فيلم دونكيرك Dunkirk هو فيلم أمريكي من إنتاج 2017م وبدء عرضه عالمياً في 21 يوليو من نفس العام، الفيلم من تأليف وإخراج كريستوفر نولان وإنتاج شركة وارنر بروس ووضع الموسيقى التصويرية له الموسيقار هانز زيمر، ينتمي فيلم دونكيرك إلى نوعية الأفلام الحربية الراصدة للأحداث التي جرت في زمن الحرب العالمية الثانية وما ترتب عليها من نتائج، ويعتبر من أكثر الأفلام ترقباً في عام 2017م وتوقع الكثيرين نجاحه قبل بدء عرضه حتى أنه تمكن من تحقيق إيرادات بلغت 84 مليون دولار خلال أول يومين عرض فقط، ترى لماذا ؟ وما سر الاهتمام بهذا الفيلم وزيادة الإقبال الجماهيري عليه؟
عوامل تميز وجذب فيلم دونكيرك Dunkirk :
توافرت في فيلم دونكيرك Dunkirk العديد من العوامل التي كفلت له التميز وزادت من درجة الترقب لبدء عرضه، ومن أبرزها:
أول أفلام نولان الحربية :
اكتسب كريستوفر نولان شعبية طاغية في أنحاء العالم خلال السنوات الماضية، وذلك من بفضل ما قدمه من أعمال سينمائية مميزة أبرزها استهلال Inception بطولة ليوناردو دي كابريو بالإضافة إلى ثلاثية فارس الظلام التي تعد في نظر الكثيرين أفضل السلاسل التي قدمت شخصية باتمان على الشاشة، وصولاً إلى فيلم بين النجوم Interstellar الذي أحدث ضجة كبيرة عند عرضه في عام 2014م.
لكن شعبية مخرج ومؤلف العمل كريستوفر نولان ليست السبب الوحيد في ترقب الجمهور لعرض فيلم دونكيرك أو لاعتباره مسبقاً واحداً من أهم أفلام 2017م، بل أن ذلك يرجع إلى نوعية الفيلم نفسها، حيث يعد الفيلم الحربي الأول في مسيرة كريستوفر نولان الفنية، وهو الذي اعتاد خلال السنوات الماضية على تقديم أفلام الخيال العلمي ذات البعد الفلسفي، وقد كان ذلك سبباً في تشوق الجمهور في مشاهدة نولان يقدم فيلماً مستنداً إلى أحداث واقعية جرت بالفعل خلال فترة الحرب العالمية الثانية، إذ يعتبر ذلك اختباراً جديداً لقدراته الفنية في الإخراج والسيناريو.
ليس الأول من نوعه :
أحد الأمور التي زادت درجة الترقب لعرض فيلم دونكيرك 2017م هو أنه ليس الفيلم الأول من نوعه، والمقصود هنا ليس النوعية التي ينتمي إليها الفيلم وهي تيمة الأفلام الحربية عامة والأفلام التي تناولت أحداث الحرب العالمية الثانية على وجه الخصوص، بل المقصود قصة الفيلم والحدث التاريخي الذي يقوم برصده.
معركة دونكيرك التي وقعت أحداثها في عام 1940م تعد من الحلقات الهامة ضمن تسلسل أحداث الحرب العالمية، وبناء على ذلك كان من المستبعد أن يتجاهلها صناع الفن السابع أو أن تمر عليهم مرور الكرام دون استغلالها في تقديم أعمال فنية، أي أن فيلم دونكيرك من إنتاج 2017م ليس فريداً من نوعه بل هو يمثل رؤية كريستوفر نولان الخاصة تجاه الحدث الذي سبق ورصده العديد من السينمائيين خلال العقود الماضية.
التشابه هنا لا يقتصر على محتوى العمل فحسب بل أن الاسم نفسه قد تكرر أكثر من مرة، ففي عام 1958م تناول المخرج ليسلي نورمان نفس الموقعة من خلال فيلم بعنوان Dunkirk مأخوذ عن رواية الكاتب تريفور دودلي سميث، وفي عام 2004م أعاد المخرج والكاتب أليكس هولمز تقديم ذات الملحمة الحربية على الشاشة من خلال فيلم تلفزيوني هو الآخر حمل اسم دونكيرك، هذا بخلاف العديد من الأعمال الأخرى التي ورد خلالها ذكر المعركة وتأثيرها في مسار الحرب، ليبقى السؤال ما الجديد الذي يقدمه نولان في نسخته الخاصة؟ وما رؤيته تجاه المعركة التي سبق تناولها سينمائياً أكثر من مرة؟
الحدث هو بطل الفيلم الأول :
من خلال مواد الدعاية والإعلان التي سبقت عرض فيلم دونكيرك بعدة شهور سواء المتمثلة في مقاطع فيديو أو ملصقات دعائية، كان جلياً أن بطل الفيلم ليس الشخصيات إنما الحدث نفسه، فقد ركزت الدعاية على المعركة نفسها ووضع الجنود المحاصرين تحت قصف القوات النازية.
