دواين جونسون أو الصخرة هو مصارع أمريكي من مواليد 1972، حقق العديد من البطولات في عالم مصارعة المحترفين من أبرزها الفوز بلقب بطولة العالم للفرق الزوجية خمس مرات والفوز ببطولة القارات مرتين وبطولة WWE مرتين، وقد اتجه إلى التمثيل في أواخر التسعينات ومنذ ذلك الحين -وعلى خلاف العادة- قدم عدداً كبيراً من الأعمال المميزة التي حققت نجاحاً جماهيرياً ونقدياً كبيراً، حتى أن بأحد الأعوام كان الممثل السينمائي الأعلى أجراً.. ترى لماذا دواين جونسون هو أول مصارع يتمكن من الاستمرار في عالم السينما؟ وما يُميزه عمن سبقوه من المصارعين؟
عوامل تميز دواين جونسون كممثل :
هناك العديد من العوامل التي ساهمت في تفوق دواين جونسون على كافة المصارعين الذين سبقوه إلى التمثيل السينمائي والتي مكنته من النجاح في هذا المجال والاستمرار به، ومن بينها:
تنوع تصنيفات الأعمال السينمائية :
هناك عدد كبير من نجوم المصارعة الحرة اتجهوا إلى الفن وخاضوا تجربة التمثيل من خلال عدد قليل من الأعمال، من أبرز هؤلاء هولك هوجان وجون سينا وباتيستا وغيرهم الكثير، إلا أن النسبة الأكبر من المصارعين تم حصرهم في تقديم أفلام الحركة والإثارة، وذلك للاستفادة من مظهرهم الجسماني وكذلك كي تكون نوعية أفلامهم متسقة من توقعات وميول جماهيرهم العريضة.
أول العوامل التي كفلت لـ دواين جونسون التميُز والاستمرارية في صناعة السينما هو أنه تعلم من أخطاء سابقيه؛ لهذا قرر -منذ البداية- ألا يحصر نفسه في قالب سينمائي مُحدد، وعلى الرغم من أغلب أفلامه تتضمن عدداً من مشاهد الحركة والإثارة إلى أن التصنيف العام لهذه الأعمال جاء متنوعاً بدرجة كبيرة، فقد قدم الأكشن والكوميديا وكذلك الخيال العلمي وبعض الأفلام ذات الطابع الأسطوري، مما جعل أفلامه مُرضية لمختلف الأذواق وساهم في اتساع جماهيريته كممثل.
لا يسعى للانفراد بالبطولة :
لم يكتسب دواين جونسون شهرته من خلاله احتراف التمثيل السينمائي، بل أنه جاء إلى السينما نجماً بفضل الشعبية الجارفة التي كان يحظى به باعتباره مُصارعاً محترفاً، وقد جرت العادة أن أبطال الرياضة حين يتجهون للتمثيل فإنهم غالباً يحصلون على أدوار البطولة ويتصدرون مواد الدعاية والإعلان الخاصة بالأفلام منفردين، لكن جونسون كان أذكى من أن يقع في هذا الفخ الذي كان سبباً رئيسياً في قصر العمر الفني للمصارعين الذين سبقوه إلى الشاشة.
انفرد دواين جونسون ببطولة عدد من الأفلام التي حققت نجاحاً كبيراً في شباك التذاكر مثل أفلام The Scorpion King، Hercules، San Andreas وغيرها، إلا أنه في ذات الوقت لا يُمناع تقديم البطولات الجماعية ولا يهتم بترتيب اسمه على مقدمة الأفلام، وأبرز مثال على ذلك مشاركته في سلسلة السرعة والغضب Fast and Furious رغم أن بطلها الأساسي هو الممثل فين ديزل، كما أنه لا يسعى للحصول على الدور صاحب المساحة الأكبر ويفضل المشاركة بالأعمال الجماعية ومن بينها فيلمه الأخير Jumanji: Welcome to the Jungle.
الاهتمام بتطوير أدائه :
شارك دواين جونسون حتى اليوم بالتمثيل في 87 عملاً منوعة ما بين أفلاماً سينمائية وحلقات تلفزيونية، كما أن جدول أعماله خلال الفترة المقبلة مزدحماً، حيث من المقرر أن يشارك في 11 عملاً جديداً خلال السنوات الثلاث المقبلة، وهذا دليل قاطع على نجاحه وأنه أصبح محط أهتمام العاملون في صناعة السينما من المخرجين والمنتجين وأنه بلغ مستوى لم يسبقه إليه أي مُصارع.
السر في ذلك يرجع إلى عدم اعتماد دواين جونسون على الشعبية التي يحظى بها بسبب احترافه المصارعة فقط، بل أنه منذ أن قرر اقتحام عالم الفن السابع عمل على تطوير ذاته، وحصل على العديد من الدورات التدريبية الخاصة بإعداد الممثل لاكتساب المزيد من المهارات، وبالفعل المتابع لمشوار دواين الفني سوف يلاحظ بسهولة تطور أدائه بين فيلم وآخر، وبهذا لم يعتمد على بُنيانه الجسماني فقط مما ساعده على تقديم أعمالاً متنوعة وضمن له الاستمرار في عالم الفن.
