لماذا يحدث النعاس بعد الأكل وكيف يمكن تجنب هذا الأمر؟

النعاس بعد الأكل ظاهرة بين جميع البشر على حدًا سواء. ولكن تزيد أو تقل بحسب النظام الغذائي واليومي للفرد. ولها مسببات كثيرة منها ما نستطيع التحكم فيه ومنها الخارج عن إرادتنا. لذلك وجب التعرف على مسببات النعاس بعد الأكل، حتى نتجنبه. ومعرفة كيفية التغلب على النعاس والتعب للقيام بمهامنا بشكل طبيعي.

أسباب الشعور بالتعب بعد الأكل

هناك عدة أسباب متنوعة للشعور بالتعب والنعاس بعد الأكل، ونذكر منها التالي:

جسم الإنسان يفرز مادة كيميائية تسمى “الأدينوزين”. هذه المادة تعمل على تشجيع الجسم وتحفيزه إلى النوم. ويزيد بناء هذه المادة خلال فترة استيقاظ الإنسان، وتزيد كلما اقترب موعد النوم. من ناحية أخرى تعمل إيقاع الساعة البيولوجية عند الإنسان في التغلب على هذه المادة لمكافحة الشعور بالنعاس خلال النهار. أما في فترة الظهيرة يحدث خلل في هذه المنظومة، ويتزامن الخلل بعد الأكل مباشرة. لذلك تشعر بالتعب والنعاس بعد الأكل.

الوجبات التي تحتوي على الكربوهيدرات، هي من أكثر مسببات النعاس بعد الأكل. لأن جزئي الكربوهيدرات هو جزئي معقد، ويحتاج لأنزيمات معينة لتكسيره وتحويله إلى جلكوز ويستفاد منه الجسم. هذه العملية تحدث بالأمعاء وقد تضر الجهاز الهضمي وتُحدث بعض الاضطرابات. وفي كل الأحوال سيحتاج الجسم لبذل مجهود أكبر للتخلص من كل كمية الكربوهيدرات الوافدة له. مما سيدفعه لاستهلاك طاقة أكبر وبالتالي ستشعر بالتعب.

تدفق الدم للمعدة والأمعاء سيزيد كلما تناولت وجبة كبيرة. لأن الجهاز الهضمي سيحتاج للطاقة أكبر لإتمام مهامه. وبالتالي يتوفر دم وطاقة أقل للمخ، فيعجز عن التركيز والقيام بوظائفه بفاعلية. ويزيد الإرهاق والشعور بالنعاس الشديد.

عندما تبدأ المعدة في عملها، تفرز حمض يرفع من حموضة المعدة. بالتالي ينتج الجسم جزئيات البيكربونيت لمعادلة هذه الحموضة. فيدخل جزء من البيكربونيت إلى الدم ويزيد من قلوية الدم. هذا التغير يعمل على الشعور بالنعاس والتعب.

بعض الأشخاص يعانون من حساسية تجاه أكلات معينة دون إدراك منهم. مثل الحساسية من الخميرة، الصويا، اللبن، اللحوم، والقمح. هذه الحساسية تزيد من رغبة النعاس بعد الأكل. ولذلك يفضل شرب اللبن بالليل قبل النوم لأنه يرخي الأعصاب أيضًا، بدلًا من الصباح.

نقص البوتاسيوم في الجسم يزيد من الشعور بالتعب والنعاس. خاصة إن وجدت مشاكل في امتصاص البوتاسيوم من الطعام.

الخمول بعد الأكل في رمضان

الخمول والنعاس بعد الأكل في رمضان، هو أمر شائع عند الصيام. وذلك لأن المعدة تبقى خاملة طوال اليوم وفجأة تستقبل كميات من الطعام وخاصة الدسم مرة واحدة. فترتبك المعدة وتقوم بطلب كمية من الدم لتقوم بعملها، مما يسحب الدم من المخ. وترسل إشارات عصبية لتنقبض الأوعية وتزيد من ضربات القلب، فيحدث خمول كامل للجسم. كما تزيد نسبة الأنسولين في الدم بشكل سريع وتهبط مجددًا بعد ذلك.

ويجب مراعاة هذه الأخطاء وتجنب الأكل الدسم والوجبات الضخمة. وتناول وجبات صغيرة على فترات متقاربة. ويجب أن تعرف أن هذا التعب هو أمرًا عاديًا ويمكن التغلب عليه باتباع الإرشادات الصحيحة.

النعاس بعد أكل السمك

بعض الأشخاص يعانون من النعاس بعد أكل السمك بالأخص. فيمنعهم ذلك من تناول وجبات السمك المفيدة في مرات كثيرة. وإليك السبب. وجود التربتوفان هو حمض أميني يتواجد بكثرة في الأسماك، يساعد الجسم في عملية استهلاك الطاقة. وهو عامل منوم ومضاد للشعور بالاكتئاب. وهو مهم جدًا في عملية إنتاج السيروتونين في المخ، وهو الناقل العصبي المسئول عن الشعور بالسعادة وغيابه يؤدي إلى التوتر. وعند ارتفاع نسبة هذا الحمض في الدم بعد تناول السمك، تزيد الرغبة بالنوم والنعاس بعد الأكل، كما يزيد الإحساس بالسعادة والخمول والاسترخاء.

