تنظيم داعش اسم ارتبط هذه الفترة الأخيرة بإثارة الرعب والفزع في قلوب الناس لذلك لا يكذب أحد عندما يسميه تنظيم إرهابي كيف لا وهو يثير الرهبة والفزع لمجرد ذكر اسمه خصوصًا أن ذكره له علاقة دائمًا بعملية إرهابية أو استهداف جنود أو سيارة مفخخة أو عبوة ناسفة أو تفجير هنا أو اغتيال هناك، إذًا لا يسعنا سوى أن نقول أن تنظيم داعش ومن على شاكلته من التنظيمات بمثابة فيروس ينخر في جسد الأمة، فما هي قصة هذا الفيروس وكيف ظهر وانتشر؟
أصل تنظيم داعش
لم يخرج تنظيم داعش من الهواء أو لم يكن جديدًا على بُعيد سقوط بغداد عام 2003 حيث تشكلت جماعة التوحيد والجهاد بقيادة الأردني أبو مصعب الزرقاوي في العراق لتنفيذ العمليات ضد جنود الاحتلال الأمريكي ومن عاونهم ولا ننسى الفيديوهات التي كانت تتداول على الهواتف المحمولة محدودة التقنية وقتها لذبح المتعاونين مع جيوش الاحتلال الأمريكي وقتها والتي كانت لبث الرعب إلا أنه في العام 2004 أعلن أبو مصعب الزرقاوي مبايعته لبن لادن زعيم تنظيم القاعدة لتصبح جماعة التوحيد والجهاد فرع للقاعدة في العراق، إلا أنه بعد مقتل أبو مصعب الزرقاوي في العام 2006، اختير عبد الله البغدادي لزعامة مجلس شورى الجماعة إلا أنه اغتيل بعدها بفترة بسيطة ليتم بعدها اختيار أبو بكر البغدادي لكي يقود ما سمي بدولة العراق الإسلامية
من هم تنظيم داعش ومن يدعمهم؟
تنظيم داعش هم مجموعة من المسلحين الذين يقومون بتنفيذ عمليات إرهابية داخل العراق وسوريا واكتسب التنظيم اسمه “داعش” اختصارًا للكلمات “الدولة الإسلامية في العراق والشام” وذلك بعد أن توسع التنظيم في عملياته داخل سوريا بعد انطلاق ما سمي بالثورة السورية في 2011 متزامنًا مع موجات الربيع العربي والتي بدأت في تونس ثم مصر وليبيا واليمن ولكن كانت أكثر عنفًا وخرابًا في سوريا مما منح فرصة لهذا التنظيم لاستغلال هذه الفوضى وبسط نفوذه وأسلحته داخل الأراضي السورية، وفي العام 2014 تم إعلان الخلافة الإسلامية في دولة العراق والشام ومبايعة أبو بكر البغدادي خليفة للمسلمين.
من يدعم داعش؟
دائمًا ما يتردد السؤال وبقوة عن دعم داعش ومن يمدهم بالسلاح والمؤن ومن الواضح أن هناك عدة جهات تدعمهم إلا أن الواضح أمامنا أن سيطرة داعش على بترول العراق يجعلها من أغنى التنظيمات ولا تتكبد الكثير من العناء لتوفير المال اللازم لعملياتها والذي لا يستدعي الأسلحة فحسب بل والسيارات التي يتم تفخيخها ناهيك عن التجهيزات الطبية والدعم الغذائي لأفرادها، إلا أن دولا بعينها يتم الإشارة إليها بأصابع الاتهام في دعم تنظيم داعش وأبرزها على الإطلاق: أمريكا والسعودية وإسرائيل وفرنسا وبريطانيا وتركيا بشكل مباشر، وذلك لمصالح متعددة تربط هذه الدول ببقاء الوضع متقدًا ومتوترًا في هذه البقعة.
علاقة داعش بالدين الإسلامي
يدعي تنظيم داعش أنه قام لهدف إعادة الخلافة الإسلامية وحكم البلاد الإسلامية بما أنزل الله، وفي ذلك يعتمدون على نصوص مقدسة وأفعال للنبي محمد مؤسس الدين الإسلامي وصحابته الأجلاّء بيد أنهم لا يرون في الدين الإسلامي غير النصوص الجامدة ولا ينتبهون لشيء هام اسمه “مقاصد الشريعة” حيث يستترون وراء هذه النصوص لتحقيق أغراضهم الأصلية وهي السلطة والنفوذ والمال والعنف تحت لواء الشريعة وبسلطة هذه النصوص مستمدين الدعم من الدول التي من مصلحتها أن تبقي الوضع مشتعلاً في منطقة الشرق الأوسط، لذلك علاقة تنظيم داعش بالدين الإسلامي علاقة سطحية تنتبه فقط للنصوص وتدعي السير على نهج النبوة والخلافة الراشدة ولا يتعمقون نحو فهم الشرائع السماوية والتي تهدف إلى المحبة واللين والرفق والإنسانية.
