طائر الفلامينغو أو النحام الوردي كما يسمى هو طائر من سلالة النحاميات ويأتي باللون الأحمر أو الوردي، وساقيه طويلتان يشبهان العصا تمامًا، ويوجد من هذا الطائر أربعة أنواع في قارة أمريكا ونوعان فقط في قارتي آسيا وإفريقيا، وعلى الصعيد العربي لا يهبط أو يمر هذا الطائر إلا في بعض الدول مثل عمان والعراق ودول الخليج وبلاد المغرب العربي، ويقترب هذا الطائر من الانقراض حيث أن الأعداد الموجودة منه الآن هي ضئيلة بعض الشيء تجعله على حافة الانقراض، والأنواع الموجودة في أمريكا هم فلامينغو الأنديز، والتشيلي، وجيمس، والأمريكي، أما الموجود في أفريقيا وآسيا فهم فلامينغو الأكبر، والأصغر، ويعيش هذا الطائر في بيئة تشبه المستعمرات البشرية وذلك لحماية الفلامينغو الصغير من أي خطر قد يلحق بهم مثل الحيوانات المفترسة التي تنتشر حولهم، ولا يخرج من مستعمرته منفردًا بل يكون على هيئة سرب كبير العدد لكي يحتموا عندما يحدث أي هجوم مفاجئ، وغيرها من الأفعال التي تميز طائر الفلامينغو وتجعله الأغرب في سلالة الطيور.
لون طائر الفلامينغو المتغير
عندما ننظر إلى طائر الفلامينغو للوهلة الأولى سنجد أنه ذو لون أبيض ممتزج بالأحمر والبرتقالي في آن واحد، حيث أن هذا الطائر يعتمد في لونه على نوع الطعام الذي يأكله فلذلك لا يثبت على لون واحد بل يتغير وفق الأصباغ الموجودة بالطعام الذي أكله، ويعتمد بشكل أساسي في غذائه على القشريات والطحالب الموجودة في الأنهار والبحار أو في المحيط المجاور له، ومن الجدير بالذكر أن هذا الطائر يمكث طويلًا بجانب الأنهار والبحيرات الموجودة في المنطقة التي بها معسكراته، وتوجد في هذه القشريات والطحالب أصباغ الكاروتينات التي تتركز في ملحي الروبيان، فبعد تناول الطعام الموجود به هذه الأصباغ يبدأ كبد الفلامينغو بكسرها وتفتيتها إلى جزيئات صغيرة ذات لون برتقالي وأحمر أو وردي، فتصعد هذه الجزيئات إلى منطقة الساقين والريش وبالتالي تظهر ألوان تلك الأصباغ على هذه المناطق.
ويوجد نوعان من طائر الفلامينغو عند تناول الغذاء نوع يحب تناول الحشرات والطفيليات الموجودة على الطحالب أو القريدس والبيتا أو القشريات المصبغة وهو يكون في الغالب ذا لون أبيض، والنوع الأخر يأكل الطحالب ذاتها بكثرة وبالتالي يكون سريع التلون بأصباغ تلك الطحالب، فلذا يقال على طائر الفلامينغو أنت ما تأكله دلالة على تلونه بالأصباغ الموجودة في طعامه.
وقوف طائر الفلامينغو على ساق واحدة
من الأسباب الهامة التي تجعل من طائر الفلامينغو أحد أغرب الطيور على وجه الأرض هو وقوفه الشبه دائم على ساق واحدة، فعادة ما يقف هذا الطائر على ساق واحدة خارج الماء وقد قام الكثير من العلماء بمحاولة تفسير هذه الظاهرة فتوصلوا إلى عدة نظريات منها الصحيح أو ما يمكن الاعتقاد به ومنها الخاطئ، أولى النظريات تقول إن طائر الفلامينغو عندما يقف على ساق واحدة يقلل هذا من المجهود الذي يبذل عند الوقف على الساقين، وصراحة الأمر يصعب تصديقه حيث أن الوقوف على ساقين معًا هو أسهل بكثير لدى جميع الحيوانات والطيور بل والإنسان أيضًا، والنظرية الثانية تقول أن هذا الطائر يقف بساق واحدة لكي يحافظ على درجة حرارة الجسم التي تختلف داخل المياه وخارجها، ولذا عندما يشعر الفلامينغو بالبرودة الشديدة أو الحرارة الشديدة يقوم بالوقوف على ساق واحدة فقط.
