ترتيب لوحة المفاتيح أمر أثار تعجبنا جميعاً حين تعاملنا مع الكمبيوتر لأول مرة، وراودنا التساؤل حول سر الترتيب العجيب للحروف، والأساس الذي اتخذ لتلك التوزيعة التي تبدو في ظاهرها عشوائية، ولماذا لم يلتزم المصمم عند ترتيب لوحة المفاتيح بالترتيب الأبجدي للحروف الخاصة بكل لغة؟.. لنتعرف معاً على السر وعلى الحكمة من ذلك.
الحكمة من ترتيب لوحة المفاتيح بهذا الشكل :
الوضع الحالي لـ ترتيب لوحة المفاتيح ليس عشوائياً، بل إنه قائم على العديد من الدراسات، وتم تطويره أكثر من مرة لنصل إلى الوضع الحالي، والذي يعتبر من وجهة نظر العلماء مثالياً ويسهل من عملية الكتابة، فما دليلهم على هذا؟ ولماذا هذا الترتيب بالذات؟
الترتيب كان أبجدياً :
السؤال الأكثر شيوعاً والبديهي في ذات الوقت، هو لماذا لم يتم ترتيب لوحة المفاتيح بالترتيب الطبيعي للحروف الأبجدية؟، ولكن قبل التعرف على الحكمة من ذلك، كان علينا الإشارة إلى أن الترتيب في بادئ الأمر كان أبجدياً بالفعل، وأول من قام به كان الصحفي والمخترع الأمريكي كروستوفر شولز الذي ابتكر الآلة الكاتبة، والتي هي أول ماكينة استخدمت في التحرير والطباعة على الورق مباشرة.
الترتيب الأبجدي وصعوبة الكتابة :
بعد نجاح اختراع شولز واستخدامه على نطاق واسع، توجه إليه أحد الأصدقاء بنصيحة متعلقة بتوزيع الحروف الهجائية و ترتيب لوحة المفاتيح ،إذ رأى إن الالتزام بالترتيب الأبجدي يعيق مستخدم الآلة، ويُبطئ من سرعة كتابته على الآلة الكاتبة، وكان اقتراحه أن يتم التحرر في الإصدار الثاني من الآلة الكاتبة من الالتزام بالترتيب الهجائي، وأن يتم توزيع الحروف على أزرار الآلة بالشكل الذي يضمن أن تكون الكتابة عليها أكثر سرعة، وبالفعل اقتنع شولز بفكرة صديقه وبدأ في دراسة الأمر، وقام بوضع أكثر من تخطيط وتصور لتوزيع الحروف على الأزرار.
نظام QWERTY :
النظام الذي وضعه شولز لـ ترتيب لوحة المفاتيح سُمي بنظام QWERTY، وهو مصطلح بلا مدلول فقد تم اقتباسه فقط من الأحرف الستة الأولى في لوحة المفاتيح، وهو النظام المُتبع حتى اليوم في ترتيب كافة أنواع لوحات المفاتيح، سواء المتعلقة بالآلة الكاتبة أو أجهزة الكمبيوتر أو لاب توب وحتى الهاتف الخلوي، وبمعنى أصح فإن كل جهاز إلكتروني يستخدم في الكتابة حروفه مرتبة بذلك النظام، والسؤال هنا هو ما الميزة التي تتوفر بهذا الترتيب ولم تكن متوفرة بالترتيب الأبجدي؟!
ميزة نظام QWERTY :
ترتيب لوحة المفاتيح الحالي هو ترتيب غريب ولكنه ليس عشوائي، فقد تم ترتيب الحروف بالشكل الذي يسمح للكاتب باستخدام كلتا يديه عند الكتابة، أي إن مصصمي لوحة المفاتيح حرصوا على وضع الحروف الأكثر استخداماً في منتصف لوحة المفاتيح، ثم على الحواف وضعت الأحرف الأقل استخداماً، وكذلك حرصوا على تباعد الأحرف التي كثيراً ما تأتي مقترنة في كلمة واحدة، بحيث يمكن للمستخدم أن يكتبها بكلتا يديه، وبالتأكيد ذلك سيزيد من سرعة الكتابة وبالتالي يضاعف الإنجاز ويُقلص الوقت، وللتأكيد على صحة تلك النظرية المتعلقة بـ ترتيب لوحة المفاتيح ،للنظر ببعض الأمثلة في اللغة الإنجليزية :
- كلمة (English): عند كتابتها سنجد إننا نكتب حروف E,G,S,H باليد اليسرى، بينما N,L,I,H تكتب باليمنى.
- كلمة (And): أيضاً سنجد إننا نستخدم كلتا يدانا في كتابتها، حرفي A,D باليسرى وحرف N باليمنى.
والأمثلة على ذلك لا نهائية، خاصة بالنسبة للكلمات المتكونة من مقطعين أو أكثر، يمكننا تجربة كتابة Perhaps، England، From..
ترتيب لوحة المفاتيح نظام عالمي :
يعتبر نظام الـ QWERTY في ترتيب لوحة المفاتيح نظاماً عالمياً، أي إن تم تطبيقه بمختلف لغات العالم، فلا نجد أي لغة حروفها موزعة على لوحة المفاتيح وفقاً للترتيب الأبجدي، ودليل ذلك حروف اللغة العربية على لوحة المفاتيح، سنجد إنها موزعة بالأسلوب الذي يحقق نفس الهدف الذي وُضع من أجله نظام QWERTY، حيث تم توزيعها بالشكل الذي يسمح باستخدام كلتا اليدين في كتابة أغلب الكلمات، والأمر نفسه ينطبق على توزيع الأزرار التي تكتب الهمزات أو تضع التشكيل وعلامات الترقيم، فجميعها موزعة بالشكل الذي يُسهل الوصول إليها مع الضغط على زر Shift في آن واحد.