الكثير من الشباب يستخدم مواقع التواصل الاجتماعي، ومعظمهم يقومون بـ حذف العائلة من الصفحات الخاصة بهم. بل ويصل الأمر أن يستخدموا خاصية القفل، وهي خاصية تجعل أسماء معينة بعينها غير قادرة على الوصول إلى الحساب الخاص بك من الأساس، مما يجعل هؤلاء الناس في عزلة تامة عن عائلتهم، سواء من أقارب من الدرجة الأولى أو من الدرجات البعيدة من القرابة، فما هو السبب الذي يجعل الأبناء يحاولون عزل أنفسهم عن والديهم في الحياة الافتراضية، أو حتى لدرجة أن الإخوة لا يتعاملون مع بعضهم البعض؟
رغبة الشباب في الشعور بالحرية
في المنزل، الشباب قد لا يشعر تمامًا أنه حر، بل دائمًا يشعر أنه مراقب أو أنه يجب عليه ألا يتكلم بالطريقة الفلانية أو يتعامل بالطريقة الفلانية، أو أنه يجب أن يكون ملتزمًا بأفعال وأقوال محدودة بسبب وجود أخوة وأقارب طوال الوقت. أما في الحياة الافتراضية فلا توجد كل هذه القيود بل كل ما على الشخص هو أن يقول ما يريد وينشر ما يريد، ويشارك ما يريده مع الأصدقاء الذين اختارهم واختاروه. لذلك يحاول الشباب تجنب الأهل تمامًا في مواقع التواصل الاجتماعي، لأن الأهل غالبًا لن يفهموا طريقة تفكير الشاب حتى لو كان الأمر على مستوى العالم الافتراضي، وسيتحول الأمر إلى مجموعة إرشادات، وأن الشاب يجب أن يلغي هذه الصور أو هذا المنشور. ولذلك يتوجه الشباب إلى فكرة حذف العائلة نهائيًا من جميع مواقع التواصل الاجتماعي، حتى لا يراه أحد ويعكر عليه صفو شعوره بالحرية في صفحته الخاصة.
خوف العائلة من آراء أبنائهم السياسية
الجيل الجديد من الشباب أصبح على دراية كبيرة بكل شيء من حوله سواء سياسة أو اقتصاد أو فن أو نوع جديد من المعرفة والإدراك، حدث بسبب المواقع الاجتماعية التي تمكن الجميع من نشر المعرفة، مع الاطلاع على المنشورات بصورة سريعة، لتتحول المعلومة إلى وباء. ومن هذا المنطلق أصبح الشباب والجيل الحالي أكثر ثقافة، وأكثر وعي، وهذا قلل نوعًا من حدة الخوف القديمة التي كانت في الأجيال السابقة تجاه الحديث في السياسة، مما جعل هناك فجوة بين الأجيال. فالشاب يعتقد أن الكلام في السياسة على مواقع التواصل الاجتماعي شيء طبيعي، ويحدث بشكل يومي بل لحظي في كل منشور يتم نشره بينه وبين أصدقائه. في حين أن الأهل لو رأوا ما يتكلم فيه الابن ربما سيصابون بالجنون خوفًا عليه. ولذلك يلجأ الشباب لنفس الخدعة وهي حذف العائلة من مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتجنب الخوف المستمر، واللوم والعتاب وتأنيب الضمير الذي يسبب إزعاج كبير لمثل هؤلاء الشباب.
عدم قبول العائلة اختلاط الشابات مع الشباب
في مجتمعنا العرب هناك تقاليد معينة وعادات معروفة عن عدم الاختلاط والصداقة المباشرة بين الشابات والشباب سويًا، مما يجعل بعض الفتيات تشعر بالوحدة وبعدم مواكبة العصر. خصوصًا أن هناك أدوات تسمح لأي شخص ألا يتكلم مع أصدقاء الفيس بوك بشكل مباشر. مثلًا غلق الماسنجر أو عمل قفل لأحد الأشخاص. كل هذه الطرق تسمح للشخص بأن لا يتعامل بطريقة خاصة مباشرة مع أصدقاء العالم الافتراضي. مع وجود إمكانية متابعة منشوراتهم، وهذا الشيء لن يفهمه الجيل الكبير أحيانًا. مما يجعل الشباب يلجئون لفكرة عمل حساب وهمي باسم مزيف حتى لا يستطيع أحد من عائلتهم معرفتهم، أو عن طريق حذف العائلة من الحساب الخاص بهم. لئلا يتحول أمر الأهل عبارة عن متابعة كل حركة افتراضية تفعلها الفتاة أو الولد على موقع فيس بوك.
