عندما نقوم بتلخيص مصطلح قناة السويس في جملة واحدة فسنقول أنها طريق مختصر يقلل من مسافات السفر حول العالم، حيث أن هذه القناة اختصرت طرق طويلة كانت تعج بالمصاعب والمشاق على الدول الاقتصادية، فبدلًا من أن تستغرق الرحلة بالباخرة خمسة وعشرين يوم في الطرق القديمة يمكننا الوصول إلى المكان المراد من خلال قناة السويس في ثلاثة عشر يوم فقط، وهذا يعني توفير أكثر من عشرة أيام من الممكن استغلالاهم في رحلة تجارية أخرى، ولذا تعتبر قناة السويس ذات أهمية كبيرة لدى الشعب المصري، حيث أن الدولة تجني من خلال هذه القناة مئات الملايين كل عام، وتعتبر الدولة البريطانية هي صاحبة فكرة إنشاء القناة وقد قامت ببنائها بواسطة الأيدي العاملة المصرية والمهندسين البريطانيين، وقد حدث ذلك الإنجاز العظيم في منتصف العام التاسع والخمسين من القرن التاسع عشر، وقامت بريطانيا ببناء قناة أخرى في نفس العام بدولة بنما الإفريقية ولكنها على هيئة أصغر بعض الشيء، ونحن هنا سنتعرف على أهمية قناة السويس، فتابعوا معنا.
تسهيل المواصلات البحرية العالمية
منذ مئات القرون كانت عملية التجارة والتنقل بين دول العالم غربًا وشرقًا صعبة للغاية، نظرًا لطول الطرق البحرية والأوقات الطويلة التي كانت تستغرقها السفن أثناء الوصول، وقد أتت فكرة إنشاء قناة السويس منذ قديم الأزل وقت وجود الفراعنة القدماء ولكنها لم تنجح لعدم توافر كافة الإمكانيات اللازمة لشق القناة، بجانب عدم وجود علم كبير يوضح كيفية قياس منسوب المياه ومساواة البحر الأحمر بالبحر الأبيض المتوسط، ثم تدرجت الفكرة على مدار السنين فحاول الرومان أيضًا ثم اليونانيين ثم الفرس ولكنها باءت جميعًا بالفشل وانهارت أنصاف القنوات التي تم شقها قديمًا، وبعد مضي مئات السنين جاءت الحملة الفرنسية إلى مصر وحاول نابليون تنفيذ فكرة قناة السويس لكي يسهل تنقله من فرنسا مرورًا بالبحر الأبيض المتوسط ثم الدخول للبحر الأحمر مباشرة والوصول لمصر.
فهذا سيفيد الدولة الفرنسية كثيرًا ويجعلها تجني الكثير من الأموال جراء هذه النظرية التي ستسهل الكثير على العالم أجمع، ولكن للأسف لم يقدر الفريق الذي شكله نابليون على شق القناة بسبب عدم قدرتهم على ضبط منسوب المياه بين البحرين، وبعدها أتت الدولة البريطانية العظيمة وتمكنت من شق هذه القناة في منتصف العام التاسع والخمسين من القرن التاسع عشر، وانتهى بناء هذه القناة في عشرة أعوام تقريبًا ومن هنا بدأت الدول العالمية تستخدم تلك القناة في التنقل من الغرب إلى الشرق والعكس.
استخدام قناة السويس في عمليات التجارة
بعدما تم إنشاء قناة السويس راحت الدول الأوروبية العظمى وقت التطور الصناعي الكبير تستخدم تلك القناة لتصدير بضائعها للدول الأفريقية والأسيوية، وأخذ المواد الخام والأولية من المناطق الأفريقية وشرق أسيا، حيث أن الدول الأوروبية تعتبر فقيرة بعض الشيء للمواد الخام بالمقارنة مع الدول الأفريقية والأسيوية، وفي نفس الوقت الدول الأوروبية هي صاحبة التقدم الصناعي الهائل واستخدام الآلات الصناعية الحديثة التي سرعت من عملية الصناعة بأضعاف ما كانت عليه قديمًا، وهنا لابد من تصدير هذه الصناعات التي تضاعفت إلى الدول التي لا تعرف عن الصناعة إلا الأيدي العاملة فقط وبعض الصناعات البسيطة والبدائية، وهذا الحال ينطبق على جميع الدول الأفريقية على حد سواء ولكن بنسب متفاوتة، فبالطبع الحال في شمال أفريقيا لن يكون كالغرب أو الجنوب، ولذا اعتمدت الدول الأوروبية على قناة السويس في تصدير منتجاتها إلى أفريقيا وأسيا.
