لا تقتصر ظاهرة التنمر على طلاب المدارس فقط بل توجد أيضًا في المنازل وأماكن العمل والسياسة وعلى الإنترنت، ولكنها صراحة تنتشر بكثرة بين طلاب المدارس في جميع المراحل الدراسية وهذا يرجع لعدة أسباب مختلفة أهمها الفقر، فالفقر عامة يكون سبب في الكثير من المشكلات لا التنمر فقط، وذلك لأن الطفل الفقير ينظر إلى الآخرين بنظرة الحقد والغل ويعتبرهم سارقين قوت منزله بأي طريقة كانت، وهذا ما يجعله يستخدم العنف والبلطجة تجاه الأغنى منه، ولكن لا ينطبق ذلك الكلام على كل الفقراء فيوجد من يرضون بقضاء الله وقدره ويسعون للتطوير من أنفسهم وبذل الجهد الأكبر لكي يتساووا مع الآخرين، ويطمع الأطفال الذي يتخذون من ظاهرة التنمر السلوك الرئيسي لهم إلى إيذاء الآخرين على طريقتين الأولى نفسيًا بالكلمات والألفاظ السيئة والعدوانية، والثانية جسديًا بالضرب والإيذاء والبلطجة، وذلك لكي يخاف منهم الجميع وبالتالي يكتسبون سلطة مزيفة عليهم، ونحن هنا سنتعرف على أهم الأسباب التي أدت لانتشار ظاهرة التنمر، فتابعوا معنا.
انتشار الفقر في بعض المناطق
يعتبر الفقر من أهم الأسباب السيكولوجية التي تؤدي لانتشار ظاهرة التنمر في المدارس، حيث أننا نجد الأطفال الذين يعيشون في بيئة فقيرة منعدمة المصادر والاهتمام هم أطفال همجيين ويتخذون من العنف منهاجًا لهم لجلب ما يحتاجون إليه، فهم عبارة عن قنابل موقوتة يقومون بتصرفات ممقوتة فور خروجهم من البيئة التي يعيشون بها، فهم عندما يدخلون المدارس ينفجرون بين من هم أغنى منهم ويحاولون فرض سلطتهم عليهم، وعادة ما يكون هؤلاء الأطفال ذو المستوى المعيشي العالي لا يحبذون العنف أو لا يعرفون عنه شيئًا من الأساس، وذلك لأن تربيتهم كانت صحيحة وتوافرت لديهم جميع سبل الراحة والنشأة السليمة، عامة يقوم هؤلاء الأطفال الذي نشئوا في بيئة فقيرة بعمل عصابات إجرامية تفرض سيطرتها على جميع الطلاب الآخرين، فيخاف منهم الجميع ويحسبون لهم ألف حساب عن قيامهم بأي شيء وذلك خوفًا من بطشهم وقوتهم.
ويستخدم هؤلاء الأطفال نوعين من الإيذاء النوع الأول لفظي يعتمد على السب والقذف والتجريح بالكلام، والنوع الثاني جسدي يعتمد على الضرب والإهانات الجسدية، ولذلك يعد الفقر هو أهم أسباب انتشار ظاهرة التنمر بين أطفال المدارس في جميع المراحل التعليمية المختلفة.
ظاهرة التنمر نتيجة اضطرابات شخصية وأمراض نفسية
السبب الثاني من الأسباب السيكولوجية التي تعمل بقوة على انتشار ظاهرة التنمر بين طلاب المدارس هي الأمراض النفسية والاضطرابات الشخصية، فهذا التنمر يكون خارج عن إرادة هذا الشخص وهو ينتج لحدوث خلل في النفسية يحتاج للمعالجة من قبل الأطباء النفسيين، فهذا الطفل المضطرب يصدر أفعال لا تتلاءم مع مرحلته العمرية ومن الممكن أن يتجاهلها الآباء لأن أبنائهم لا يصدرون هذه الأفعال والتصرفات الغريبة دائمة، فتارة يكونوا عاديين وتارة يكونوا مضطربين ومختلفين، ولذا على الآباء أن يتواصلوا مع الإدارة المدرسية للوقوف على تطورات طفلهم ومعرفة إذا ما حدث أي تغير به أو شيء من هذا القبيل، وهذا واجب على المدرسة أيضًا أن تخبر الآباء في حالة حدوث تغير ببعض الطلاب لكي يحسن تدارك الأمور قبل فوات الأوان.
