قديما كانت قصص العفاريت والأشباح هي المادة المفضلة لأي أشخاص جالسون في ليلة سمر أو في جلسة ساعة عصاري، كانت هي المادة الأكثر جاذبية للحديث فيها وكل شخص جالس يدلي بدلوه حول حكاياته مع الجن والعفاريت أو يستحضر حكايات أشخاص يعرفهم مع تلك الظواهر الغريبة أو حتى أشخاص لا يعرفهم ولكن قصها أحدهم عليه، ولم يكن يخلو شخص ولو حتى من قصة واحدة سواء حدثت معه أو مع غيره ليرويها على الجالسين في ظروف مناسبة، غير أن مثل هذه القصص قد انتهت واندثرت بشكل مفاجئ وغريب مع تقدمنا في سنوات الألفية الجديدة، ولا ريب أن هناك سر.
الأنوار والأضواء
قديما وفي الأرياف مثلا والمناطق النائية لم تكن الكهرباء قد وصلت بعد بالتالي كانت هذه بيئة صالحة لنمو قصص العفاريت والأشباح ولم يكن يعرف الناس شيئا عن التكنولوجيا أو التقدم العلمي والحضاري بالتالي كان من الطبيعي أن تنتشر مثل هذه الأمور وتسود الأساطير لكن الآن بعد المد العمراني الجارف ووصول الكهرباء لكافة المناطق وبفضل التقدم العلمي والحضاري الذي استطاع الوصول لمعظم الأماكن فإن هذه القصص شهدت تراجعا كبيرا عن الحقب السابقة التي كانت منتشرة بها بغزارة.
قصص العفاريت أصبحت أساطير
كانت قصص العفاريت تروى من قبل بشكل مستمر على أنها قصص حقيقية حدثت بشكل كبير وكان لدى الناس هاجس كبير بها فبمجرد وجودك وحدك في مكان أو المرور في مكان مظلم أو انقطاع الكهرباء فإن هذا قد يدفعك إلى التفكير في هذه الأشياء وحتى إن لم تكن موجودة فعلا فإنه بدافع الخوف والتوجس ستتجسد لك هواجسك وأي فعل أو حركة ستصدر سيكون مصدرها بالطبع العوالم السفلية والكائنات غير المرئية لكن الآن أصبحت العفاريت مجرد أساطير وبالتالي لم يعد هناك نفس الخوف السابق منها وبالتالي خفتت حدتها تدريجيا.
كاميرات المراقبة
لم يكن قديما يوجد شيء اسمه كاميرات مراقبة، كان من الممكن أن يخبرك أي شخص بشيء حدث هنا في الليلة السابقة وتصدقه ولكن الآن بفضل كاميرات المراقبة المنتشرة في كل مكان والتي لا ترصد أي شيء غير طبيعي أو حركة غير معتادة فإن قصص العفاريت ومثل هذه الأمور تراجعت بعد أن ثبت أن معظمها كان مجرد خيالات وهواجس في ذهن أصحابها وبسبب جاذبيتها وتشويقها انتشرت فيما بعد كالنار في الهشيم.
الجيل الجديد وقلة اعتقاده في قصص العفاريت
كانت قصص العفاريت يتم تداولها على نطاق واسع بين الأشخاص الذين يؤمنون بها وعادة تحدث لهم مثل هذه الأمور فلا يوجد شخص لا يؤمن بوجود العفاريت حدث له مرة وظهر له عفريت ولكن حدث لكل من يؤمنون بها قديما، ومع ظهور جيل جديد أكثر علما ودراية وأكثر استخداما للتكنولوجيا والتقدم والثورة المعلوماتية خفتت لعدم وجود جمهور لها ويتشكك حتى فيما روي قديما عنها من قصص كان السابقون يصدقونها ويعتقدون فيها كل الاعتقاد.
تراجع قصص العفاريت وخفوت حدتها إن دل على شيء فإنما يدل على التقدم العلمي والحضاري ووعي الناس بأنه ليس كل ما نؤمن به يجب أن يكون حقيقة، بالتالي لا ينبغي علينا تصديق كل ما يقال لنا حول قصص الجن والعفاريت.