أكد النقاد ومن شاهدوا الفيلم في عرضه الأول أن محتوى الفيلم نفسه لم يختلف كثيراً عما تم طرحه من خلال وسائل الدعاية والإعلان، حيث أن فيلم دونكيرك 2017م لم يولي اهتماماً كبيراً بأبعاد الشخصيات أو خلفياتهم بقدر التركيز على الحدث نفسه وأوضاع الجنود تحت الحصار وأملهم في الخلاص والعودة إلى أرض الوطن.
يرى البعض أن الفيلم بذلك يقدم رؤية جديدة ومغايرة لما تم الاعتياد عليه في تقديم الأعمال السينمائية من نفس النوع، التي يكون لها بطل صريح يتم التركيز عليه ونرى الأحداث من خلاله، لكن في تلك الحالة فإننا نرى الأبطال من خلال الحدث نفسه، وقد ساعد ذلك المشاهد على التعايش مع المواقف المتعاقبة وكأنه واحد من هؤلاء الجنود المحاصرين وتركيزه كله منصب على الهدف الرئيسي والوحيد وهو النجاة من قلب الحصار دون التعاطف مع شخصية بعينها على حساب الآخرين.
البعد الفلسفي وما وراء الأحداث :
اعتاد جمهور السينما ومتابعي أفلام كريستوفر نولان خلال السنوات الأخيرة على أن أفلامه تحمل أحداثاً مباشرة و واضحة ورسائل ضمنية، التوصل إليها يتطلب الكثير من التركيز وقراءة ما بين السطور وذلك ما يسمى بالبعد الفلسفي للفيلم.
يعتبر البعد الفلسفي لأفلام كريستوفر نولان أحد أسباب ترقب بدء عرضها وزيادة الإقبال عليها، ورغم أن السير على نفس المنوال من عدمه في فيلم دونكيرك أمراً غير محسوماً، إلا أن مجرد التوقع بوجود هذا العامل كان سبباً في زيادة درجة ترقب الفيلم واعتباره واحد من أهم خمس أعمال سينمائية من بين أفلام 2017 رغم أن ذلك الموسم السينمائي متخماً بالعديد من الأعمال المثيرة والمنتظرة، أبرزها استكمال سلسلة أفلام عالم مارفل السينمائي وكذلك سلسلة أفلام دي سي الخاصة بالأبطال الخارقين والتي اكتسبت شعبية طاغية خلال السنوات الأخيرة.
أهمية الحدث التاريخي :
أسبقية العلم بطبيعة الحدث الذي يرصده الفيلم من خلال مشاهده كانت أحد أسباب زيادة الترقب لبدء عرضه، حيث يتناول فيلم دونكيرك أحداث المعركة التي دارت على الجبهة الغربية في زمن الحرب العالمية الثانية بين قوات الحلفاء وألمانيا النازية والتي استمرت لمدة أسبوع كامل، ومن خلال دراسة التاريخ يمكن تبين مدى أهمية وتفرد تلك الواقعة التاريخية، حيث تعتبر أكبر وأطول عملية حصار في التاريخ الحديث، حيث تم خلالها حصار قرابة نصف مليون جندي اضطروا للتماسك والدفاع عن أنفسهم بدون مؤن أو عتاد حربي يعتمد عليه في انتظار الإمداد، لتكون بذلك عملية الإجلاء الأكبر في التاريخ الإنساني تقريباً.
حدث مثل ذلك كفيل بجذب اهتمام جمهور السينما، وبناء عليه كان سبباً رئيسياً في رفع مستوى التوقعات وزيادة درجة الترقب منذ الإعلان عن بدء التحضير للفيلم.
فريق عمل الفيلم :
تضم قائمة أسماء فريق عمل فيلم دونكيرك Dunkirk العديد من الأسماء البارزة في عالم السينما إلى جانب المخرج كريستوفر نولان، النسبة الغالبة منهم شاركوه في تقديم أفلامه السابقة التي حققت نجاحاً ساحقاً على الصعيدين النقدي والجماهيري، مما كان سبباً في زيادة ثقة الجمهور في جودة الفيلم الذي يشاهدونه.
تولى نولان هذه المرة كتابة سيناريو الفيلم بنفسه دون شركاء على عكس أغلب أعماله السابقة التي شاركه في كتابتها شقيقه جوناثان نولان مؤلف مسلسل ويست وورلد، بينما احتفظ بمؤلف الموسيقى التصويرية الألماني هانز زيمر الذي شاركه معظم أعماله، ومدير التصوير هويت فان هويتمان، كما يعتبر هذا الفيلم التعاون الثالث بين نولان والممثل توم هاردي الذي لمع اسمه خلال السنوات الأخيرة خاصة بعد أدائه الرائع لشخصية خصم هيو جلاس في فيلم العائد The Revenant، بالإضافة إلى باقي طاقم التمثيل كينيث براناه وهاري ستيلز وأنيورين بارنارد ومارك رايلانس.