كسوف الشمس هي ظاهرة فلكية يمر فيما القمر من خلال الشمس ويغطي بظله مناطق معينة من الأرض. فإن كنت في المكان الصحيح سترى قرص القمر المظلم يخترق قرص الشمس شديد الضوء، ويحول النهار إلى ليل لدقائق عديدة. وطالما شكل الكسوف الشمسي مصدر غنيًا للروايات والخرافات في العالم القديم، قبل أن تعرف البشرية حقيقة دوران الأرض حول الشمس ودوران القمر حول الأرض. فكان الناس يهابون كسوف الشمس ويمارسون طقوس شديدة الغرابة أثناء دقائق عبور القمر من أمام الشمس. تعرف على الكسوف الشمسي عن قرب، ومتى موعد الكسوف القادم.
تعريف وسبب كسوف الشمس
هي ظاهرة اختفاء الشمس خلف قرص القمر المعتم، عند استقامة الشمس والقمر والأرض على خط مستقيم. بحيث يكون القمر في المنتصف ويلقي على الأرض بظلاله. ولأن القمر أكبر إلى الأرض من الشمس، فنراها نحن بنفس حجم الشمس وتتمكن من إخفاءها، مع إن الشمس أكبر ملايين المرات من القمر.
مدة كسوف الشمس
تختلف مدة كسوف الشمس من حدث إلى أخر، ولكنها في المجمل مدة قصيرة جدًا، خاصة لو قارنها بمدة الخسوف القمري. وتزيد كلما كانت الأرض في أبعد نقاطها عن الشمس، والقمر في أقرب نقاطه إلى الأرض. بحيث يزيد قطر ظل القمر الواقع على الأرض.
في أحسن الأحوال لا يتعدى قطر ظل القمر على الأرض مساحة 270 كيلومتر، وتصل سرعة تحرك هذا الظل على الأرض إلى 2100 كيلومتر بالساعة. أي لن يصمد الكسوف الكلي للشمس إلا لنحو دقيقتين أو قد يصل في أفضل الظروف إلى سبع دقائق. بينما تحتاج عملية إتمام جميع مراحل الكسوف الشمسي إلى ثلاث ساعات ونصف من البداية إلى النهاية، مرورًا بالكسوف الجزئي للشمس.
عدم تكرارية وقوع الكسوف
يحدث الكسوف عندما يكون القمر في طور المحاق، أو مطلع كل شهر قمري أي بالنظام الهجري. ولكنه لا يحدث كل شهر بسبب ميل زاوية مدار القمر حول الأرض. بمعنى أن مدار الأرض حول الشمس ومدار القمر حول الأرض لا يستويا. فيمر القمر بأمان بعيدًا عن الشمس، ولا يعبر من أمامها إلا قليلًا عندما تكون الشمس في منطقة تسمى العقدتين.
الفرق بين كسوف الشمس وخسوف القمر
الكسوف هو اختفاء ضوء الشمس، بينما الخسوف هو اختفاء ضوء القمر. في الكسوف يكون القمر في المنتصف، بينما في الخسوف تكون الأرض في المنتصف. يستمر الكسوف لدقائق معدودة فقط وقد لا يزيد عن سبعة أو ثمان دقائق، بينما يستمر الخسوف في المتوسط إلى ساعة ونصف، وربما يصل إلى الساعتين. لا يمكن النظر إلى الكسوف مباشرة بالعين، لأن أشعة الشمس الضارة لا تختفي مع الكسوف وقد تسبب كوراث صحية بالعين. بينما يمكن النظر إلى الخسوف بكل حرية لفترة طويلة، فلا يوجد أي أشعة أو أضرار على العين.
دائمًا ما يتبعان أحدهما الأخر، فإن حدث كسوف فلابد أو يحدث خسوف بعدها بنصف شهر تقريبًا، والعكس صحيح. ولكن ليس بالضرورة أن يحدثان في نفس المنطقة من العالم. يمكن للبشر مشاهدة الكسوف في مناطق قليلة بالعالم أثناء حدوثه، وذلك لأن حجم ظل القمر الساقط على الأرض قليل. بينما نشاهد الخسوف القمري في مناطق متعددة بالعالم أثناء حدوثه، وذلك لأن ظل الأرض الساقط على القمر يأخذ مساحة أكبر، فيحتاج القمر فترة أطول للخروج من الظل والانتهاء من الخسوف.
أنواع كسوف الشمس
الكسوف الكلي
ينكسف كامل قرص الشمس المضيء في منطقة رأس مخروط ظل القمر على الأرض. فتظهر الحلقة الماسية، عندما يغطي القمر كامل الشمس وتظهر الأطراف من الخارج.
الكسوف الجزئي
هو كسوف لجزء من الشمس في المناطق التي تقع في نطاق شبه ظل القمر. وهي المنطقة المحيطة بمنطقة رأس مخروط ظل القمر دائريًا. ولا يتم من يقف هناك من مشاهدة قرص الشمس كاملًا.