والاضطرابات تلك تكون على عدة أشكال شخصية واجتماعية واضطرابات في التصرف، وكل شكل منهم له عدة نتائج فالاضطراب الشخصي يكون فيه الطفل منسحب تمامًا وخجول ويحب العزلة دائمًا، والاضطراب في التصرف يكون في إثارة الفوضى والعنف والعصيان الدائم والغضب وهذا ما ينطبق على من لديهم ظاهرة التنمر، وأما عن الاضطرابات الاجتماعية فيكون فيها الطفل يفضل الهروب من المدرسة وارتكاب جرائم السرقة والغش وغيرها من أعمال البلطجة المختلفة، كل هذه الأشياء تدل على وجود اضطراب نفسي وسلوكي لابد فيه من تدخل الطبيب النفسي لمعالجة هذا الأمر والحد منها بقدر الإمكان لكي نقضي على ظاهرة التنمر المنتشرة بين الطلاب.
انتشار ألعاب العنف والقتال يؤدي إلى استفحال ظاهرة التنمر
مما يشجع على انتشار ظاهرة التنمر بين الأطفال هي ألعاب العنف والقتال، وتلك الألعاب يقصد بها الإلكتروني والواقعي ولكل نوع منهما أضراره وفوائده على حسب الاستخدام والفهم، فمثلًا الألعاب الرياضية الموجودة على أرض الواقع مثل الكاراتيه والكونغ فو والتايكوندو وغيرها من الألعاب القتالية هي مفيدة لجسم الإنسان بكل تأكيد، ولكن يستخدمها بعض الأطفال بطرق خاطئة مثل تعلمها لفرض سيطرتهم وسلطتهم على الطلاب الموجودين بالمدرسة، فيقومون بترهيب الطلاب لأخذ ما يريدونه من أكل أو أموال أو أعمال دراسية أو حتى لإشباع رغباتهم في التنمر، أما عن الألعاب الإلكترونية فهي تعتبر أشد الأسلحة فتكًا بالأطفال على خلاف الألعاب الرياضية الحقيقية، وذلك لأن الألعاب الرياضية الحقيقية يكون فيها توعية وإرشاد من قبل المدربين في الصالات والنوادي، أما الألعاب الإلكترونية فليس عليها رقيب ولا عتيد.
يلعب الطفل كل ما يحلو له بواسطة الهاتف أو الكمبيوتر الخاص به من ألعاب قتالية وألعاب عنف ورعب وغيرها من هذا القبيل، وهنا تنشأ عنده رغبة في تجريب هذه الحركات والأفعال القتالية على زملاء المدرسة لكي تعلو مكانته عندهم ويخافون منه دائمًا، وهكذا تظهر لنا ظاهرة التنمر في أكمل صورها السيئة، ولذا يتوجب على الآباء عدم ترك أولادهم هكذا بدون رقابة بل لابد من متابعتهم دائمًا ومعرفة ما يمارسونه والحد من أي شكل خطير يتخذونه، لكي نحد من انتشار ظاهرة التنمر التي انتشرت بكثرة في جميع دول العالم.
الإهمال الأسري ونتائجه الوخيمة
لا تنشأ ظاهرة التنمر بين الطلاب من العدم بل لابد لها من أسباب وعوامل تحفز من ظهورها وأهم هذه العوامل هو الإهمال الأسري، حيث أن أغلب الأسر ترى أن الواجبات التي عليها هي إنفاق الأموال على أبنائهم وإدخالهم المدارس وتوفير الراحة وما يحتاجون إليه، ثم يقومون بإلقاء عبء التربية على الخادمات أو المدرسين، وهذا هو الخطأ بعينه فهم يجهلون أساسيات التربية الصحيحة فلا يقومونهم إذا أخطئوا أو سلكوا طريقًا خاطئًا، أو إذا كان الطفل يرى العنف في المعاملة بين الأب والأم أو أقربائه فهو بالتأكيد سيرث هذا العنف ويقوم بترجمته إلى أعمال بلطجة وإجرام في المدرسة التي يدرس بها بل وبالشوارع أيضًا، فالطفل عادة يحب تقليد كل ما يفعله الموجودين في محيطه فإن فعلوا صوابًا فسيفعل مثلهم هو الأخر وإن فعلوا سوءًا فسيفعل كذلك أيضًا.
ولذا ينصح الأطباء وعلماء النفس بزرع المبادئ والسلوكيات الصحيحة في قلب طفلهم لكي نقضي على ظاهرة التنمر المنتشرة بينهم بقدر الإمكان، ولكي نعرف إن طفلنا يعيش حالة من التنمر علينا مراقبته ومعرفة كل ما يفعله أو ينوي فعله من الأساس، مع فرض الحظر على الأشياء التي تؤدي للوقوع في الخطأ وانتشار ما يسمى بظاهرة التنمر العامة.
ختامًا
في الأخير يجب أن نعلم أن ظاهرة التنمر لا تقتصر على الدراسة فقط بل هي منتشرة في العديد من المجالات المختلفة مثل العمل والسياسة والأسرة والتكنولوجيا الحديثة، لذا علينا مراقبة هذه الأشياء والحد من انتشار هذه الظاهرة السيئة.
الكاتب: أحمد علي
شكرا علي المعلومات
التعليقات مغلقة.