تحقيق الثروة تقريباً هو الحلم الذي يجمع بين جميع البشر على اختلاف ثقافتهم وجنسياتهم وانتماءاتهم الدينية والعقائدية، فليس هناك من لا يطمح إلى رغد العيش وتذوق لذة النجاح المهني والشخصي. لكن الإحصاءات تشير إلى أن نسبة ضئيلة من البشر هم من تمكنوا تحقيق الثروة وإرضاء طموحاتهم، أما النسبة الغالبة فقد فشلت في ذلك وبقيت على وضعها.
لماذا نفشل في تحقيق الثروة ؟
رصد المحللون وعلماء الاجتماع مجموعة فروق بين من تمكنوا من تحقيق الثروة والنجاح المهني ومن فشلوا في ذلك وقضوا أغلب سنوات حياتهم واقفون عند النقطة التي بدأوا منها، وأوجز الخبراء مسببات الفشل في تحقيق الثراء في مجموعة سلوكيات أو معتقدات خطائة، أهما التالي:
الادخار من أجل الادخار :
من أهم أسباب الفشل في تحقيق الثروة التي يطمح إليها الشخص هو إنه يقوم بادخار النقود التي يربحها، اعتقاداً بأن زيادة الرقم المدون في رصيده البنكي سيحقق له الثراء المرغوب، بينما الحقيقة أن تلك النظرة السطحية لأساليب تكوين الثروة لن يجنى من وراءها إلا الفشل، حيث أن نمو معدلات إيداع الأموال في البنوك تلك الحالة سيكون شديد البُطء، كما أنه يقتل الطموح إذ أن الادخار سيتطلب حفاظ الشخص على وظيفته لدى الغير وقد يضطر للحصول على وظيفة أخرى بدوام جزئي ليزيد معدلات ادخاره.
ولتجنب الفشل في تحقيق الثروة يقول علماء التنمية البشرية استناداً إلى السيرة الذاتية لمجموعة من أثرياء العالم، أن ادخار المال يجب أن يكون من أجل الاستثمار وليس من أجل الادخار في حد ذاته، مع ضرورة أن يكون نوع الاستثمار مرتبط بالطموح المهني والشخصي، بمعنى أن المضاربة في البورصة لا يعد استثماراً للمال إلا إذا كنت خبيراً في هذا المجال، فالأفضل أن يستثمر الشخص أمواله في مجال خبرته، ففي تلك الحالة سيتمكن من تنمية استثمارته في فترات قصيرة نسبياً ومن ثم مضاعفة أرباحه وتحقيق الثروة التي يطمح إليها.
استباق الأمور :
نرى مشاهير العالم الأكثر ثراءً يرتدون أحدث صيحات الموضة والسيارة خاصتهم تكون فارهة وأحياناً يمتلكون الطائرة الخاصة، لكن علينا الانتباه إلى أن ذلك هو نهاية المطاف، أي أنهم لم يحظوا بتلك الحياة التي تتسم بالرفاهية والترف إلا بعدما حققوا الثروة بالفعل، أما استباق الأمور والاتجاه إلى العيش في ترف في مرحلة مبكرة قد يؤدي للعكس ويكون أحد مسببات الفشل في تحقيق الثروة
لهذا ينصح أصحاب الخبرة في مجال المال والأعمال بأن يكون تركيز المستثمر أو الساعي نجو الثراء في البداية على مضاعفة أرباحه وتنمية استثماراته، لذلك عليه أن يعيد ضخ أغلب أرباحه في الاستثمارات الجديدة، ومع الوقت كلما نمت استثمارته سيتحسن مستوى معيشته بصورة تدريجية من تلقاء نفسه.
الاعتماد على مصدر دخل واحد :
من أهم العوامل التي تعيق تحقيق الثروة هو اعتماد الشخص على مصدر دخل واحد، لهذا الثروة لا تكون أبداً من نصيب الموظفين الصغار أو من يعملون لدى الغير، بينما رواد الأعمال والمبتكرين والفنانيين بإمكانهم تحقيق الثروة حيث أن هذه المجالا ترتكز بصورة أكبر على الإبداع والخروج عن المألوف وتعتمد على المهارة الخاصة.
لهذا ينصح أصحاب الخبرة بضرورة الاعتماد على العديد من مصادر الدخل في ذات الوقت، مع الحرص على أن تكون تلك المصادر متناسبة مع المرحلة التي يمر بها الشخص، ففي البداية يمكن الاعتماد على وظيفتين لادخار المزيد من المال، وفي المرحلة التالية يمكن تأسيس المشروع التجاري الخاص برأس مال متوسط وعمل على تنميته، ثم العمل على تنويع المجالات التي يعمل بها لتفادي ركود الأصناف أو انخفاض أسعار السلع وبالطبع لجني المزيد من الأرباح.. وهكذا، وبالطبع هذا مجرد مثال، فمصادر الدخل تختلف باختلاف مجال التخصص المهني، لكن القاعدة العامة هو ألا يقتصر الدخل على مصدر واحد فإن ذلك يتنافى مع المنطق، فالمصدر الواحد قد يكفي لتوفير حياة كريمة لكنه غير كافي بالمرة لـ تحقيق الثروة
التخوف من المجازفة :
من نجحوا في تحقيق الثروة ليسوا الأكثر ذكاءً بل هم الأكثر قدرة على المجازفة، فهؤلاء الذين يفضلون البقاء داخل نطاق آمن سيظلوا واقعون في أثر الوظائف التي تدر عليهم رواتب شهرية ثابتة، أما الباحثون عن الثراء فعليهم اتخاذ بعض الوثبات. دراسة التاريح تخبرنا بذلك، فإذا نظرنا بتاريخ كل شخصية ناجحة حولنا في أي مجال مثل بيل جيتس مؤسس ميكروسوفت أو مارك زوكربيرغ مؤسس موقع فيس بوك أو أثرياء الدول العربية، سنجد أن جميعهم قد اتخذوا قراراً في لحظة ما بتغيير نمط حياتهم التقليدي والمغامرة برؤوس أموالهم المتواضعة –آنذاك- في مشروعات كانت جديدة من نوعها، لكن كان لديهم إيمان داخلي بأنهم لن يفشلوا في تحقيق الأهداف وستطور أعمالهم ومن ثم يحققون الثروة.
لهذا من يسعى إلى تحقيق الثروة عليه أولاً أن يكون قادراً على المجازفة وأن يكون الصبر والمثابرة من صفاته، مع الإشارة إلى أن تلك المجازفة يجب أن تكون محسوبة نوعاً ما، فقبل الإقدام على أي خطوة لابد من عمل دراسة الجدوى اللازمة وتحليل الظروف المحيطة واستهداف المجال الذي يجيده، فهذا كله سيساعد على تحقيق نتائج أفضل في فترة زمنية أقصر.