علاقة داعش بأمريكا
لا ريب أن أمريكا لها علاقة بالإرهاب الديني في منطقة الشرق الأوسط لكي تصبح هذه المنطقة ساحة حرب ونزاع مما يدفعها للتدخل وتحقيق هدفها وهو الهيمنة والسيطرة على كافة دول المنطقة ولذلك تقوم أمريكا بتزويد داعش بالسلاح والمؤن العسكرية تمامًا كما قامت بتمويل طالبان في البداية ودعم تنظيم القاعدة فترة التسعينات خوفًا من نمو حركات موالية للاتحاد السوفيتي الذي كان مسيطرًا على الجمهورية الأفغانية قبل سقوطها بسقوط الاتحاد السوفييتي أوائل التسعينات، أيضًا يدعم الحركات الإرهابية الدينية في الشرق الأوسط لصالح إسرائيل ومن أجل مصالحها التي تتحقق بالهيمنة والسيطرة على كافة هذه الدول التي تتيح لها الأوضاع المتوترة التدخل ووضع يدها على ثرواتها.
أسباب ظهور تنظيم داعش
- حالة الفوضى التي خلقتها الحرب الأمريكية على العراق في العام 2003 أدت إلى نمو الحركات الإرهابية والعمل الإجرامي الممنهج ولا ريب أن هذه الحركات لم تطل جنود الاحتلال فحسب بل كانت أكبر ضحاياها وخسائرها من المدنيين.
- التغرير بضعيفي الإيمان من المسلمين والذين تسحرهم أحلام الخلافة ورجوع الدولة الإسلامية ويتم المتاجرة بهم وبسذاجتهم للانضمام إلى تنظيم داعش أو التعاطف معهم حتى مع كل الأعمال الإجرامية التي يقومون بها مع ازدياد نسبة الجهل والتغرير بالسذج الذين لا يفهمون دينهم على النحو الصحيح ويعتقدون أنه دين عنف وقتال فحسب، فضلا عن تراخي دور رجال الدين وتواطؤهم بالصمت عن أفعال داعش وعدم اتخاذ مواقف دعوية حاسمة على الأقل تكفيرهم وإعلان خروجهم الصريح عن الدين بأفعالهم هذه.
- ضعف المواجهة الدولية لهذه التنظيمات خصوصًا أن معظم القوى الاستعمارية تدعم هذه التنظيمات وتنميها للسيطرة على منطقة الشرق الأوسط والغنية بالثروات والتي تحتضن رغمًا عنها إسرائيل بين أراضيها وتريد أن تحافظ على اطمئنان إسرائيل وأمنها بإشعال الأزمات في باقي المناطق.
- الدعم الذي يتلقاه تنظيم داعش صراحة من دول قوية مثل أمريكا وخصوصًا في سوريا التي ترنو أمريكا إلى تقليص النفوذ الإيراني بداخلها وذلك لكي تمهد لها الطريق للتدخل العسكري المباشر في هذه الأراضي تحت حجة محاربة الإرهاب مما يعني بسط سيطرتها أكثر وأكثر على هذه المناطق خوفًا من النمو الإيراني في الشرق الأوسط أكثر وأكثر.
- تواطؤ بعض دول المنطقة والتي سمحت بتسهيل وجود داعش في الشرق الأوسط من خلال توصيل الدعم لهم لرعاية مصالحها أو بسبب موالاتها لأمريكا فضلاً عن التواجد التركي في الصورة بقوة بسبب مصالحها أيضًا وعلاقتها الغامضة بهذا التنظيم.
هل من الممكن أن يختفوا من المنطقة؟
من الواضح أن سيادة تنظيم داعش في المنطقة يتقلص وذلك بسبب إنهاكها عسكريًا من الدول المشاركة في الحملات العسكرية والتي بدأت في سبتمبر 2014 فضلا عن الحملات العنيفة ضدهم في العراق والتي استطاعت تحرير الموصل ونينوى من قبضتهم في وقت سابق من هذا العام، إلا أن وجودهم في سوريا لا زال محاطًا بالكثير من الغموض حيث لا تلوح بشائر لانتهائهم بشكل تام في الأراضي السورية ولا زلنا في انتظار الأيام القادمة لمراقبة ما تفصح عنه وتخبئه لنا عن مصير هذا التنظيم.
خاتمة
بعد استعراض أهم أسباب تواجد تنظيم داعش في المنطقة ومصادر دعمهم وأهدافهم وتاريخهم ونشأتهم لعلنا ندرك الآن أن داعش فيروس في جسد الأمة العربية يجب علينا التكاتف لمواجهته بكل قوة وحزم حتى يتلاشى تمامًا بعد كل هذا الدمار الذي سببه في المنطقة.