب اعتبار لحم الإبل أحد العوامل التي تنقض الوضوء، هو إن ذلك قد ورد في أحد الأحاديث الشريفة المنقولة عن الرسول الأمي عليه الصلاة والسلام، والذي أوصى به على ضرورة إعادة الوضوء حال تناول لحم الإبل ،وهو سبب اتفاق غالبية المذاهب على اعتبار لحم الإبل منقض للوضوء، على الرغم من إن هناك مذاهب أخرى رأت إن الوضوء في تلك الحالة مستحب وليس فرضاً، واستندوا في ذلك إلى أن الحديث الذي ورد في هذا الخصوص، منصف ضمن الأحاديث النبوية الشريفة ضعيفة الإسناد.