يعتبر تأخر الحمل لدى النساء من أكثر الأمور إزعاجاً، بل يمكن اعتباره كابوساً شديد القسوة أو شبحاً يطاردهن في كل زمان ومكان، ويزداد الأمر قسوة في مجموعة الدول العربية حيث أن الثقافة الشعبية الموروثة في معظم المجتمعات الشرقية تنظر إلى المرأة التي لم تحمل بعد فترة قصيرة من إتمام الزواج على أنها مصابة بنقص من نوع ما، مما يستبب في زيادة الضغوط العصبية والنفسية الواقعة عليها. تناول العلماء ظاهرة تأخر الحمل لدى بعض النساء بالدراسة على مدار العقود الماضية وقد توصلت تلك الدراسات إلى مجموعة العوامل والمسببات التي تؤدي إلى حدوث تلك الحالة، فترى ماذا تضمنت نتائج الدراسات؟ وما هي مسببات تأخر حدوث الحمل؟
أسباب تأخر الحمل لدى النساء :
تتنوع مسببات تأخر الحمل لدى النساء -وفقاً لما حدده العلماء- إلى مسببات عضوية مرضية أغلبها يتمثل في عيوب خلقية غالباً ما تولد الأنثى مصابة بها، وبين مجموعة سلوكيات وعادات خاطئة تضر بالصحة وتقلل من فرص حدوث الحمل وبشكل عام يمكن إيجاز تلك العوامل جميعها في الآتي:
أولاً : موانع حدوث الحمل الطبية :
يرجع تأخر الحمل في النسبة الغالبة من الحالات إلى وجود معوقات طبية تمنع اكتمال عملية تلقيح السائل المنوي الذكري للبويضة الأنثوية، مثل:
الاضطراب الهرموني لدى المرأة :
تعتمد أغلب العمليات الحيوية في جسم الإنسان بشكل عام وجسم المرأة على وجه الخصوص على نسب الهرمونات المفرزة بداخله، حيث أن تلك الهرمونات هي المتحكمة في معدلات الخصوبة وكذلك الرغبة الجنسية وصولاً إلى الدورة الشهرية وغير ذلك من العمليات الحيوية وعمل أعضاء الجسم.
بناء على ذلك فقد اعتبر العلماء الإفرازات الهرمونية غير المنتظمة أحد العوامل الرئيسية المسببة لحالات تأخر الحمل لدى النساء، سواء كان ذلك الخلل الهرموني متمثل في زيادة معدلات الإفراز أو نقصانها، حيث أن ذلك في النهاية يؤدي إلى عدم اكتمال عملية التبويض وبالتالي يعيق إتمام الحمل وبدء مراحل تكوين الجنين داخل الرحم.
انسداد قناة فالوب لدى المرأة :
تلعب قناة فالوب دوراً محورياً في عملية حدوث الحمل حيث أنها تعد الوسيط بين المبيضين وهما العضوين المسؤولان عن إنتاج البويضات لدى النساء، وبين الرحم وهو الجزء الذي يستقبل البويضة حيث يتم تلقيحها بواسطة الحيوانات المنوية الذكورية ومن ثم تبدأ مراحل تكون الجنين.
يكون تأخر الحمل في بعض الحالات راجعاً إلى حدوث عيباً في تلك القناة يؤدي إلى إعاقة عملية انتقال البويضة الملقحة من المبيضين إلى الرحم، وأشهر تلك المعوقات ما يعرف طبياً بمصطلح انسداد قناة فالوب، أما عن الأسباب المؤدية لحدوث ذلك الانسداد فهي متعددة ومتنوعة وتفوق ما يمكن حصره، إلا أن أكثر المسببات شيوعاً خوض المرأة تجربة إجراء عملية جراحية سابقة في عضو الرحم أو التعرض إلى بعض الملوثات، وفي كل الحالات يجب علاج الأمر تحت إشراف طبي متخصص وإلا سيكون الأمر بمثابة عقم كامل ولن يحدث الحمل مهما طالت مدة الانتظار طالما أن تلك الحالة الصحية قائمة.
المشاكل الصحية المتعلقة بالرحم :
تلك المشكلة المسببة لـ تأخر الحمل لدى بعض النساء هي الوجه الآخر للعامل المسبب سابق الذكر وهو انسداد قناة فالوب، حيث أن انسداد قناة فالوب يمنع وصول البويضات الأنثوية إلى الرحم حيث يتم تلقيحها، بينما مشاكل الرحم الصحية قد تكون سبباً في منع وصول السائل المنوي الذكوري إلى الرحم ومن ثم لا تُلقح البويضات رغم إنتاجها وبناء على ذلك يكون من المستبعد احتمال حدوث الحمل.
