رائحة الفم الكريهة من أشد المشكلات إزعاجاً، فرغم إنها لا تسبب ألماً لصحابها، إلا أنه تضعه في الكثير من المواقف غير الحميدة، فـ رائحة الفم الكريهة تنفر الآخرون، وتسبب للمصاب بها الكثير من الإحراج، ولكن الخبر الجيد إن ذلك ليس من الأمور المُسلم بها، وتجنب السقوط في شركها ليس بالأمر المستحيل، فكل ما يتطلبه الأمر منا هو أن نطرح سؤال واحد : لماذا رائحة الفم الكريهة تصيب الإنسان؟، ومن الإجابة سنتعرف على العوامل التي تسببها، ومن ثم نقوم بتجنبها فنتقي بذلك التعرض لنتائجها، الممثلة في بَخَر الفم بروائح نفاذة مُنفرة..
مسببات رائحة الفم الكريهة :
عاداتنا هي المسبب الرئيسي والأوحد لـ رائحة الفم الكريهة !.. هذه الحقيقة التي أثبتتها الدراسات العلمية المتناولة للأمر، وقام العلماء بتقسيم تلك العادت إلى قسمين رئيسيين، أولهما العادات الغذائية المسببة لروائح الفم، وثانيهما مجموعة العادات السلوكية المؤدية لذات النتائج، وهما كالتالي:
أولاً : نوع الغذاء و رائحة الفم الكريهة :
لا شك إن نوعية الطعام الذي يتناوله الإنسان، أحد العوامل التي تؤثر بـ رائحة الفم الكريهة ، بل إنها تعد من العوامل الأساسية المسببة لها، فالأطعمة على اختلاف أنواعها تختلف في طبيعتها وتأثيراتها، وبالتالي فإن قابلية بعضها لإنتاج رائحة الفم الكريهة يكون أكثر من غيرها، ولهذا عند الحديث عن رائحة الفم الكريهة ، لابد من التوقف أمام النظام الغذائي الذي يتبعه الفرد، لنرى إن كان يتضمن أي من الأطعمة التالي ذكرها:
أ. المواد السكرية :
من بين كافة الأطعمة المسببة لـ رائحة الفم الكريهة ،فإن السكريات بأنواعها تأتي على رأس القائمة، فهذا النوع من الأطعمة يحذر الأطباء من الإفراط به، وأسباب ذلك معلومة للجميع، فتناوله بنهم يفتح الباب أمام السمنة وتسوس الأسنان، ولكن يمكننا الآن إضافة رائحة الفم الكريهة لقائمة أضرارها، وهذا لإن السكريات تزيد من أعداد البكتيريا داخل الفم.
ب. اللحوم :
المواد البروتينية على وجه العموم واللحوم بصفة خاصة، من العناصر التي تجعل الشخص عرضة لـ رائحة الفم الكريهة ،وذلك لإن المراحل التي يمر بها البروتين أثناء هضمه، يترتب عليه إنتاج مادة الأمونيا في الجسم بكميات مضاعفة، وتلك المادة لها رائحة نفاذة وبالغة السوء، ولهذا فإن تناول اللحوم بكثيرة يجعل الإصابة بـ رائحة الفم الكريهة أمر مفروغ منه.
جـ. علكة النعناع :
بعد تناول كل وجبة ذات رائحة قوية ونفاذة، مثل وجبات البصل أو الأسماك المملحة، يجد البعض الحل في تناول علكة النعناع أو بخاخه، ولكن يجب أن ندرك هنا إن تأثيراتها وقتية، وإن رائحة النعناع التي يتعطر بها الفم لن تدوم، بل العكس فبعد فترة ليست بالطويلة، ستزول روائح النعناع، بينما ستبقى بالفم مادة المنتول المركزة بتلك العلكة، وهي من المواد التي تسبب رائحة الفم الكريهة
د. الأطعمة الحمضية والمخللة :
يتناول أغلبنا هذا النوع من الطعام كفاتح للشهية، ورغم صحة ذلك الاعتقاد وإثباته، إلا أنه يجب أن يتم الحذر من الإفراط في استهلاكهم، فأطعمة مثل الصلصات والمخلالات وما يشابهها، جميعها مواد تحفز تنامي البكتيريا الضارة بالفم، وتلك البكتيريا هي المسئول الأول عن إنبعاث رائحة الفم الكريهة ،هذا بجانب إن الإسراف في تناولها يُضر بصحة المعِدة، والأمر ذاته يمكن أن يُقال عن الحمضي من المشروبات، فمشروبات مثل عصير البرتقال أو الليمون سيكون له ذات الأثر السلبي.
