يقع هرم خوفو أو الهرم الأكبر كما يلقب في محافظة الجيزة بمصر، قد تم بناء الهرم بأمر من الملك خوفو ليكون مقبرة له ولأسرته، وقد تم بدأ البناء في عام 2560 ق.م، وظلت أعمال البناء جارية لمدة عشرين عام حتى انتهى في 2540 ق.م، ومع انتهاء أعمال البناء تراوح طول الهرم إلى 147 متر تقريبًا، ولكن نظرًا للظروف المناخية والعوامل المؤثرة انخفض طول البناء حتى وصل 138.8 متر، ولذلك يعد الهرم الأكبر أعظم وأضخم بناء عرفته البشرية لمدة تقارب الأربعة آلاف قرن، ومن الجدير بالذكر أن من قام بالهندسة والإشراف على أعمال البناء هو الوزير حم إيونو لأنه كان ذو دراية وعلم كبير بأمور الهندسة والمعمار، ومع التدقيق في بعض قواعد وأحجار الهرم أتضح لنا أنه هناك الكثير من الأسرار التي جعلته أحد أهم عجائب الدنيا السبعة، ولذلك سنقوم بتوضيحها في مقالنا هذا.
أحجاره التي حيرت العلماء
في دراسة أجريت مطلع القرن الواحد والعشرين أتضح أن عدد أحجار الهرم الأكبر يتجاوز المليونين ونصف حجر، ويبلغ حجم كل واحد منهم ما بين اثنين إلى سبعة عشر طن تقريبًا، ومع رؤية هذه الأرقام يتضح لنا أن هذا البناء غير عادي في وقتها، حيث أنه كيف نقلت هذه الأحجام من الحجارة في الوقت التي لم تكن تتوافر فيه طائرات أو شاحنات ثقيلة، بالتأكيد الأمر غريب ومحير وقد اختلفت الآراء حول مصادر هذه الأحجار الهائلة، فيقول البعض أنها قد جلبت من أسوان عن طريق نقلها بواسطة حاملات وسفن تسير في النيل، والبعض يقول بأنها قد جلبت من هضبة الجيزة التي تقع في الحدود الشرقية للصحراء الغربية، حيث قام العاملين بتقطيعها من الهضبة ووضعها مباشرة في البناء، والبعض يقول أنها قد أتت من أحد محاجر طره القديمة وانتقلت بواسطة النيل أيضًا، والرأي الأخير وهو الأقرب للصواب يقول بأنه قد تم صنع الأحجار بواسطة العاملين من صخور الكلس والحصى.
في النهاية قد جلبت الأحجار وتم تقطيعها بطريقة أشبه بالخيال حيث أنها حادة من الأطراف وذو ملمس ناعم ومستقيم، وذلك لكي تلتصق الأحجار بعضها ببعض بصورة سليمة لكيلا يحدث أي خلل في الهرم الأكبر مع مرور الوقت، والمدهش في الأمر أنه كيف تم تقطيع الحجارة بهذه الكفاءة العالية، ولذلك تعد أحجار الهرم الأكبر أحد أهم العوامل التي جعلته ضمن عجائب الدنيا السبعة.
التجويف الكبير الموجود بداخل الهرم الأكبر
يوجد في الهرم الأكبر تجويف داخلي تصل مساحته إلى ثلاثين متر ونصف، وقد تم بناءه لغرضين الأول هو حماية التماثيل والكنوز والبرديات التي بداخل الهرم من عمليات السرقة المتوقعة من اللصوص، فكما تعرفون أن المصري القديم كان يؤمن تمامًا بالبعث والخلود بعد الموت فلذلك كان يضع الأشياء الثمينة والهامة لديه لكي ينتفع بها عند البعث، ولذلك تم عمل تجويف فارغي لا يوجد به أي أبواب أو ممرات بهدف إضلال اللصوص، والغرض الثاني هو تخفيف العباء والضغط الواقع على قاعدة الهرم الأكبر وتحديدًا غرفة البهو الكبير، وذلك لأن المصري القديم كان يقوم ببناء الهرم فوق سطح الأرض بدون أي حفر أو تعميق، مما يجعله يحتاج إلى عمل ممرات وفراغات في القاعدة لكيلا يحدث أي خلل في قاعدة الهرم تؤدي لتساقطه بالكامل، وهذا ما أثبتته طريقة بناء أغلب الأهرامات المصرية فهي تأتي بنفس الطريقة والأسلوب، فالأهرامات عامة هي فن عجيب قد تشكل في وقت تنعدم فيه الإمكانات والتطورات.
