لا شك طبعًا أن لقب المليون شهيد هو لقب مقصور فقط على دولة الجزائر على الرغم من أن الكثير من الدول على مر التاريخ قد قدمت الكثير من الشهداء إلا أن الجزائر على وجه التحديد تُعتبر صاحبة الحق الحصري لهذا اللقب الذي ظهر في فترة مميزة من التاريخ العربي، لكن الأمر الجميل هنا أن اللقب الذي كان مجرد لقب خلال الفترة الأخيرة من القرن العشرين لم يعد كذلك مع مطلع القرن الحالي، فقد أصبح لقب بلد المليون شهيد موجود في المناهج الدراسية وجزء أصيل مما يقوم الطلبة بدراسته في مدارسهم، بيد أن السؤال يبقى كما هو مطروحًا، لماذا تُعتبر الجزائر بلد المليون شهيد بالذات؟
استشهاد أكثر من مليون شخص في بلد المليون شهيد
السبب الأول الذي يُعد بديهيًا ومنطقيًا إلى أبعد حد ممكن خلف لقب بلد المليون شهيد أن الجزائر بالأساس قد قدمت خلال فترة الاحتلال الفرنسي ما يقترب من هذا الرقم، وربما يعتبر البعض الرقم مُبالغ فيه إلا أنه في الحقيقة رقم واقعي وصحيح نظرًا لأن الجزائر كانت أكثر الدول المُحتلة مقاومة لهذا الاحتلال، حيث أنها لم تتوقف ولو ليوم واحد على مواجهة الاحتلال الغاشم بصدور عارية، وعلى الرغم من أن هذا الأمر صحيح وواجب على كل جزائري إلا أنه في أحيان كثيرة لم يكن يحدث بالصورة الصحيحة له ودون أن يستخدم العقل بها، كان الجهاد ضد الاحتلال بالقلب أولًا، وهو ما قاد إلى سقوط الكثير من الشهداء خصوصًا مع توافر الكثير من المعدات الحربية القاتلة مع الجيش الفرنسي.
اختزال حياة الشعب الجزائري بالمقاومة
لا نزال مع تلك الأسباب التي تجعل من لقب بلد المليون شهيد اللقب الأكثر ملائمة لهذا الشعب، والحقيقة أن هذا السبب يتعلق بماهية الشعب الجزائري وكونه أساسًا يعيش على المقاومة ويتغذى عليها، إذ أنه من النادر جدًا أن يكون هناك جد جزائري على قيد الحياة ولم يخض من قبل حروب الاستقلال، بل إن تلك الحروب كانت لا تُقسم الشعب إلى فئات المقاومة وعدم المقاومة، وإنما كل الشعب كان يقاوم ويُقاتل كجسد واحد يُسمى الجزائر، على العموم، ما نرمي إليه هنا أنه على الرغم من زعم البعض بعد استشهاد رقم كبير مثل المليون شخص خلال تلك الحملات إلى أننا لا نزال على يقين بأنه كان ثمة ما يزيد عن المليون مشروع شهيد، أو مليون شخص مستعدون للموت من أجل الجزائر.
قلة أعداد الشعب الجزائري
إذا استشهد مليون شخص من مئة مليون فإن تلك النسبة لن تكون كبيرة ومُلفتة، وسوف تقل درجة الأهمية طبعًا كلما كان العدد الكلي أكبر كالمليار مثلًا، لكن بالنسبة للجزائر فعندما استشهد مليون شخص كانت الأعداد بالكاد تصل إلى ضعف أو ضعفين، بمعنى أكثر دقة، لقد ضحت الجزائر، أو كانت على استعداد للتضحية بما يزيد عن نصف عدد شعبها، وهذا طبعًا ما يجعل الاستشهاد أمر تستحق الانتشار من خلاله والشهرة به، إذ أنه لا يُمكن ذكر الجزائر دون ذكر المليون شهيد وأكثر الذين تم تقديمهم خلال تلك المرحلة الحاسمة في تاريخ دولة الجزائر، وبشكل عام فإن الصحف والمحطات الإعلامية ساهمت في ترسيخ وصف بلد المليون شهيد وزيادة انتشاره بهذا الشكل المميز.