حرب الخليج الأولى هي الحرب التي اندلعت بين العراق وإيران خلال الفترة ما بين سبتمبر 1980 وحتى أغسطس 1988م. عُرفت تلك الحرب في إيران باسم الدفاع المقدس وفي العراق سُميت قادسية صدام، وكانت الخلافات بين البلدين قد بدأت بخلاف على الحدود السياسية بين الدولتين بعد وصول حزب البعث العراقي إلى السلطة وتولي إدارة البلاد، وفي عام 1971م تفاقم الأمر إلى حد قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، ثم تزايدت حِدة الخلافات مما أدى إلى نشوب الحرب بين الطرفين والتي عرفت آنذاك باسم حرب الخليج، ولكن في التسعينات سميت بـ حرب الخليج الأولى للتمييز بينها وبين حرب الخليج الثانية أو حرب تحرير الكويت التي اندلعت في 1991م.
حرب الخليج الأولى .. الآثار والنتائج :
تعد حرب الخليج الأولى إحدى أبرز الأحداث في التاريخ المعاصر للمنطقة العربية، وذلك لما ترتب على اندلاعها من نتائج وما اتصل بها من أحداث اقتصادية وأزمات اقتصادية، وأبرز نتائج تلك الحرب الشعواء يمكن إيجازه في الآتي:
الحرب الأطول زمنياً :
تعد حرب الخليج الأولى هي النزاع العسكري الأطول زمنياً خلال القرن العشرين، وذلك لأن الفترة ما بين اندلاع تلك الحرب وبين وقف إطلاق النار بين الطرفين المتنازعين تقدر بحوالي ثمان سنوات كاملة، لم تنعم خلالها أي من الدولتين -العراق وإيران- بأي شكل من أشكال الاستقرار، كما إن مجريات الحرب أثرت بشكل بالغ على اقتصاد وسياسات الدول المجاورة لهما.
الحرب الأكثر دموية :
الحروب بصفة عامة لابد أن يكون لها خسائر وضحايا بالجانبين سواء المنتصر أو المهزوم، ولكن كلما طالت مدة الحرب كلما تضاعفت أعداد ضحاياها وذلك تحديداً ما حدث في حرب الخليج الأولى ،فنظراً لإن المناوشات والصدامات بين الطرفين دامت لفترة 8 سنوات كاملة، ونتيجة لذلك فقد راح ضحيتها قرابة المليون فرد بينهم حوالي 100 ألف مدني، بخلاف حوالي اثنين مليون مصاب، كما بلغ عدد اللاجئين الإيرانيين المتضررين من الحرب حوالي مليوني لاجئ ومن العراق حوالي 400 ألف لاجئ.
الخسائر المادية :
الأثر الاقتصادي البالغ الذي أحدثته حرب الخليج الأولى لم يأت من فراغ، بل هو النتاج الطبيعي لفداحة الخسائر المادية التي نتجت عن تلك الحرب والتي قدرت بحوالي 400 مليار دولار، الأمر الذي كان له تأثير بالغ على تجارة البترول فيما بعد باعتبار العراق إحدى الدول المصدرة له، وقد حاول تعويض خسارته المادية الضخمة وسداد ديونه من خلال التلاعب بأسعار سوق النفط العالمي وهو ما أدى لحدوث شقاق بين الدول الأعضاء في منظمة (أوبك).
تبدل الأنظمة السياسية :
أثرت حرب الخليج الأولى بشكل مباشر في سياسات الدول المتنازعة، ولعل أبرز تلك الآثار يتمثل في قيام الجمهورية الإسلامية في إيران في 1979م، لينتهي بذلك زمن الشاه ويتولى الخميني منصب المرشد الأعلى للثورة الإسلامية الإيرانية وهو أعلى المناصب بالهرم السياسي الإيراني، وقد شهد النظام السياسي في الجانب العراقي تطوراً كبيراً هو الآخر، حيث انتهى خلال فترة الحرب عهد الرئيس أحمد حسن بكر باستقالته من منصبه ليتولى خلفاً له صدام حسين الرئيس الأشهر في تاريخ دولة العراق والشخصية الأكثر تأثيراً في تاريخه المعاصر.
تأثيرها السياسي :
كان لـ حرب الخليج الأولى أثراً كبيراً على المعادلات السياسية لمختلف الدول العربية ومنطقة الشرق الأوسط بصفة عامة، وخاصة سياسات الدول الأعضاء في منظمة (أوبك) أو منظمة الدول المصدرة للبترول وعلى رأسهم دولة الكويت ودولة الإمارات العربية، وكذلك الأثر الاقتصادي والخلافات السياسية التي نتجت عن حرب الخليج الأولى كان من العوامل المباشرة التي قادت إلى اندلاع حربين في المنطقة بالسنوات اللاحقة، هما حرب اجتياح الكويت وحرب الخليج الثانية أو ما يُعرف في التاريخ باسم حرب تحرير الكويت.