حفظ المعلومات واختزانها في الذاكرة لفترات طويلة، هو أكثر الأمور التي تشغل الطلبة وأولياء الأمور مع اقتراب موسم الامتحانات الدراسية، وكثير منهم يقضون ساعات طويلة في استذكار الدروس، وحين يحاولون استرجاعها من الذاكرة يكتشفون إنهم قد نسوها، أو إن المعلومات قد اختلطت عليهم وتداخلت فيما بينها، ليصبح السؤال الأصعب: لماذا يفشل البعض في حفظ المعلومات ؟، وكيف يمكن التغلب على تلك المشكلة؟
لماذا نفشل في حفظ المعلومات :
حفظ المعلومات ليس موهبة بل هو مهارة يمكن اكتسابها وتنميتها، ومن ثم فإن مواجهة البعض مشكلة في الحفظ لا يكون ناتج عن قصور لديهم، إنما غالباً ما يكون ناتج عن عوامل خارجية أو سلوكيات خاطئة تعيق عملية الحفظ، ومنها:
وجود المثيرات :
من الأخطاء الشائعة التي نقع بها عند الشروع في الاستذكار، والتي تعوق عملية استيعاب و حفظ المعلومات ،هو عدم الاهتمام باختيار البيئة المناسبة للمذاكرة، فعادة ما يتم ذلك إما بشكل عشوائي، مثل يتوجه الطلبة إلى الأندية العامة أو المقاهي، أو أن يتم بصورة نمطية، مثل الانعزال داخل الغرف الخاصة أيا كان موقعها أو طبيعتها، بينما الخبراء يؤكدون إن 70% من حالات الفشل في حفظ المعلومات ،تكون ناتجة عن عدم توفير البيئة المناسبة للحفظ، والتي يجب أن تكون خالية من المثيرات الخارجية المشتتة للانتباه، فيجب الابتعاد عن الهاتف الجوال وجهاز الكمبيوتر، وما إلى ذلك من المثيرات التي من الممكن أن تشتت الانتباه عن المادة العلمية المراد استذكارها، والتي يجب أن يكون تركيز الطالب بالكامل منصب عليها.
الحفظ الشفهي :
يعتقد البعض إن مجرد القراءة وترديد نفس العبارة لعدة مرات سيقود في النهاية إلى حفظ المعلومات ،إلا إن العلم أثبت إن ذلك أيضاً من الاعتقادات الخاطئة. ويرى الخبراء إن أفضل طرق الحفظ تتمثل في القيام بتدوين النص أو المعلومة المراد حفظها أكثر من مرة، إذ أثبتت الدراسات إن هذا الأسلوب أكثر فاعلية، حيث إن المعلومات التي تحفظ بواسطة الكتابة والتدوين تترسخ داخل المخ، وتحتفظ بها الذاكرة لفترات أطول ويكون من الصعب أن تُنسى.
الكل والبعض :
العقل البشري له قدرة معينة على الاستيعاب والحفظ والتذكر، وإن زاد كم المعلومات المدخلة إليه -في المرة الواحدة- عن ذلك الحد، فبالتأكيد سيعجز عن استيعابها وبالتالي ستكون المحصلة النهائية لا شىء، وهذا ما يفعله البعض وهو ما يعيق عملية حفظ المعلومات لديهم، بل ويجعلها أقرب إلى الأمر المستحيل.. فمن الضروري تقسيم النصوص أو الدروس الطويلة إلى فقرات بسيطة، ويتم التعامل مع كل فقرة منهم على حدة، حيث إن ذلك التقسيم سيجعل كم المعلومات المُدخل إلى المخ أقل، وبالتالي يسهل استيعابه وفهمه ومن ثم حفظه، كما إنه يجعل عملية استرجاعه من الذاكرة أيضاً أمراً يسيراً.
اختيار التوقيت :
قدرة العقل البشري على تخزين وحفظ المعلومات تختلف من وقت لآخر، ولهذا يُنصح العلماء باستغلال الساعات التي يكون فيها الذهن مُتقد والعقل نشِط، والتي تُعرف بمصطلح (فترات ذروة الطاقة). وخلال ساعات الذورة هذه يكون العقل في حالة صفاء وهدوء نسبي، ومن ثم تكون عمليتي اختزان و حفظ المعلومات يسيرة عليه، ويرى العلماء إن أفضل أوقات الاستذكار هي الساعات الأولى من النهار، حيث يقوم العقل خلالها في قمة نشاطه، وعلى اتم الاستعداد لاستقبال المدخلات واختزانها في الذاكرة.
قلة النوم :
كل ما سلف ذكره من عوامل تساعد على حفظ المعلومات ،ستكون عديمة التأثير والفاعلية في حالة عدم الحصول على قسط وافي من النوم والراحة، فالعقل مثله مثل كامل أعضاء الجسم، يحتاج إلى الراحة كي ينفض الخمول ويشحن طاقته ويجدد نشاطه، فقد أثبتت الدراسات إن فوائد النوم الصحية بالغة التعدد وعلى درجة عالية من الأهمية، ومن بينها إنه يحافظ على سلامة القدرات العقلية ومنها قوة الذاكرة، بينما النوم المضطرب أو الأرق أو السهر لساعات متأخرة، كلها عوامل تفقد الإنسان قدرته على التركيز وتجعله مشتت الذهن، وبالتالي يصعب عليه استيعاب أو حفظ المعلومات