تضاعفت شعبية فلاديمير بوتين -الرئيس الروسي- خلال السنوات القليلة الماضية وفقاً للعديد من الإحصاءات واستطلاعات الرأي، وقد قامت العديد من الجهات الأجنبية وفي مقدمتها الجهات الأمريكية بالتشكيك في نتائج تلك الاستطلاعات التي جاءت نتائج بعضها بأن أكثر من 85% من الشعب الروسي راضون عن أداء فلاديمير بوتين ،إلا أن عدد آخر من المحللين وذوي الخبرة السياسية أكدوا صحة تلك النتائج معتبرين بوتين أحد أكثر زعماء العالم شعبية في الوقت الحالي.. ترى لماذا ؟ وما الأسباب التي أدت إلى اكتسابه تلك الشعبية الهائلة؟
أسباب شعبية الرئيس فلاديمير بوتين :
حدد عدد من الخبراء والمحللين السياسيين العوامل التي جعلت فلاديمير بوتين السياسي الأكثر شعبية في روسيا خلال العقود الماضية، وكان من أبرزها الآتي:
سياسة بوتين الخارجية :
يرى بعض المحللين السياسيين أن أحد أبرز العوامل التي ساهمت في تشكيل الشعبية الهائلة التي يحظى بها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بين أبناء شعبه ترجع إلى نجاحاته فيما يتعلق بإدارة ملف السياسة الخارجية، حيث أن روسيا قد عانت لفترة طويلة من آثار الحرب الباردة والتي تمثلت في انعزالها -بصورة شبه تامة- عن دول العالم الغربي.
تمكن فلاديمير بوتين خلال ولايته من التخلص بصورة تامة من التركة الثقيلة التي خلفتها الحرب الباردة، وأصبحت تربط الدولة الروسية علاقات وطيدة بالعديد من دول العالم الكبرى، بالإضافة إلى وصول الدولة إلى رئاسة مجموعة الثمانية الكبار وهو إنجاز ضخم كان يصعب على أي شخص باستثناء بوتين القيام به وفق رؤية الشعب الروسي.
إقامة المشروعات التنموية :
لا يمكن لأي سياسي في أي مكان في العالم أن يحظى بتأييد العامة من الشعب إذا لم يلمسوا تحسناً في مستوى المعيشة، ويعد ذلك أيضاً أن الأسباب المباشرة التي أدت إلى الشعبية التي يحظى بها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اليوم، حيث أنه رغم الأزمة المالية التي مرت بها روسيا في الفترة الأخيرة اهتم بتنفيذ عدداً من المشاريع التنموية بميزانيات ضخمة بلغت نحو 180 مليار روبل أو ما يعادل بعملة الدولار الأمريكي نحو ستة مليارات دولار، وهو مبلغ بالغ الضخامة بالنسبة إلى حجم الميزانية العامة المقررة في دولة روسيا.
شملت المشروعات التنموية التي وجه فلاديمير بوتين بالعمل عليها عدد كبير من القطاعات من بينها التعليم والسكن والصحة العامة بالإضافة إلى مجال الزراعة.
القوة والأمان :
يرى بعض علماء النفس والاجتماع أن وجود فلاديمير بوتين في سُدة الحكم يمنح الشعب إحساساً أكبر بالقوة والأمان، وأن ذلك أحد العوامل التي ساهمت في مضاعفة شعبيته في الشارع الروسي خلال السنوات الماضية، ويقول مؤيدو هذه النظرية أن كل أمة أو شعب لديه مفاهيم ودوافع مختلفة يتم من خلالها تقييم الحكام وفيما يخص الشعب الروسي على وجه الخصوص فقد لاحظ العلماء أن النسبة الأكبر لديهم شعوراً موروثاً بعد الأمان، يرجع إلى المآسي العديدة التي شهدوها والتي تخبرنا بها دراسة التاريخ مثل اجتياحات المغول والتتار ومساوئ الحكم الشيوعي وصولاً إلى الحرب العالمية.
استطاع فلاديمير بوتين خلال ولايته أن يمنح الشعب الروسي إحساساً أكبر بالقوة واستعاد مكانة روسيا التي تستحقها وأصبحت مرة أخرى من دول العالم الكبرى المؤثرة في السياسات الدولية والتي تتعامل بندية مع الولايات المتحدة الأمريكية، وقد ازداد ذلك الاعتقاد رسوخاً في عقول الروسيين -حسب المحللين- بعد انتخاب دونالد ترامب على الجانب الآخر إذ يرون أن رئيسهم هو الأكثر خبرة وحنكة وقوة.
إصلاح قانون الأحزاب :
ينظر البعض إلى النظام الروسي باعتباره أحد الأنظمة الديكتاتورية ويعتقدون بأن فلاديمير بوتين يحكم البلاد بقبضة حديدية صارمة، إلا أن الشعب الروسي نفسه وفقاً للدراسات والتحليلات السياسية لا يشعر بذلك، والسر في ذلك يرجع إلى ما قام به فلاديمير بوتين من إصلاحات فيما يتعلق بالقوانين الخاصة بالأحزاب وممارسة الحياة السياسية.
أصبحت الأحزاب الروسية فعالة في الأقاليم بفضل تلك الإصلاحات وإن ظلت حتى الآن بعيدة عن العاصمة، كما صار بمقدور الأحزاب الفائزة في الانتخابات البرلمانية الحق في التقدم بمرشحيهم لمناصب المحافظين ويتم تعيينهم بعد الحصول على موافقة البرلمان على الترشيحات.