توافق أغلب علماء الدين على تحريم تجسيد الصحابة والرسل في الأعمال الفنية بدرجات متفاوتة، حيث رأى البعض أن من الأفضل الامتناع بصورة تامة عن تصوير أي صحابي أو تابعي أو شخصية مؤثرة في التاريخ الإسلامي، بينما رأى آخرون أن المنع يقتصر على الأنبياء والرسول الكريم وآل البيت بالإضافة إلى الخلفاء الراشدين أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وعثمان بن عفان رضي الله عنهم، بينما الأكثر تساهلاً رأوا إمكانية تناول سيرة الصحابة دون إظهارهم بشخوصهم وهو النهج الذي سارت عليه أغلب الأعمال الدرامية من هذا النوع، إلا أن صُناع الفن السابع الجادين يرون أن ذلك يقيد حريتهم ويمنعهم من تقديم أعمالاً فنية عظيمة تساهم في نصرة الإسلام، تقدم العظة والمعلومة للمسلم وتصحح الصورة المغلوطة التي يحاول البعض ترويجها عنه.. فترى لماذا أصر أغلب علماء الدين على موقفهم؟ وما سر رفضهم تجسيد شخصيات الصحابة والأنبياء تمثيلياً.
أسباب تحريم بعض العلماء لـ تجسيد الصحابة :
حدد رجال الدين مجموعة العوامل أو الأسباب التي دفعتهم للقول بتحريم تجسيد الصحابة في الأعمال الفنية المختلفة وكانت كالآتي:
التجسيد ينافي أفضلية الصحابة :
عَظم الله -عز وجل- من قدر صحابة الرسول الأمي صلى الله عليه وسلم في مواضع كثيرة من القرآن الكريم، مما يجعل لهم الأفضلية ويضعهم في منزلة أعلى من باقي البشر، وكان ذلك أحد الأسباب التي دفعت النسبة الأكبر من علماء الدين للتأكيد على تحريم تجسيد الصحابة من قبل صناع السينما والدراما التلفزيونية وغير ذلك من الأعمال الفنية.
يؤكد الفقهاء أن تجسيد الممثلين لشخصيات الصحابة من الأمور التي تتنافى مع هذا التفضيل ويرون فيه حطاً من مكانتهم وتقليلاً من قدرهم، ولهذا تم التأكيد في أكثر من مناسبة على تحريم تجسيد شخصيات الصحابة والرسل تمثيلياً.
إغلاق باب التساهل والاستهانة :
أقر بعض علماء الدين بحُرمانية تجسيد الصحابة من باب الاحتياط خشية أن يكون تجسيدهم في الأعمال الدرامية والسينمائية سبيلاً إلى التساهل بشأنهم و وضعهم في موضع سخرية أو استهزاء والعياذ بالله، خاصة أن نوايا صناع العمل الفني لا يمكن الوثوق بها ولا يدر أحد دوافعهم الحقيقية لإنتاج مثل هذه الأعمال على حد قول العلماء المناهضين لـ تجسيد الصحابة تمثيلياً.
يستند معارضي هذا الأمر في رفضهم إلى أن الممثل مهما بلغت براعته لن يطابق الشخصية الحقيقية من حيث المظهر أو الجوهر، وأن كل ممثل يضيف لمساته الخاصة على الشخصية التي يؤديها وكل مخرج يتناولها من منظوره الخاص تبعاً لرؤيته الفنية وكل ذلك قد يؤدي إلى تشويه صورة الصحابة والأنبياء خاصة إذا كان المتلقي ليس على درجة كبيرة من الوعي والعلم.
المغالطات في تناول سيرة الصحابة العطِرة :
يرى بعض المؤيدين للرأي القائل بضرورة تحريم تجسيد الصحابة في الأعمال الفنية أن تلك الأعمال تقدم من منظور أصحابها، كما أن مدة عرضها تكون قصيرة نسبياً تتراوح ما بين 120 : 150 دقيقة إذا كان العمل سينمائياً وقد يمتد إلى 22 ساعة عرض تقريباً إذا كان مسلسلاً تلفزيونياً، وفي كلتا الحالتين تلك المدة غير كافية لاستعراض سَيّر الصحابة بالصورة الوافية واللائقة إبراز خلقهم ورصد كافة المراحل والأحداث التي مروا بها.
بناء على ذلك فحتى لو حسُنت نوايا القائمين على صناعة السينما والدراما فإنهم لن يستطيعوا تصوير حياة الصحابة بصورة دقيقة وبالشكل اللائق، مما قد يؤدي إلى اختلاط الأمر على المشاهد وتفسيره لبعض الوقائع بصورة مغلوطة، وأصحاب هذا الرأي يعارضون تناول القضايا الدينية بشكل عام من خلال الأعمال التمثيلية ويرون أن الكتب الدينية والدروس المتخصصة هي السبيل الوحيد لتعرف المسلم على دينه.