كيفية وضع ملايين الأحجار بهذا الأسلوب
في الحقيقة إن طريقة وضع أحجار الهرم الأكبر هي لغز محير جدًا وقد اختلف العلماء والمفسرين في ماهية الأمر، فبعضهم يقول انه قد تم عمل زلاقة كبيرة بأسفلها أفرغ طويلة من جذوع الشجر ويتم دحرجة الأحجار بواسطة بكرات، وهو أمر غير ممكن أو صعب بعض الشيء، ويوجد رأي أخر يقول إن المصريين قاموا بعمل طريق من الرمال يعلو كلما ازداد علو الهرم، وتم وضع بعض الأخشاب العريضة لكي يسهل تحرك الأحجار عليها، ثم قاموا بوضع الأحجار وربطها بالحبال حتى يقوم العمال بشدها من الأعلى، وهو احتمال وارد الحدوث بنسبة كبيرة جدًا، وهناك رأي أخر يقوله أحد العلماء استنادًا على ما وجده من برديات تثبت صحة كلامه، وهو نقل الحجارة عن طريق طائرات ورقية، فقد وجد هذا العالم بعض البرديات مرسوم بها مجموعة من الرجال يمسكون بحبال طويلة توصلهم لطائرة ورقية في السماء، وتستطيع هذه الطائرة حمل كتل من الأحجار الكبيرة، هذه هي أقرب النظريات للصواب بعيدًا عن بعض النظريات التي ليست لها أي أساس من الصحة ولذلك لن نذكرها هنا.
معجزة تصميم وبناء الهرم الأكبر
من ضمن العوامل الهامة التي جعلت الهرم الأكبر أحد عجائب الدنيا السبع هو طريقة تصميمه وعملية البناء، حيث أن المهندس الذي وضع شكل الهرم وانحناءاته المحددة والميلان الدقيق للغاية هو عبقري بكل تأكيد، فلو قام أي مهندس أو عالم بوضع تصميم لبناء بنفس هذا الشكل فلن يتجاوز الألف عام إلا وانهار، ولكن كل هذه المدة التي تقارب خمسة آلاف عام وهو بنفس هيئته حقًا إنه لشيء مذهل، وأيضًا قد أجريت عملية حسابية بسيطة منذ عدة أعوام أتضح فيها أن بناء هرم بنفس هذا المحتوى يكلف ثمانية عشر مليون دولار أمريكي تقريبًا، هذا بجانب جلب آلاف العمال للبناء، وفي هذا الوقت تحديدًا لا تكفي الأيدي العاملة بناء هذا الهرم في عشرين عام فقط، مع العلم أن المصري القديم كان لا يعمل سوى ثلاثة شهور فقط، وذلك لأن الزراعة تنقطع فيها بسبب الفيضان فبالتالي يلجئ للأعمال الأخرى.
هذا بالإضافة إلى أنه في وقتنا الحالي لا يتم بناء أي مبنى إلا بعد تعيين التربة وعمل اختبار لها، ومعرفة مدى قوة تحملها عن طريق الأجهزة الحديثة وكام تستغرق من الأدوار وغيره، فكيف بالمصري القديم أن يعرف كل هذا وهو في عصور قديمة لا تعرف التقدم والتكنولوجيا، ولذلك صنف الهرم الأكبر ضمن قائمة عجائب الدنيا السبعة.
مراكب الشمس العجيبة
يوجد بجانب الهرم الأكبر سبعة حفر خمسة منها للهرم الأكبر واثنين للأهرامات المجاورة، ويوجد ضمن هؤلاء الخمسة حفرتين بهما مراكب شمس مفككة، وقد تم تركيب واحدة منها في 1960 والثانية لا زالت كما هي وسيتم تركيبها في المستقبل على حد كلام الخبراء، وهذا المركب مكون من عشرة مجاديف مصنوعة من خشب الأرز اللبناني، وعشة، وسقالة لكي ترسوا عليها المركب عند الوصول للشاطئ، ومع تدقيق النظر في هذا المركب تبين أنه لم ينزل إلى الماء وتم صناعته في نفس المكان الذي وجدناه فيه، عامة قد تم تركيب المركب الشمسي الأول، وأما المركب الثاني فلم ينتهي الخبراء من تركيبه إلى الآن ولكنه قد تم تجميع محتوياته التي تشير إلى أنه مركب شراعي كبير.
الكاتب: أحمد علي