يُشار هنا إلى أن دواين جونسون أصبح يُنظر إليه كممثل محترف وليس كبطل رياضي يشارك في بعض المشاهد التمثيلية، وقد أشاد النقاد بأدائه التمثيلي في عدد كبير من الأعمال التي شارك بها، كما أنه قد رُشح -حتى اليوم- إلى 55 جائزة فنية وتمكن من الفوز بتسع جوائز منهم فعلياً.
الكاريزما السحرية وخفة الظل :
يمتلك دواين جونسون أو ذا روك -كما يفضل أن يسميه مُحبوه- كاريزما سحرية، فهو أينما يتواجد يجذب الأنظار وقد كان ذلك سبباً مباشراً في امتلاكه شعبية كبيرة وسريعة مع بداية احترافه رياضة المصارعة، ولم يختلف الأمر كثيراً حين قرر الاتجاه إلى التمثيل، فقد لاقت إطلالته الأولى عبر الشاشة استحسان الجماهير والنقاد على السواء.
يتمتع دواين جونسون كذلك بحس فكاهي وقد كان ذلك واضحاً تماماً من خلال خطابات التحدي التي يُلقيها على حلبة المصارعة، التي كانت غالباً ما تنطوي على مزحة أو عبارة ساخرة يلقيها بتلقائية شديدة، وحين اتجه للتمثيل استفاد من تلك الميزة التي مكنته من تقديم عدداً غير قليل من المشاهد الكوميدية بتلقائية وعفوية وكان ذلك سبباً مباشراً في تنامي شعبيته.
تصنيف أفلام دواين جونسون :
منذ أن كان دواين جونسون مصارعاً محترفاً فقط وهو يحظى بشعبية كبيرة بين فئة الأطفال، يمكن التأكد من ذلك بسهولة من خلال مشاهدة أي من مبارياته القديمة على موقع يوتيوب ورؤية كيف يشجعه الأطفال بحماس، وربما لم يفكر يوماً في اتخاذ مظهراً مرعباً أو الاعتماد على العروض التقديمية المبالغ بها مثلما يفعل المصارعين الآخرين حتى لا يفقد تلك الشعبية.
سار دواين جونسون على ذات النهج منذ اتجاهه إلى عالم السينما، حيث أن أغلب أفلامه تحمل تصنيف رقابي منخفض مما يجعلها مناسبة للنسبة الأكبر من المشاهدين بما في ذلك الأطفال في عمر الثالثة عشر ولم يخالف هذا التصنيف سوى عدد قليل جداً من الأعمال التي قدمها، مما يعني حرصه على خلو أفلامه من المشاهد الدموية الفجة أو اللقطات التي تتنافى مع الآداب العامة، ولعل ذلك أحد أسباب تنامي شعبية جونسون في مجموعة الدول العربية وداخل المجتمعات المحافظة.
لم يعتزل المصارعة الحرة بشكل نهائي :
من بين أسباب حفاظ دواين جونسون أو الصخرة على شعبيته بين محبيه أنه لم يعتزل المصارعة بصورة نهائية، بل أنه يُصنف في الوقت الحالي ضمن فئة “شبه معتزل”، أي أنه لا يخوض منافسات المصارعة الحرة بشكل رسمي وبصفة دورية كما كان الحال في السابق، ولكنه لا يتردد في العودة إلى الحلبة كلما تم استدعائه من حين لآخر.
يُذكر أن دواين جونسون قد حقق نجاحاً كبيراً فترة احترافه المصارعة وحاز على العديد من الألقاب والبطولات، واستمراره في ممارسة اللعبة لا يُسعاده فقط في الحفاظ على لياقته البدنية بل يساعده أيضاً على الحفاظ بتوهجه وتألقه، فهو بذلك يُرضي كلا النوعين من الجماهير، جماهيريه الرياضية وجماهيرية الفنية على السواء.
الخاتمة :
يُقال أن دواين جونسون كلما مَس شيئاً حوله إلى ذهب، وفي ذلك إشارة إلى تفوقه الرياضي في عالم مصارعة المحترفين وتمكنه من الحصول على العديد من البطولات العالمية وكذلك تفوقه الفني وتمكنه من تقديم أعمالاً مميزة تتصدر شباك التذاكر العالمي وتحقق تقييمات مرتفعة، ويبدو أن مسيرته الفنية التي بدأت قبل عشرين عاماً تقريباً لن تنتهي في القريب ولن يلقى مصير المصارعين الآخرين الذين سبقوه إلى الشاشة، فجونسون قد تحول إلى نجماً سينمائياً من الطراز الأول لا يزال أمامه الكثير ليُقدمه.