وثالث النظريات تقول بأن هذا يقلل من التعب العضلي الذي يتعرض له طائر الفلامينغو عند الوقوف على ساقين في آن واحد، ولكن إلى الآن لم تثبت صحة هذه النظرية أو باقي النظريات الأخرى فهي تعتبر تفسيرات غير مدعومة بأية إثباتات فمثلًا النظرية التي تقول بالتعب العضلي الذي يحدث في ساق الفلامينغو عند الوقوف على قدمين فهي لم تحسب معدل النشاط العضلي لدى هذا الطائر، بل قالت هذا بناء على التوقع وبعض النظريات الأخرى المشابهة لذلك مثل نظرية وقوف الروبوت على قدم واحدة أفضل من قدمين.
لون حليب أنثى الفلامينغو
من الأمور الغريبة في هذا الطائر هو لون الحليب الخاص بأنثى الفلامينغو حيث يختلف هذا الطائر عن بقية الطيور في تلك النقطة، فحينما تكون جميع الطيور من جنس الإناث تدر حليب أبيض اللون تأتي أنثى طائر الفلامينغو لتدر لصغارها حليب لونه أحمر، وقد احتار العلماء في تفسير هذه الظاهرة الغريبة ويرجح أحدهم أنه بسبب كثرة الأطعمة المليئة بأصباغ الكاروتينات التي تتركز في محلي الروبيان، حيث أنه كما نعرف فإن الفلامينغو يتغذى على القشريات والطحالب التي يوجد بداخلها تلك الأصباغ، وبعد تناول الغذاء يبدأ الكبد في تكسير وتفتيت تلك الأصباغ ومن ثم تختزن في الساقين والريش لتعطي لهم اللون الأحمر أو الوردي أو البرتقالي على حسب درجة الأصباغ المتناولة، وأما مع أنثى الفلامينغو فإن الأصباغ بعدما تتفتت تذهب إلى الساقين والريش ومخزن الحليب الخاص بالأم فيعطى للحليب هذا اللون.
وأما الذين يتغذون على الطحالب والقريدس والبيتا والقشريات المصبغة يكون حليبهم أبيض اللون، ومن الجدير بالذكر أن طائر الفلامينغو يستطيع إطعام صغيره بواسطة الطعام الموجود بداخل بطنهم، وذلك عن طريق إخراج بعض من الطعام المخزن في المعدة بواسطة الفم ووضعه للصغير في فمه أيضًا، بالطبع الأمر عجيب ولكن حياة طائر الفلامينغو ذاتها عجيبة وغريبة فلذا لا داعي للدهشة.
دورة حياة طائر الفلامينغو
عندما يولد طائر الفلامينغو يجد نفسه في مستعمرة هي الأشبه بمستعمرات البشر ويعمل في الفلامينغو الأب والأم على إطعام صغارهم وحمايتهم من أي هجوم على المستعمرة، ولا تطير الفلامينغو بمفردها عادة ولكن تطير وفق سرب منظم لكي تحافظ على تواجدها وتقوم بالتصدي بأي هجوم معاكس أو مفاجئ، وفي المستعمرة يكون منزل الفلامينغو عبارة عش يشبه الكوم ويبنى عادة من الريش أو الطين، وبعد ولادة البيضة من الأنثى يقومان بوضعها في أقصى عمق العش ويتناوب عليها الأب والأم في الرقود لحمايتها من أية برودة تعرض البيضة ومن بداخلها للهلاك، تفقس البيضة بعدم مرور شهر تقريبًا، ويخرج الفلامينغو الصغير ذو اللون الأبيض والريش الناعم ويحمل منقار مستقيم ينحني مع مرور الأيام، ويبدأ الأبوين في إطعام صغيرهم فترة لعدم قدرته على جلب الطعام بنفسه، وعادة ما يتكاثر طائر الفلامينغو عند الوصول إلى عمر عامين أو ثلاث ويعتبر الرقص عند هذا الطائر هو علامة بدء موسم التكاثر لديه.
ويطير الفلامينغو بسرعة كبيرة للغاية تصل إلى ستين كيلو متر في الساعة الواحدة، وذلك بسبب قوة هذا الطائر وامتلاكه أجنحة تصل إلى ما يزيد عن مائة وخمسين سنتي متر، وتتصل أقدام الفلامينغو بعضها ببعض وهي أشبه بساق البط من حيث الطول والحجم، ويعتمد في جلب طعامه على منقاره المنحني والقوي الذي يمكنه من فصل الطبقات التي لا يحبها في القشريات والأسماك والطحالب وتناول الجزء المفضل لديه.
الكاتب: أحمد علي