روايات دان براون تتصدر قوائم الكتب الأكثر مبيعاً في مختلف أنحاء العالم، حيث تمت ترجمتها إلى أكثر من 40 لغة تقريباً وحققت معدل مبيعات هائل يقدر بملايين النسخ. دان بروان هو كاتب أمريكي وُلِد في 1964م وبدأ مسيرته الأدبية في آواخر التسعينيات، ولكنه وصل إلى العالمية ابتداءً من عام 2003م حين أصدر روايته الأشهر شيفرة دا فينشي، فترى ما العوامل التي ميزت روايات دان براون ومكنته من التفوق على منافسيه وتحقيق ذلك النجاح الساحق؟
مميزات روايات دان براون :
رصد النقاد العديد من مواطن القوة في روايات دان براون التي كانت سبباً في انجذاب القراء إليها وتحقيقها لذلك النجاح، ومن أهمها الآتي:
الإثارة والتشويق :
إذا أردنا البحث عن قاسم مشترك بين مختلف روايات دان براون التي قام بإصدارها على مدار سنوات مسيرته الأدبية، بالتأكيد سيكون هذا القاسم هو عنصر الإثارة والتشويق، الذي اعتمد براون عليه بصورة أساسية في مختلف أعماله الأدبية وجعل منه عموداً فقارياً للبناء الدرامي. هذا الأمر بالطبع ليس حكراً على روايات دان براون دون غيرها، فالعديد من الأدباء العرب والعالميين اعتمدوا على عنصر التشويق في البناء الدرامي لرواياتهم، من هؤلاء الكاتب العربي أحمد خالد توفيق صاحب سلسلة ما وراء الطبيعة والأديبة العالمية أجاثا كريستي صاحب أشهر سلاسل القصص البوليسية ومن المعاصرين الكاتبة جوان رولينج.
لكن الأمر يختلف بنسبة كبيرة فيما يخص أعمال دان براون حيث أن جرعة الأثارة تكون زائدة بنسبة كبيرة، فمن سمات الأسلوب الأدبي الخاص بدان براون إنه يدخل إلى صلب الصراع مباشرة، ويضع القارىء منذ اللحظة الأولى في قلب الأحداث، وهذا يجذب انتباه القارىء ويمنع تشتته ويجعله متلهفاً لمعرفة الأحداث التالية، وبالتأكيد ذلك كان من العوامل الرئيسية التي حققت نجاح دان براون وساهمت في انتشار أعماله.
اللغة والأسلوب :
إن تفقدنا مواقع الإنترنت وصفحات مواقع التواصل الاجتماعي الخاصة بالمجال الأدبي وهواة القراءة، سنجدهم يتناقلون عدد كبير من الاقتباسات الأدبية المأخوذة من روايات دان براون ،السر في ذلك يعود إلى أسلوبه الأدبي الممتع ولغته السهلة التي تجمع بين بساطة الألفاظ وعمق المعاني، فمتعة أعمال دان براون الأدبية لا تقتصر على التشويق وحبس الأنفاس، بل إنه يسعى إلى تقديم مجموعة من الروايات متكاملة العناصر، يمكن للمتلقي أن يستمتع بكل عنصر من العناصر المكونة لها ابتداءً من الحبكة ووصولاً للأسلوب والأوصاف.
الرموز والشفرات :
لا تعتمد روايات دان براون في غموضها على الأسرار أو إخفاء جانب من الأحداث أو حقيقة الشخصيات، بل أن أغلب أعماله كان غموضها وإثارتها ناتج عن عجز الأبطال في حل إحدى الشفرات أو الأكواد، وقد ظهر ذلك بوضوح في رواية الجحيم ورواية ورواية شيفرة دا فينشي.
هذا الأسلوب يضع المتلقي أثناء القراءة في تحدي صعب، حيث يحاول منافسة نفسه ومنافسة الكاتب ويسعى إلى حل الشفرة قبل الوصول إلى الصفحة الأخيرة واكتشاف السر، وذلك يجعل القراءة أكثر متعة وكان بالتأكيد من الأسباب التي نتج عنها شغف القُراء بـ روايات دان براون مقارنة بغيرة من الكتاب، حتى أن منهم من تندر فشبهه بشخصية رجل الألغازRiddler أحد أشرار سلسلة باتمان الذي يهوى صناعة الآحاجي والألغاز وإسقاط خصومه في فخاخ الحيرة.
المعايشة :
أصحاب هواية القراءة عند مطالعتهم لأي من الأعمال الأدبية يجدون أنفسهم يقفون في نقطة ما خارج حدود الرواية، هم على مقاعد المتفرجون يراقبون الأحداث عن بعد وينتظرون وصولها إلى نقطة النهاية، لكن الأمر ليس كذلك مع روايات دان براون الذي يحرص على إدخال المتلقي إلى قلب الأحداث منذ الصفحات الأولى، فيشعر القارئ كأنه واحد من شخصياتها مقحماً في صراعاتها مشاركاً في حل الرموز والشفرات المليئة بها، فقارئ روايات دان براون لا يشاهد أحداثها بل إنه يعايشها بعقله وعواطفه وهذا يضاعف متعة القراءة وبالتأكيد ساهم في نجاح تلك الروايات وانتشارها إلى هذا الحد.
تركيبة روايات دان براون :
في النهاية لابد ألا نغفل التركيبة التي اعتمد عليها دان براون في أغلب أعماله والتي أثبتت التجربة إنه كان محقاً في الاعتماد عليها، حيث كانت من العوامل الرئيسية التي ساهمت في انجذاب القراء إلى أعماله. نسبة كبيرة من الإنتاج الأدبي العالمي تعتمد على عنصر الخيال وأبرز الأعمال من هذا النوع سلسلة هاري بوتر ورواية لعبة العروش، لكن هذا النوع يعتمد على من الألف إلى الياء على عنصر الخيال، بينما دان براون يمزج ببراعة بين الواقعية والخيال دون الإخلال بالحد الأدنى من المعقولية، مما يسهل من عملية تقبل القارئ للأحداث والاقتناع بها، كما أن روايات براون تتسم بطابع علمي وفلسفي يجعلها أكثر عمقاً وينأى بها عن الاتهام بالسطحية والابتذال.