استهجان العائلة الجانب الغريب عن أبنائهم
في مواقع التواصل الاجتماعي، الكل لا يتعامل بنفس الطريقة التي يتعامل بها في الحياة العادية. ولذلك يلجأ الشباب إلى حذف العائلة حتى يعيشون على راحتهم. فهم يفكرون بمنطق أنه لماذا يجب عليَ أن أعيش طبقًا لأفكارهم حتى في صفحتنا الشخصية والتي هي تعبير حر عن الأفكار والتوجهات. والمشكلة هنا تقع في عدم قبول العائلة لفكرة أن من حق الشباب أن يفكر ويعبر عن أراءه بحرية. في حين أن الشباب لا يقدر خوف العائلة عليه ومن هنا ينتج صدام. يجعل الشباب يتحايلون على الواقع فيه ويبدئون في حذف كل من يعرفهم حتى لا ينالون استهجان أحد.
رغبة أحد الأقارب في إيذاء الشخص
أحيانًا يكون هناك خصومات بين أفراد العائلة الواحدة. ومن هذا المنطلق يفاجئ الشخص بوالده يسأله عما كتبه أمس في الفيس بوك. وهو يعلم جيدًا أن أبيه لا يعرف كيفية عمل الفيس بوك. ومن هنا يكتشف أن هناك شخص أفشى هذا المنشور لأبيه لغرض ذرع الخصام بينه وبين أبيه. فيلجأ الشباب إلى حذف العائلة كلها بالصغير والكبير. ولا يضيفوا سوى الأصدقاء الموثوقين، الذين لن يتاجروا بما ينشرون.
حذف العائلة حرجًا من تعليقات العائلة
أحيانًا لا يدرك أفراد العائلة أهمية موقع التواصل الاجتماعي بالنسبة للشخص. من الممكن أن يطلقوا التعليقات الساخرة على المنشورات الشخصية. أو عندما يقابلون الشخص في الحقيقة يضحكون عليه لأنه يقول أشياء غريبة عنهم في المواقع. أو لأن تعليقاتهم نفسها على مواقع التواصل الاجتماعي تكون خارج موضوع المنشور. كل هذه الأسباب قد تكون عادية بالنسبة للبعض ولكنها ليست عادية بالنسبة للأشخاص الحساسين الذي يريدون أن يشعروا أنهم وحيدين في صفحاتهم الشخصية، وليس هناك عائلة تراقبهم وتعلق على منشوراتهم بصورة مستديمة. فهذا الأمر يكون محرج أحيانًا ولا سيما لمن هم في سن المراهقة. لذلك يلجأ هؤلاء الشباب لحذف العائلة نهائيًا من صفحتهم حتى يضمنون عدم متابعة عائلتهم لمنشوراتهم بصورة مستمرة.
الرغبة في الاستقلال العقلي والفكري
لا تدرك العائلة أحيانًا كثيرة أن عليهم ترك أولادهم لأن يكون لهم تفكيرهم الخاص بهم. ولذلك يبدئون في التعديل على فكر أولادهم بصورة مباشرة. ويحاولون تغير هذا الفكر ومقاومته بصورة تستفز الأولاد والشباب، حيث أن مثل هؤلاء الشباب يندمون على فكرة أنهم سمحوا لهم لأن يروا طريقة تفكيرهم الحقيقية. والشعور بعدم القبول والرفض هو الذي سيسود بين العائلة والأبناء. ولذلك يلجأ الأبناء للانعزال ولتكوين قوقعة فكرية مستقلة عن طريق حذف العائلة وكل شخص يحكم على أفكارهم ويحاول تغيرها ليشعروا من داخلهم أنهم مستقلين وغير مدفوعين بأفكار أحد غيرهم.
عدم الإشهار بالعائلة
هناك بعض الأشخاص الذين لا يريدون من متابعيهم على فيس بوك أن يعرفوا الحسابات الشخصية لعائلاتهم. فأحيانًا يكون للشخص آلاف المتابعين. وبالطبع منهم الجيد ومنهم السيئ ولذلك تجنبًا لأن يعرف المتابع السيئ الحساب الشخصي لوالدة الشخص أو أخت الشخص أو أي قريب لهذا الشخص، يقوم بحذف العائلة تمامًا من حسابه. لأن بالنسبة لعائلتك ستكون أنت السبب في دخول هذا الشخص السيئ لحسابهم الشخصي ومحاولة إزعاجهم. حذف العائلة في مثل هذه الحالة يكون أمر جيد ولا سيما أنهه يمكنهم متابعتك لو سمحت لهم بذلك، دون أن تكونوا أصدقاء.