سوق الروايات والنشر في الوطن العربي -لا جدال- إنه قد شهد طفرة هائلة خلال السنوات الماضية، وزاد الإقبال عليه ومن ثم ارتفعت نسبة المبيعات وبالتالي تضاعفت الأرباح، وفي النهاية ذلك من الأمور الحميدة والمبهجة، فانتعاش سوق الروايات والنشر يعني إن هواية القراءة قد تملكت قلوب وعقول الشباب، وهي هواية عظيمة ولها فوائد كثيرة ومتعددة سواء بالنسبة للفرد أو المجتمع ككل.
أسباب رواج سوق الروايات والنشر العربي :
رواج وانتعاش سوق الروايات والنشر وتداول الكتب في الوطن العربي، هو إحدى الظواهر الإيجابية التي حدثت خلال السنوات الماضية، ويرى كبار الناشرين إن هناك مجموعة عوامل ساهمت في إحداث تلك الانتعاشة، أهمها التالي :
مواقع التواصل الاجتماعي :
من أهم العوامل التي ساهمت في إحداث ذلك الرواج في سوق الروايات بالوطن العربي، هو انتشار الإنترنت وبصفة خاصة مواقع التواصل الاجتماعي على اختلافها، وبصفة خاصة موقعي تويتر وفيس بوك، فكل سلعة كي يقبل عليها الجماهير، لابد من الترويج لها من خلال وسائل الدعاية والإعلان المختلفة، ولأن الميزانيات المرصودة للنشر عادة ما تكون منخفضة، كان من المستحيل أن يتم الترويج للكتب عبر وسائل الدعاية التقليدية، المتمثلة في لافتتات الشوارع أو إعلانات التلفاز والإذاعة، وحل تلك المشكلة تمثل في شيوع استخدام الإنترنت، فصارت دور النشر تروج لإصداراتها من خلاله، سواء بالنشر على الصفحات المجانية أو من خلال الدعاية المدفوعة مسبقاً.
ثورات الربيع العربي :
الرواج الذي شهده سوق الروايات في العالم العربي بلغ ذروته خلال السنوات الخمس الأخيرة، ومن ثم من البديهي أن نربط بينه وبين ثورات الربيع العربي التي شهدتها الدول العربية خلال السنوات الماضية، وفي نظر الكثيرين من المحللين فإن تلك الثورات كانت سبباً مباشرة في إعادة الشباب للقراءة، إذ إن ما حققوه من إنجازات كبيرة في دول مثل مصر وتونس وليبيا، أشعرهم بقيمتهم وبالتالي سعوا إلى تطوير ذاتهم والارتقاء باهتماماتهم، فاستبدلوا عاداتهم وهواياتهم السابقة بالقراءة، كما إن حالة اللغط السياسي والتخبط التي شهدتها تلك البلدان على خلفية اندلاع الثورات بها، زاد رغبة الناس في المعرفة ودفع ذلك بعضهم للاتجاه إلى القراءة.
تردي أوضاع السينما :
رواج سوق الروايات في العالم العربي جاء مصاحباً لحالة التردي التي شهدتها صناعة السينما، والتي صارت تقتصر على الأفلام الفكاهية الخالية من أية مضمون، ولكن المحللين يرون إن ذلك كان نتيجة مباشرة لذاك، بمعنى إن بعض الشباب من محبي السينما الجادة، وجدوا ضالتهم في القراءة والروايات، بعدما لم تعد الشاشة تقدم نوعية الأفلام التي يفضلونها، بل والأكثر من ذلك إن بعض الكتاب قد هربوا إلى الرواية، إما لإن كتاباتهم لا تنتمي إلى النمط الدرامي الذي يلقى ترحيباً من صناع السينما ومنتجيها، أو لأن القصة غير قابلة للتنفيذ على الشاشة العربية، لعدم توفر تقنيات الخدع البصرية الحديثة والمتطورة المستخدمة في هوليود، وهو ما أدى كذلك إلى ظهور النمط المستحدث من الكتابة الروائية والذي يطلق عليه اصحابه مسمى الرواية السينمائية.
تعدد دور النشر والمكتبات :
سوق الروايات آخذ في الاتساع، ومعارض الكتاب في مختلف البلدان العربية صارت تشهد إقبالاً كبيراً، ومن بين العوامل التي قادت لذلك وأهمها، هو تضاعف أعداد دور النشر، فهذا ساهم في مضاعفة أعداد الإصدارات التي تنشر سنوياً، وبطبيعة الحال ترتب على تعدد دور النشر تنوع أنواع الروايات، فأرفف المكتبات زاخرة بروايات أدب الرعب والرومانسي والأدب الساخر وغيرها، وذلك أدى بالضرورة إلى اجتذاب أكبر عدد من القراء على اختلاف ميولهم وتفضيلاتهم، كما إن المنافسة الشرسة بين دور النشر ساهمت كذلك في الإقبال على شراء الروايات، وذلك لأن تلك المنافسة فرضت عليهم تكثييف الدعاية وكذا تقديم عروض وخصومات مغرية، وذات الأمر ينطبق على سلاسل المكتبات التي انتشرت خلال السنوات القليلة الماضية.