مشاكل الرحم الصحية تتخذ العديد من الأشكال ومن الصعب إيجاد تعريف واضح أو حصر ثابت ومحدد لها، إلا أن النسبة الغالبة منها تتمثل في عيوب خلقية تولد الأنثى مصابة بها، وفي تلك الحالة يمكن علاج هذه المشكلات عبر التدخلات الجراحية.
ارتفاع نسبة الهرمونات الذكرية :
صدق أو لا تصدق فإن أجسام النساء تحتوي على العديد من هرمونات الذكورة إلا أن أجسامهن في الحالات الطبيعية تقوم بإنتاج تلك الهرمونات بنسب ضئيلة، مما يضمن انتفاع أجسامهن بها صحياً دون التأثير على الوظائف الحيوية لأعضاء الجسم وخاصة العضو التناسلي الأنثوي.
في بعض الحالات يكون تأخر الحمل ناتج عن خلل هرموني متسبب في زيادة نسبة الهرمونات الذكرية عن الأنثوية، مما يؤدي إلى اضطراب عملية إنتاج البويضات وبالتالي يحول دون إمكانية حدوث الحمل من الأساس، وتعرف تلك الحالة علمياً بأسم تكيس المبايض أو متلازمة تكيس المبايض وهي من أخطر مسببات تأخير الحمل.
اختلال نمو البويضة :
من بين أكثر العوامل المسببة لـ تأخر الحمل لدى النساء شيوعاً ظاهرة عدم اكتمال نمو البويضة، حيث أن بعض النساء لا تنمو البويضات لديهن بالشكل الصحيح داخل الرحم، أي أن نموها لا يكتمل بالقدر الكافي كي تكون مستعدة لاستقبال الحيوان المنوي ومن ثم حدوث التلقيح.
النساء المصابات بتلك الحالة تنخفض بالنسبة لهن احتمالات حدوث الحمل الطبيعي وعادة ما يكون الحل الوحيد اللجوء إلى إجراء إحدى عمليات التلقيح الطبي مثل عمليات الحقن المجهري وما يماثلها من آليات أخرى.
ثانياً : موانع تتعلق بالسلوكيات ونمط الحياة :
حدد الأطباء بعض الأمور المتعلقة بنمط الحياة غير الصحي الذي قد يكون سبباً في تأخر حدوث الحمل لدى بعض النساء، ومن أبرز تلك العوامل وأكثرها تأثيراً ما يلي:
التعرض إلى الكيماويات والمعادن والسموم :
رصدت بعض الدراسات أن طبيعة عمل الأنثى قد تكون سبباً في تأخر الحمل لديها، حيث أن التعرض بصورة مستمرة إلى بعض المعادن أو الكيماويات في بيئة العمل والتي تؤثر على أداء الدورة الشهرية لديهن، كما أن تلك العناصر يكون لها تأثير مباشر على معدلات إفراز بعض الهرمونات وبالتالي تتسبب في انخفاض نسبة الخصوبة لديهن وتقلل فرص حدوث الحمل.
إدمان التدخين :
يعتبر التوقف عن التدخين أحد القرارات الهامة الواجب اتخاذها خلال مرحلة الاستعداد للحمل، حيث ثبت علمياً أن تدخين السجائر أو تدخين الشيشة أو غير ذلك من أشكال استهلاك التبغ ينعكس بالعديد من الأشكال السلبية على صحة المرأة ويقلل من الخصوبة ويحد من احتمالات نجاح عملية حدوث الحمل.
ثبت علمياً أن إدمان التدخين يؤثر يجعل البويضات المنتجة في جسم المرأة هزيلة وبالتالي يكون من الصعب تلقيحها، كما أن خطورة التدخين لا تتوقف عند هذا الحد، بل إنها تزيد من احتمالات تشوه الجنين في حالة حدوث الحمل فعلياً.
استهلاك المشروبات الكحولية :
كشفت الدراسات أن شرب الخمر قد يكون أحد أسباب تأخر الحمل لدى النساء، حيث كشفت الدراسات أن استهلاك المشروبات الكحولية يؤثر بصورة بالغة على مستويات هرمون الاستروجين في جسم المرأة وهو الهرمون الذي يتم إنتاجه بنسب مرتفعة في المبيض ويحفزها على القيام بدورها المحوري في إتمام عملية الحمل، وبالتالي فإن إدمان الكحول يؤثر بشكل سلبي على معدلات خصوبة النساء ويؤخر الحمل وقد يمنع حدوثه بشكل مطلق.
أيضاً كشفت ذات الدراسات عن أن تأثير الخمر على المرأة الحامل لا يقل خطورة عن تأثير التدخين، حيث أن المركبات التي تحتوي عليها تلك المشروبات قد تتسبب في حدوث تشوهات الجنين في حالة حدوث الحمل وتعيق عملية نموه بالشكل السليم.