طبعًا لا خلاف عزيزي القارئ على كون سوق العمل العربي في الوقت الحالي قد أصبح مختلفًا كل الاختلاف عما اعتدنا عليه مُسبقًا، فقديمًا، وتحديدًا قبل بداية القرن الحادي والعشرين، لم يكن هناك شك في كون الشخص الذي سيحصل على شهادة جامعية سوف يحصل بالضرورة على وظيفة مرموقة تبدو مضمونة للغاية، لكن في الوقت الحالي بات من يحملون الشهادات يذهبون إلى كل مكان باحثين عن وظيفة مُناسبة لهم أو أي وظيفة بشكل عام في ذلك الجو الذي بات يلفظهم إن جاز التعبير ويفسح المجال لغير الحاملين الشهادات أو الذين يحملون الشهادات رفقة أمور أخرى، فلماذا يا تُرى؟
بحث سوق العمل العربي عن الكفاءة والمهارة
في الحقيقة لا يطلب سوق العمل العربي، وربما العالمي كذلك، أي شيء من شأنه أن يُعارض الكفاءة والمهارة والقدرة على أداء الوظيفة، فإذا كنت تمتلك شهادة مرموقة ولا تمتلك مهارة وقدرة على تأدية ما هو مطلوب منك بشكل أمثل ففي هذه الحالة أنت وشهادتك والعدم سواء، إذ أن السوق لن يعترف بك ولن تجد لك مكانًا يحتويك، وهو أمر منطقي في الواقع إذا ما وضعنا في الاعتبار عدم وجود الوقت من أجل تمرين وتجهيز الكثير من الموظفين من أجل أن يكونوا في النهاية مُلائمين، هذا مع الوضع في الاعتبار أيضًا أن دراستهم غالبًا ما ستكون بعيدة عن المطلوب منهم في الوظيفة، وحتى لو كانت تتعلق بها فهي تتعلق تعلقًا أكاديميًا طفيفًا وغير كافٍ، وهذا ما يأخذنا سريعًا إلى السبب التالي المتعلق كليًا بالتعليم.
فقدان سوق العمل العربي الثقة في التعليم
كذلك لا يحتاج السوق العمل العربي لأصحاب الشهادات بشكل رئيسي لأنه ثمة في الأساس نوع من أنواع فقدان الثقة الكامل في ذلك التعليم، والحديث هنا عن مستوى تعليم الوطن العربي والدول النامية منه على وجه التحديد، ففي البداية ليست هناك مناهج مميزة بالشكل الذي يضمن خروج شخص مؤهل ومميز بالشكل المقبول والمطلوب، فبالكاد يخرج شخص يمتلك فكرة بسيطة عن مجال العمل ويحتاج إلى الكثير والكثير من الاحتكاك والحصول على الخبرة من العاملين معه، وهو ما يُضيع الوقت والجهد لنجد في النهاية أن المتسبب الرئيسي في ذلك هو نظام التعليم المُعتمد، أيضًا دعونا لا ننسى أن التعليم، وبخلاف كونه محدود المهارة بالنسبة للطلبة، فهو أيضًا أصبح يعتمد على الغش والخداع والأمور المُشابهة، بالتالي هو تعليم لا يُمكن الثقة فيه من أي كيان وليس سوق العمل فقط.
وجود طرق أخرى أكثر تطورًا
لم يعد التعليم الأكاديمي ذلك الطريق الذي يُفضله سوق العمل العربي من أجل الحصول على الموظفين، بل ثمة فقدان أساسًا للثقة في هذا الكيان كما ذكرنا من قبل، أما ما يلجأ إليه سوق العمل ويُحبذه أن يكون هناك شكل من أشكال الإبداع والدراية العملية أكثر من الدراية العلمية، وهذا ما أصبحت توفره الآن عدة طرق متطورة، فهناك الكور سات التدريبية كما أنه ثمة أجواء تعايش ومعسكرات والتدرب تحت أيد المُختصين، والكثير من الأمور المشابهة التي يُمكن من خلالها تحصيل قدر من الجودة والكفاءة يسمح بالانخراط في سوق العمل دون أن تكون هناك حاجة للدراسة والتعلم، وهذا كله بالتأكيد لا ينفي أهمية العملية التعليمية وإنما فقط يُقلل منها.