الكسوف الحلقي
ويسمى أيضًا كسوف خاتمي. وهو يحدث عندما يكون القمر في نقطة بعيدة عن الأرض، لأن مداره بيضاوي. وبالتالي ظله لا يكفي لحجب قرص الشمس كاملًا أو جزئيًا، بل يحجب بقعة صغيرة في قرص الشمس. وتصل مدة هذا الكسوف إلى 12 دقيقة و30 ثانية، بسبب كبر المسافة التي يحتاجها القمر الصغير للمرور أمام الشمس الضخمة.
الكسوف الخليط
وهو إذا تمت مشاهدة كسوف حلقي ثم كسوف كلي أو العكس في نفس الوقت. وهو كسوف نادر الحدوث جدًا.
الكسوف الذي يحدث بسبب كوكب
هناك نوع أخر من كسوف الشمس يحدث بسبب كوكب وليس القمر. وذلك أثناء مرور هذا الكوكب أمام الشمس في خط مستقيم مع الأرض. ولأن المسافة التي تفصل بين الأرض وأي كوكب أخر بعيدة جدًا، فلا يمكن لهذا الكوكب أن يحجب أشعة الشمس بالكامل. بل يظهر وكأنه نقطة سوداء صغيرة ومستديرة في قرص الشمس الكبير إلا أن يمر من خلالها. وهنا على الأرض يمكن أن نلاحظ مرور كوكب عطارد والزهرة فقط. وهذا يساعد العلماء كثيرًا من تحديد المسافات بين الكواكب وبعضها، وبين الأرض والشمس.
كيف يمكن التنبؤ بالكسوف؟
يمكن للعلماء تحديد موعد الكسوف القادم، بل الكسوف الذي يحدث بعد عدة سنوات من الآن. إنها مجرد حسابات رياضية لحركة وسرعة الأجرام السماوية الثلاثة، أي الأرض والقمر والشمس. وتُعرف دورة الثلاثة باسم “دورة ساروس”، وهي دورة تصف تحركاتهم وعودتهم لنفس النقطة كل 18 سنة و11 يوم و8 ساعات. وبالتالي فإن نفس الظاهرة تتكرر كل في نفس لمنطقة كل تقريبًا 54 سنة.
أقرب موعد للكسوف سيكون في 15 فبراير 2018، وسيكون جزئي ويمكن مشاهدته فقط من جنوب أمريكا الجنوبية أو القارة القطبية الجنوبية. أما أقرب كسوف كلي سيكون في الثاني من يوليو 2019 ويمكن مشاهدته من تشيلي أو الأرجنتين، أو جنوب المحيط الهادئ.
غرائب تأثير كسوف الشمس على الأرض والحياة
تأثير الكسوف الشمسي له صداه الكبير على كلًا من الحياة النباتية والحيوانية أو الإنسانية. وفي النقاط التالية بعض أغرب تلك المظاهر:
- بعض الحيوانات تنام بالليل وتستيقظ بالنهار، ولكن البعض الأخر يستيقظ باليل وينام بالنهار وهذا يتناسب معه في أوقات الصيد. أثناء الكسوف تعتقد الحيوانات أن الليل قد أتى وتخرج من جحورها، وبعدما يمر الليل سريعًا ويأتي النهار ترتبك الحيوانات ويختل نظامها اليومي فترجع خائفة إلى الجحور. نفس الظاهرة تنطبق على النباتات التي تنفتح وتنغلق نتيجة تأثير أشعة الشمس عليها.
- يوجد إدمان معروف لدى علماء النفس ويعاني منه العديد من البشر، يدعى “إدمان كسوف الشمس”. وهو ما يجعل المريض ينتقل إلى أقاصي العالم في الصحاري أو القطب الجنوبي والشمالي، فقط لمشاهدة كسوف الشمس خاصة ما إذا كان كلي. ويمكن أن تلاحظ هذا الإدمان بنفسك إن قارنت وجوه البشر في كل كسوف، فستجد أن هناك مجموعة دائمًا حاضرة.
كسوف الشمس يوم 21 أغسطس 2017
في هذا اليوم حدث أكثر كسوف شمسي غرابة وروعة في التاريخ الحالي. وسبب كونه فريد من نوعه أنه مر بالولايات الأمريكية من ساحل المحيط الهادئ إلى ساحل المحيط الأطلسي. فوصفوه بأنه الكسوف الأمريكي الأعظم، والذي لم يحدث منذ عام 1918. وهو كسوف كلي متنقل عبر الولايات المتجاورة على هذا الخط.
ختام
ظاهرة كسوف الشمس ظاهرة في منتهى الروعة وتوضح دقة الخالق وقدرته. فلا يفوتك فهم هذه الظاهرة، ورؤيتها إن استطعت ولكن لا تنسى الأدوات التي تحمي العين من خطر الأشعة الحمراء والفوق بنفسجية أثناء الكسوف.