ثم احتاجت تلك الدول إلى المواد الخام نظرًا لندرتها واستهلاكها سريعًا مع التطور الصناعي الهائل، وهذه المواد الخام تتواجد بكثرة في الشرق أي أفريقيا وأسيا ولنقلها من تلك الدول إلى أوروبا كان الموضوع يستغرق الكثير من الأيام، فمثلًا لنقل سفينة محملة بالمواد الخام من أفريقيا إلى أوروبا قبل إنشاء قناة السويس كان الموضوع سيستغرق خمسة وعشرين يوم تقريبًا، أما بعض إنشاء القناة فالموضوع لن يستغرق سوى أثنى عشر أو ثلاثة عشر يوم على الأكثر، وهنا كان لزامًا على تلك الدول استخدام قناة السويس في تنقلاتها وبالتالي لابد من دفع النقود للمرور بالقناة فهي لم تنشئ عبثًا أو مجانًا، ولذا تدفقت الكثير من الأموال على الدولة المصرية بفضل قناة السويس.
قناة السويس زادت مكانة مصر السياسية
مع إنشاء قناة السويس ازدادت مكانة مصر السياسية بدرجة كبيرة للغاية حتى أصبحت البلاد المصرية هي محور العالم أجمع، ولم تعلوا مكانة مصر بمفردها بل أعلت شعوب الشرق الأوسط معها في نفس المرتبة، حيث أن مصر أصبحت دولة ذات ثقل سياسي واقتصادي كبير جعل لها الكلمة الأولى في القارة الأفريقية، والكلمة الأولى بين الدول العربية والإسلامية، فلا تخطو أي دول عربية خطوة حساسة إلا ولمصر رأي فيها فهي القائد العربي الأول للمنطقة، وهذا ما جعل أعين الأعداء من الدول الأجنبية تتسلط على الدولة المصرية فكل دولة تطمع في امتلاك مصر والتنعم بخيراتها الوفيرة، وهذا ما قد ظهر لنا جليًا عند قيام الكثير من الدول مثل الفرنسية والبريطانية والكيان الإسرائيلي الحديث من محاول غزو مصر واستعمارها.
وتعد قناة السويس عامل هام في تلك الأطماع الأجنبية بالأراضي المصرية وذلك للتحكم بطرق التجارة الدولية، ولكن لم تتمكن هذه الدول من احتلال مصر كثيرًا فقد خرجت سريعًا ولم يتأثر الشعب المصري بدخولها للبلاد على العكس من الدول العربية المجاورة.
توافر فرص عمل كثيرة للشباب المصري
كانت قناة السويس هي فاتحة خير على الشعب المصري فقد توافرت الكثير من الوظائف الشاغرة التي ساعدت في زيادة دخل الفرد المصري، حيث أنه مع إنشاء القناة من البداية احتاج ذلك المشروع إلى الكثير من الأيادي العاملة المصرية لكي ينفذوا ما يملى عليهم من قبل الخبراء والمهندسين البريطانيين، واستمرت الحاجة إلى العمال تتزايد خلال العشرة أعوام مدة بناء قناة السويس من 1859 إلى 1869، ثم بعدها بعدة أعوام قامت الكثير من الشركات بإنشاء فروع لها في منطقة قناة السويس وبالتالي تزداد الحاجة إلى العاملين والموظفين، والفضل في ذلك يرجع للقناة وأهميتها البالغة التي أدت لفتح أبواب خير على الشعب المصري أجمع، ومنذ عامين تقريبًا حاول الرئيس عبد الفتاح السيسي تطوير تلك القناة لكي تزيد قوتها وعظمتها وبالتالي تزداد الأموال المتدفقة على مصر.
ازدياد المساحة المزروعة في مصر
من المجالات الهامة التي فتحتها قناة السويس هو المجال الزراعي الذي زاد كثيرًا من الدخل القومي لمصر، حيث أنه مع إنشاء القناة قامت الدولة ببناء بعض السدود والمجاري المائية وهذا بدوره أوجد مساحات أرضية صالحة للزراعة، وبالتالي نشطت الزراعة فوق الأراضي المصرية بفضل قناة السويس التي فتحت الطريق أمام هذه المهنة، وازدادت عملية التصدير الزراعي الجيد للبلاد الخارجية وهذه الأموال الكثيرة عادت بالفضل على جميع المحافظات المصرية وخاصة العاصمة، فقد تطورت القاهرة كثيرًا وأصبحت من أقوى العواصم في العالم.
الكاتب: أحمد علي