النعاس بعد أكل الحلويات

الحلويات من أكثر المسببات للنعاس بعد تناولها. وذلك لأنها تحتوي على نسبة كبيرة من السكر والنشويات. وهما أهم المانحين للطاقة داخل الجسم بعد مرورهما بعمليات الأيض. فيحدث أولًا تحول سريع للسكر إلى جلكوز، فيرتفع نسبة السكر في الدم. فيجاوب الجسم هذا الارتفاع بإفراز أكبر للأنسولين لاستهلاك هذا السكر الإضافي بشكل سريع. وهذا هو السبب للشعور بالطاقة عند تناول الحلويات والشكولاتة في البداية.

بعد ذلك تزيد نسبة الأنسولين عن كمية السكر، لأن النشا لم يتحول بعد إلى جلكوز. فتبدأ نسبة السكر في الهبوط سريعًا بشكل مفاجئ في الدم. وتشعر أنت بهبوط ونعاس شديد واستهلاك كامل لطاقة الجسم. ونفس الكلام ينطبق على المشروبات الغازية، لأنها تحتوي على نسبة عالية من السكريات.

النعاس بعد الأكل لأسباب مرضية

بعد الأمراض تسبب النعاس بعد الأكل. ويمكن ملاحظة ذلك عند الشعور الدائم بالنعاس بعد كل وجبة، رغم اتباعك للمواصفات الغذائية المثالية. فيجب حينها استشارة طبيب مختص. من تلك الأمراض، السكري، الأنيميا، مشاكل بالكلية، خلل في هرمونات الغدة الدرقية، أو بعض أنواع الحساسية.

كما يزيد النعاس بعد الأكل مع وجود اضطرابات في النوم، أو عدم أخذ أقساط كافية من الراحة والنوم بالليل. وأخيرًا، قد تتسبب بعد الأدوية من النعاس ولا يكون السبب في الأكل. فيجب أن تلاحظ نفسك أو تسأل الطبيب الصيدلي عن الآثار الجانبية لكل دواء. لتفرق بين النعاس الطبيعي بسبب الدواء، والغير طبيعي بعد الأكل أو تفاعل دواء معين بشكل خاطئ.

كيفية التغلب على النعاس بعد الأكل

النقطة الأهم هي باتباع نظام تغذية صحي. أي بتناول الخضروات والفاكهة، والبعد عن الأطعمة الدسمة أو كثيرة الكربوهيدرات. مع الاهتمام بتناول الحبوب والألياف المفيدة. وتجنب تناول كميات كبيرة، خاصة بعد صيام رمضان.

يمكن تناول كوب من الشاي أو القهوة بعد الأكل، للتغلب على النعاس والقيام بما عليك. ولكن احذر من كثرة هذه العادة، لأنها تشكل خطر على امتصاص بعد المعادن المهمة مثل الحديد من الطعام. كما يؤثر الكافيين على عملية إفراز الكافيين الطبيعي داخل الجسم، مما يمنع إتمام العمليات الطبيعية التي تضبط النوم والاستيقاظ. فلا تقم بالشرب كثيرًا.

القيلولة القصيرة يمكن أن تكون حل بديل عن النوم، وذلك لخداع الجسم دون النوم لمدة طويلة. والقيلولة الصحيحة تتم في جو هادئ وظلام، لمدة من 10 إلى 20 دقيقة، ولا تزيد عن ذلك. فهذه هي المدة التي يسترخي فيها الجسم استعدادًا للدخول إلى النوم ولكن دون النوم فعليًا، وهذا هو المطلوب فقط.

تناول وجبة العشاء مبكرًا يساعد على التغلب على النعاس بعد العشاء ليلًا. مما يساعد على إنقاص الوزن على المدى البعيد.

الرياضة تنشط هرمون الأدرينالين الطبيعي بالجسم. لذلك ممارسة بعض الحركات الخفيفة مثل المشي واستنشاق الهواء الطلق، يساعد في التغلب على النعاس. والفكرة الأساسية التي تنشط أعصاب المخ وتخرجه فورًا من حالة الخمول التي استحوذت عليه.

مضغ العلكة تساعد على التغلب على الكسل بشكل عام. فيمكن الاعتماد على العلكة لتخلصك من الإرهاق.

غسل الوجه بمياه باردة، أو الاستحمام بمياه فاترة. هذا بسبب قدرة المياه على تنشيط الأعصاب الخاملة، خاصة إن صببت المياه بشكل مفاجئ على جسمك.

خاتمة

النعاس بعد الأكل ظاهرة طبيعية، وتنبيه للإنسان بخطأ ما يفعله وما يمارسه في نظامه الغذائي. وباتباع الإرشادات الصحيحة ستتخلص من المشكلة بعد اليوم.