فيلم ماتريكس هو فيلم أمريكي أنتج الجزء الأول منه في 1991م والجزء الثالث والأخير في 2003م، الفيلم من تأليف وإخراج الأخوين تشاوسكي، ومن بطولة كيانو ريفز وكاري آن موس ولورنس فيشبورن وقد حقق الفيلم نجاحاً كبيراً عن طرحه بدور العرض على المستويين الجماهيري والنقدي، ويعتبر فيلم ماتريكس نقطة تحول في مسيرة السينما المعاصرة.
تأثير فيلم ماتريكس :
فيلم ماتريكس ليس مجرد فيلم حركة جيد الصنع أو فيلم خيال علمي مشوق وممتع، بل يعتبره النقاد بمثابة نقطة تحول في مسيرة السينما المعاصرة وتم اعتباره فيلم استثنائي وتجربة سينمائية فريدة، وذلك للعديد من العوامل أبرزها الآتي:
ثورة الخدع البصرية :
تشهد السينما العالمية حالياً ذروة التقدم التكنولوجي ويمكن أن يطلق على عصرها الحالي عصر الخدع البصرية، إذ إن 80% تقريباً من الأعمال السينمائية التي يتم إنتاجها سنوياً تعتمد على تلك الخدع جزئياً أو كلياً، والفضل في تلك الطفرة الهائلة التي شهدها مجال المؤثرات السينمائية يعود إلى ثلاثة أفلام هم سيد الخواتم The lord of the rings وفيلم أفاتار Avatar و فيلم ماتريكس The Matrix، وكون فيلم ماتريكس تم إنتاجه في عام 1999م فهذا يجعله الرائد في هذا المجال كونه سبق الفيلمين الآخرين. وقد تم استخدام الخدع البصرية في 90% من مشاهد السلسلة وقد خصصت أكثر من 50% من ميزانية الفيلم تقريباً لأعمال الجرافيك تقريباً، ونجاح الفيلم وإقبال الجماهير عليه كان سبباً في اتجاه أغلب الأعمال التالية إلى الاهتمام بمجال الخدع، وأدى ذلك إلى إعادة أحياء أنماط من الأفلام كانت معدلات انتاجها قد انخفضت مثل أفلام الأبطال الخارقين والأفلام الملحمية وأفلام الخيال العلمي
روعة الصورة وعمق المضمون :
الأخوين آندي ولاري تشاوسكي مؤلفي ومخرجي فيلم ماتريكس كانت لديهما رغبة في تقديم وجبة سينمائية دسمة ومتوازنة، فرغم إن الفيلم في النهاية يُصنف ضمن أفلام الخيال العلمي والإثارة والتشويق، إلا إنه لم يكن سطحياً ولم يقدم قصة مستهلكة قائمة على الصراع بين مختلف القوى بهدف خلق مشاهد معارك مثيرة وحسب كما كان متبع بأغلب أفلام التسعينيات، بل حرص الأخوين على أن يكون فيلمهما متكاملاً فبجانب مشاهد الإثارة والتشويق التي تم تقديمها بحرفية شديدة، فقد حمل سيناريو الفيلم العديد من الرمزيات والإسقاطات، وقدم العديد من الأطروحات الفلسفية والأسئلة الوجودية القديمة والحديثة، الأمر الذي جعل فيلم ماتريكس فيلماً قيماً بحق وزاد قصته تعقيداً ورغم ذلك جاء تسلسل أحداثه سلسلاً فلم يخل تعقيد القصة بمتعة المشاهدة، ويعتبر سيناريو فيلم ماتريكس هو المنافس الأقوى لسيناريو فيلم استهلال Inception للمخرج كريستوفر نولان من حيث التعقيد وقوة الحبكة.
فتح فيلم ماتريكس بذلك الباب أمام نوع جديد من أفلام الإثارة والتشويق، فقد نفى عنها صفة الأفلام الهزلية السطحية التي تعتمد على الإثارة وحدها وتفتقر إلى أية عوامل فنية أخرى خاصة المتعلقة بعمق القصة وجديتها، وساهم هذا في خروج العديد من الأفلام التي تجمع بين العنصرين كان أبرزها ثلاثية فارس الظلام والتي ناقشت العديد من الأمور الفلسفية من خلال شخصية باتمان أحد أشهر الأبطال الخارقين، وتكرر الأمر مع شخصية سوبر مان في سلسلته الجديدة التي بدأت بفيلم الرجل الفولاذي Man of steel وغيرهم.
الفكرة المبتكرة :
أفلام الخيال العلمي لفترة طويلة جداً ذلك محصورة في نطاق ضيق من القصص والحبكات السينمائية، فهي إما تدور عن رحلة فريق بحثي إلى الفضاء الخارجي ويتعرضون خلال رحلتهم هذه إلى العديد من المخاطر والمغامرات، وإما إنها تدور حول غزو كوكب الأرض من قبل كائنات فضائية غريبة، أما فيلم ماتريكس فقد جاء بقصة مبتكرة وجديدة تماماً على عالم السينما، والتي تدور في المستقبل حيث تصبح الغلبة لمجموعة من الآلات الحاسوبية الواعية التي تحاول تسخير الجنس البشري لها بهدف استغلاله في توليد الطاقة، ويدور الصراع بين مجموعة من البشر وتلك الآلات في عالم افتراضي يسمى المصفوفة The matrix. ومن هنا يمكن القول بإن فيلم ماتريكس كان سبباً في تحرير عقول مؤلفي السينما، إذ إنهم في السابق كانوا يفكرون في نطاق المتاح والمضمون، ولكن بعدما كانت فكرة ماتريكس المبتكرة أحد أهم أسباب نجاحه جماهيرياً لم يعد المؤلفون متقيدون بالأنماط التقليدية لسينما الخيال العلمي.