هـ. القهوة :
كشفت الدراسات إن القهوة لها فوائد عديدة، لكن هذا لا ينفي إن لها العديد من الأضرار أيضاً، فهي تؤثر على النوم وتجعله مضطرباً وغير مستقر، بجانب إنها تؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم، وآخر الأضرار التي أُثبت إنها تنتج عن تناول القهوة، هو إنها من الأمور المسببة لـ رائحة الفم الكريهة
في النهاية لا يقصد بما ذكر الامتناع عن هذه الأطعمة، بل على العكس جميعها مواد مفيدة للصحة العامة للإنسان، والامتناع التام عنها سيقود الشخص بالضرورة إلى كثير من المخاطر، لكن يمكن تناولها مع تجنب التعرض لـ رائحة الفم الكريهة ،وذلك من خلال تنظيم أوقات تناولها، وكذلك استهلاكها بمقادير مناسبة دون إسراف، مع ضرورة الحرص على تنظيف الأسنان بشكل جيد، بعد كل مرة يتم خلالها استهلاك هذه الأطعمة.
ثانياً : السلوكيات و رائحة الفم الكريهة :
ليس النظام الغذائي وحده هو المسئول عن رائحة الفم الكريهة ،فهناك مجموعة عوامل أخرى تحقق ذات النتيجة، هي المجموعة التي يُعرفها العلماء بالمسببات السلوكية، فما هي وكيف تتسبب في إحداث هذه الرائحة؟
أ) عدم استخدام غسول الفم :
غسول الفم له العديد من الفوائد على صحة الأسنان واللثة والحلق، الأمر الذي يعني إن استخدامه ليس اختيارياً كما يُعتقد، بل إن أهميته تعادل أهمية معجون الأسنان والفرشاة، بل إن تأثيره قد يكون أقوى وأكثر فاعلية، وذلك لإنه يصل إلى أقصى التجاويف، وتلك المناطق التي يصعب على الفرشاة الوصول إليها، كما إن المواد التي يتركب منها، من خصائصها إنها تقضي على البكتيريا المسببة لـ رائحة الفم الكريهة
ب) عدم استخدام خيوط التنظيف :
خيط تنظيف الأسنان والذي يتوفر بالصيدليات، يجب أن تستخدمه إلى كنت ترغب في الخلاص من رائحة الفم الكريهة ، لإن هذا الخيط يقوم بما تعجز عنه الطرق التقليدية، فمرونته تمنحه القدرة على الوصول إلى التعرجات بين الأسنان، والتي لا يصل إليها شعر الفرشاة، ولهذا تبقى بواقي المواد المتناولة مترسبة بتلك المناطق، فتنمو البكتيريا التي تسبب رائحة الفم الكريهة ،بينما الانتظام في استخدام هذه الخيوط الرقيقة، يكحت تلك الرواسب ويزيلها تماماً، فيمنح مستخدمها أسنان ناصعة البيض وفم خال من الروائح البغيضة.
جـ) معدلات تناول المياه :
من لا يتناولون قدر كافي من المياه بصفة يومية، هم يهدرون العديد من الفوائد الصحية العظيمة، ومن بين تلك الفوائد المُهدرة، تجنب التعرض لـ رائحة الفم الكريهة والمُنفرة، فالماء يُكمل المهمة التي تؤديها وسائل تنظيم الأسنان، كما إنه يحافظ على ترطيب الفم، ويحفظ مستويات المواد اللعابية به، وجميعها أمور تُبطئ من عمليات نمو البكتيريا الضارة، التي تنتج عن تناميها رائحة الفم الكريهة
د) تناول الكحوليات :
مدمني الخمر أو المشروبات الكحولية، دائماً ما يتميزوا بـ رائحة الفم الكريهة التي تنفر الناس منهم، والبعض يرجع السبب في ذلك إلى رائحة الخمر نفسها، لكن هذا ليس حقيقي، فبعض أنواع الخمور تدخل بتركيبها مواد تمنحها رائحة جيدة، ورغم ذلك تناولها يسبب رائحة الفم الكريهة ،والسر في ذلك هو إن الكحول يؤدي إلى الإصابة بجفاف المعدة والحلق، مما يخفض من معدلات اللعاب في الفم، فيخلق بذلك بيئة مثالية لنمو أنواع البكتيريا الضارة، التي بدورها تؤدي إلى انبعاث مثل تلك الروائح من الفم، ويمكن القول بإن الأمر ذاته ينطبق على التدخين.
هـ) عدم غسل الأسنان :
بطبع كافة العوامل التي تم ذكرها بالفقرات السابقة، تأتي مع الافتراض بإن الإنسان يقوم بتنظيف أسنانه بالشكل التقليدي، اعتماداً على الفرشاة والمعجون المناسبان، أما في حالة إن كان المرء لا يهتم بإجراء عملية التنظيف هذه، فإن كل ما ذُكر عن مسببات رائحة الفم الكريهة وطرق الوقاية منها، هو حديث أجوف عديم الفائدة والجدوى، فبالتأكيد تنظيف الأسنان بالأسلوب التقليدي وبصفة دورية، هو الضامن الأكبر للحد من نمو البكتيريا على جدران الأسنان، وبالتالي يحفظها ذلك من التعرض للمشاكل الصحية، وكذا يخفض من احتمالات التعرض لمشكلة رائحة الفم الكريهة ،أما النصائح التي وردت سلفاً هي مجرد عناصر تكميلية، تعزز تأثير الانتظام في غسل الأسنان وتزيد من فاعليته.